تتواصل الأزمة الخليجية ضد
قطر، التي بدأت بقطع السعودية والإمارات العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، وفرض حصار بري وبحري وجوي عليها، إلا أن الأزمة لم تتصاعد في ظل تحرك دبلوماسي قطري ملحوظ، لا سيما تعزيز علاقاتها مع الدول الأوروبية.
وكان بارزا الموقف الأوروبي من الأزمة الخليجية، وكيف أن دولا عدة أدانت مطالب
دول الحصار وتدخلها في السيادة القطرية، وطالبت بحل الأزمة.
وقام وزير خارجية قطر بجولة لدول أوروبية، والتقى المسؤولين هناك، الذين أشادوا بالعلاقات القطرية الأوروبية، وأقامت قطر مناورات عسكرية عدة في ظل الأزمة.
وسعت قطر إلى توثيق علاقاتها الدبلوماسية الجيدة مع الدول
الغربية والأوروبية عن طريق تنظيمها زيارات خارجية دولية عدة، حرصت فيها على بناء تفاهمات، وتقريب وجهات النظر مع مختلف الدول للخروج من هذه الأزمة.
ورصدت "
عربي21" في ما يأتي أبرز الخطوات الدبلوماسية التي قامت بها قطر خلال الأزمة:
مواقف الدول الغربية
وأفادت الدوحة عبر وكالتها الرسمية للأنباء، بأنها حققت ما وصفتها بأنها "نجاحات مشهودة" عبر الدبلوماسية، "حاصرت" فيها الدول التي قطعت العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها، وفق تعبيرها.
وحشدت قطر تأييدا دوليا واسعا وتفهما من مختلف دول العالم، ساهم في إزالة كل ما من شأنه تعكير صورتها التي رسمتها وعملت عليها على مدار سنوات طويلة، عضوا فاعلا في المجتمع الدولي، وشريكا في حل الخلافات ووسيطا رئيسا لكثير من الأزمات.
ولقي الحصار الذي تتعرض له قطر اهتماما دوليا، إذ نظم وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، جولة في العاشر من الشهر الجاري، إلى دول الخليج بهدف تخفيف الأزمة، وقال إنه طرح مقترحات من شأنها المساعدة في حل الأزمة القائمة منذ نحو شهر.
وطالب وزير الخارجية الأمريكي برفع الحصار عن قطر في آخر تصريحاته.
وكان تيلرسون وقع في وقت سابق اتفاقا أمريكيا قطريا بشأن تمويل الإرهاب، في محاولة للمساعدة في تخفيف الأزمة، لكن معارضي قطر قالوا إن الخطوة غير كافية لتهدئة مخاوفهم.
وخلال زيارة وزير الخارجية القطري لبرلين، دعا وزير خارجية ألمانيا، غابرييل زيغمار، إلى ضرورة رفع الحصار المفروض على قطر، لأنه "يضرّ بجهود محاربة الإرهاب".
ولقي الحصار المفروض على قطر، انتقاد الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، الذي دعا إلى حل سلمي عبر الحوار، فيما صرح وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، للصحفيين في الدوحة، بعدما التقى مؤخرا نظيره القطري محمد بن آل ثاني: "تدعو فرنسا إلى رفع الإجراءات التي تؤثر على السكان، في أسرع وقت ممكن، خاصة الأسر التي تضم زوجين من جنسيتين مختلفتين وتفرق شملها أو الطلاب".
أما روسيا، فقد جاء موقفها حذرا في البداية، إلا أنه ما لبث أن تطور عندما عرضت موسكو تزويد قطر بالمواد الغذائية لفك الحصار.
ودعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى تسوية الأزمة على طاولة الحوار.
وحظيت قطر بدعم تركي بارز، خلال الأزمة، إذ أرسلت تركيا مواد غذائية للدوحة، وزاد من التواجد العسكري التركي في قطر.
وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن تركيا ستبذل أقصى ما في وسعها لحل المشاكل بين "الأشقاء في منطقة الخليج"، بينما يستعد لزيارة السعودية والكويت وقطر يومي 23 و24 تموز/ يوليو في جولة خليجية.
وكان وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، دعا السعودية وحلفاءها لإنهاء حصارها على قطر، وقال إن "ما يريد الناس رؤيته هو وقف تصعيد الأزمة وتحقيق تقدم نحو معالجة تمويل الإرهاب في المنطقة، وتجاه إنهاء هذا الحصار"، مضيفا أن "الحصار غير مرحب به، ونأمل أن يكون هناك وقف للتصعيد".
بدورها، حذرت الأمم المتحدة، مما وصلت إليه الأمور في دول الخليج، وقالت المنظمة في بيان رسمي، تعليقا على قائمة مطالب الدول الأربع المقاطعة لقطر، إن "الأمور وصلت لمرحلة خطيرة، وإن المنظمة تأمل أن تسعى دول الخليج إلى حل الأزمة عن طريق الحوار".
وردا على قائمة أصدرتها دول تحاصر قطر، وتضم شخصيات وهيئات خيرية منها مؤسسة قطر الخيرية، أكدت الأمم المتحدة أنها تلتزم بقوائم التصنيفات الإرهابية التي تصدرها مؤسساتها وليس أي جهة أخرى.
وأجرى وزير الخارجية القطري، محمد بن آل ثاني، مباحثات هاتفية مع نظرائه في تسع دول مع بداية الأزمة الخليجية.
وقالت وكالة الأنباء القطرية إنه جرى خلال الاتصالات "بحث العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتعزيزها، إضافة إلى مناقشة الأوضاع والتطورات الأخيرة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي".
وأجرى آل ثاني اتصالاته مع تونس، السودان، الجزائر، المغرب، باكستان، إيران، روسيا، سيرلانكا، وماليزيا.
وشملت جولة الوزير القطري ألمانيا التي التقى فيها نظيره الألماني، زاغمار غابرييل، الذي دعا إلى رفع الحصار المفروض على قطر، معتبرا إياه أمرا مرفوضا، ومؤكدا أن قطر شريك استراتيجي في مكافحة الإرهاب.
والتقى وزير الخارجية القطري في بروكسل مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، التي دعت الأطراف المعنية بالأزمة الخليجية إلى إنهاء التصعيد، واعتماد الحوار لحلها.
تعاون وتدريبات عسكرية
وتحظى قطر بعلاقات غربية ممتازة على صعيد التعاون العسكري، حيث انضمت إلى "مبادرة إسطنبول للتعاون" مع حلف الناتو، في 16 شباط/ فبراير 2005.
وأجرت قطر خلال الأسابيع القليلة الماضية، عددا من التمارين العسكرية المشتركة مع قوات دول غربية.
فيما أعلنت قطر تنفيذ تمرين تعبوي مشترك آخر مع القوات المسلحة البريطانية، في الوقت الذي تشن فيه دول عربية حصارا بريا وبحريا وجويا عليها.
وبحسب ما نشرته وزارة الدفاع القطرية عبر حسابها الرسمي في "تويتر"، الجمعة، فإن التمرين العسكري يحمل اسم "القرار الحاسم 13"، وسيستمر لمدة ثلاثة أسابيع.
ويأتي التمرين بعد خمسة أيام من اختتام تمارين مشتركة للقوات البحرية الأميرية القطرية مع القوات البحرية الملكية البريطانية في المياه الإقليمية لقطر 16 تموز/ يوليو الجاري.
وجرت تدريبات عسكرية في 16 حزيران/ يونيو الماضي، بين القوات البحرية الأمريكية وقطع بحرية من القوات الأميرية القطرية في مياه دولة قطر، تتعلق بالعمليات البحرية، إضافة إلى تمارين بالاشتراك مع الطائرات.
وشارك في التدريبات أكثر من تسع وحدات من الجانبين، وما لا يقل عن ثلاث فرق بحرية خاصة في عرض المياه الخليجية التابعة قطر.
وفي وقت تتواصل فيه الأزمة الخليجية، أعلنت الدوحة أن قوات تركية بدأت تدريبات عسكرية مشتركة في قطر مع نظيرتها القطرية في 19 حزيران/ يونيو الماضي.
وأعلنت وزارة الدفاع القطرية أن التدريبات "مخطط لها منذ فترة" وتهدف إلى "رفع الكفاءة القتالية للقوتين القطرية والتركية ومحاربة التطرف والإرهاب وعمليات حفظ السلام قبل وبعد العمليات العسكرية".
وفي إطار اتفاقيات التعاون المشترك المبرمة بين القوات البحرية القطرية ونظيرتها الفرنسية، أجرت القوات البحرية الأميرية القطرية والقوات البحرية الفرنسية تدريبات عسكرية في 22 حزيران/ يونيو الماضي في المياه الإقليمية شمال قطر.
وشملت التدريبات مناورات بحرية للتدريب على الإبحار في المياه الضحلة والتزود بالوقود في عرض البحر، ومناورات تحاكي إطلاق مدفعية وصواريخ من على متن سفن حربية فرنسية وقطرية.