نشرت صحيفة "لاستمبا" الإيطالية تقريرا استعرضت فيه مواقف الدول الإسلامية من الإعلان المرتقب لدونالد ترامب عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وحذرت من أن هذه الخطوة يمكن أن تتسبب في اندلاع حرب في المنطقة تقودها إيران، التي تبحث عن فرصة للعودة لحضن العالم العربي والسني.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمه "عربي21"، إنه يبدو أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد اتخذ قراره النهائي بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو ما يمثل اعترافا رسميا بأن هذه المدينة أصبحت عاصمة لإسرائيل. ولكن، من المرجح أن تدفع ردود أفعال زعماء الدول الإسلامية والحلفاء الأوروبيين البيت الأبيض لتعديل هذا الإعلان، عبر تأجيل تنفيذ القرار لمدة ستة أشهر.
وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي أعده الكاتب "جوردانو ستابيلي" أن سفراء دول الشرق الأوسط في واشنطن، بالإضافة إلى وكالة الاستخبارات المركزية، قد حذروا من أن ترامب بصدد اللعب بالنار. كما أشارت هذه الأطراف إلى أن هذه الخطوة قد تعود بالوبال على إسرائيل وعلى المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وتزيد من خطورة ظاهرة الإرهاب.
وأضافت أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وجه تحذيرا شديد اللهجة لنظيره الأمريكي، وهدد بقطع العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة والكيان الإسرائيلي في حال تنفيذ هذه الخطوة، معتبرا أن القدس تمثل خطا أحمر بالنسبة لكل المسلمين. وباتخاذ هذا الموقف، جعل أردوغان تركيا تقف إلى صف إيران في هذه الأزمة.
اقرأ أيضا: أردوغان يدعو لقمة إسلامية طارئة بشأن القدس.. ويحدد موعدا
وأوضحت أن أردوغان لم يكتف بتحذير الإسرائيليين والأمريكيين من مغبة نقل السفارة، بل وجه أيضا دعوة لاجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي، من أجل الدعوة لقطع العلاقات مع إسرائيل. وفي حين أن هذه الخطوة تعني للعالم الإسلامي الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، يطالب الفلسطينيون بجعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم.
وأشارت إلى الموقف الرسمي الإسرائيلي، الذي لطالما اعتبر أن القدس هي العاصمة الوحيدة والموحدة لهذا الكيان، الذي ضمها بعد حرب 1967. كما أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن "القدس هي عاصمة الشعب اليهودي منذ ثلاثة آلاف سنة وعاصمة إسرائيل منذ 70 سنة، سواء اعترف بها أردوغان أم لم يعترف". ومن جهته، عبر وزير النقل، يسرائيل كاتز، عن امتعاضه من تهديدات أردوغان.
وأوردت الصحيفة أن هذه التطورات خلقت حالة توتر شديد في المنطقة، حيث هددت حركة حماس باندلاع انتفاضة جديدة، فيما حذر محمود عباس من أن ذلك سوف يعني موت مسار السلام. أما الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فهي تتأهب لاحتمال وقوع ردة فعل عنيفة من الفلسطينيين. إلى جانب ذلك، كثفت الشرطة الإسرائيلية وجهاز المخابرات وقادة الجيش من الاجتماعات المشتركة خلال هذه الأيام للاستعداد لكل السيناريوهات.
وذكرت أن هذا القرار أدى لتوحيد مختلف القوى الفلسطينية، التي تستعد للتصدي له بكل السبل. فمن جانبها، دعت حركة حماس في غزة عشرات الآلاف من أنصارها للتظاهر، فيما ستخرج الفصائل الفلسطينية للشوارع في رام الله متحدة ضد دونالد ترامب.
وبينت أن هذه التطورات الخطيرة وغير المفهومة تركت عمان والقاهرة والرياض في حالة ذهول من الموقف الأمريكي. فقرار إعلان القدس عاصمة لإسرائيل سوف يطلق العنان لكل الجماعات المسلحة والتنظيمات المتطرفة في المنطقة.
وأفادت بأن الملك عبد الله يخشى من تداعيات هذا القرار على الاستقرار الداخلي في الأردن، خاصة وأن بلاده كانت ثاني دولة عربية تعترف بإسرائيل بعد مصر. واليوم، يتحدر أكثر من نصف سكان الأردن من أصول فلسطينية، ناهيك عن وجود أكثر من 700 ألف لاجئ سوري؛ وهو ما يمثل قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت بكل ما يعنيه ذلك من اختراقات من تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة.
وأشارت إلى الموقف المحرج الذي تواجهه السعودية، بما أن ولي العهد محمد بن سلمان كان قد خرق كل المحرمات في الفترة الأخيرة. فقد قام ولي العهد بزيارة سرية لإسرائيل، وأبدى انفتاحا على إمكانية الاعتراف بها بشكل رسمي، باعتبار أنه يسعى لإقامة تحالف قوي يجمعه بإسرائيل والولايات المتحدة لمواجهة إيران. والآن، قد يمثل قبول الرياض بالتخلي عن القدس تناقضا واضحا ومحرجا مع الرمزية الدينية للسعودية باعتبارها "خادما للحرمين الشريفين".
اقرأ أيضا: غضب وترقب في الشارع المصري "لوعد ترامب" بنقل السفارة للقدس
ونوهت الصحيفة بأن الجمهورية الإيرانية، بقيادة آية الله الخميني، ترى أن هذه الفرصة مواتية بالنسبة لها للعودة لحضن العالم العربي والسني، خاصة بعد عودة طهران بقوة للمشهد الإقليمي من خلال التدخل في سوريا والعراق. والجدير بالذكر أن إيران تحتاج لإعادة علاقاتها مع القوى السنية، وهو ما نجحت في تحقيقه جزئيا مع تركيا.
وفي الختام، اعتبرت الصحيفة أن الأمل الوحيد الذي لا يزال متبقيا لنزع فتيل الأزمة، هو إعلان دونالد ترامب أن القدس الغربية فقط هي عاصمة لإسرائيل، وإعطاء ضمانات للفلسطينيين بمنحهم الجزء الشرقي من المدينة المقدسة. وهو تعديل قد يجنب المنطقة كارثة حقيقية، إذ أن الدول التي أبرمت سابقا اتفاقات سلام مع إسرائيل، متحدية بذلك مشاعر شعوبها وتهديدات الجماعات المتطرفة، لن تتمكن الآن من الوقوف أمام جبهة المقاومة المسلحة التي تقودها إيران، والتي انضمت إليها تركيا بكل ثقلها.
مدن تركية تنتفض غضبا رفضا لموقف ترامب من القدس (شاهد)
ماذا ينتظر الشرق الأوسط بعد نقل السفارة إلى القدس؟
يلدريم لأمريكا: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل غير قانوني