يظن المتابع للأزمة الخليجية والحصار الذي تفرضه دول مجاورة لقطر، بعد المطالب المسربة، ومنها تخفيض العلاقات الدبلوماسية مع إيران، أن العلاقات
القطرية الإيرانية استثنائية، في حين أن العلاقات
الإماراتية الإيرانية على سبيل المثال تفوقها بمراحل، بحسب ما تشير إليه المعلومات المتوفرة.
ورصدت "
عربي21" في هذا التقرير المعلومات والأنباء المتعلقة بالعلاقات الإيرانية الإماراتية المتبادلة، وحجمها وتفاصيلها وفق ما أعلن بشكل رسمي في المواقع المحلية في البلدين ووكالات الأنباء الرسمية، وما أفادت به تقارير إعلامية مطلعة.
فإلى جانب العلاقات العمانية التي يمكن أن تسمى بالاستثنائية مع إيران، وجزء منها عسكري، على الرغم من أن السلطنة عضو في مجلس التعاون الخليجي، فإن الإمارات العربية المتحدة تستحوذ على 80 في المئة من حجم التبادل التجاري بين إيران ودول المجلس، بحسب ما هو معلن.
ورغم أن إيران تحتل ثلاث جزر إماراتية، فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى ما يقارب 25 مليار دولار بين 2011 و2014، بحسب مصادر اقتصادية نقلت أرقاما بشكل رسمي، وأبقت الإمارات على علاقاتها التجارية القوية مع إيران، رغم الحصار الغربي الذي فرض بسبب برنامجها النووي.
ولم تقطع الإمارات علاقتها بإيران بعد الأزمة الدبلوماسية مع السعودية، عندما أقدم متظاهرون على الاعتداء على كل من السفارة والقنصلية السعوديتين في إيران، بعد إعدام رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر.
واكتفت الإمارات وقتها بتخفيض العلاقات الدبلوماسية، رغم أنها الجارة القريبة للسعودية، بينما دول أبعد منها مسافة وسياسة، مثل الصومال والسودان، قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران بعد الخطوة السعودية.
ورغم تخفيض التمثيل الدبلوماسي، فقد شارك مساعد وزير الطاقة الإيراني، محمد صادق زادة، في اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، في الإمارات، في سعي لجذب الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة، بحسب ما أكدته مواقع إيرانية.
وأشار زادة من أبو ظبي في زيارته علنية إلى أن بلاده قامت بتهيئة الأرضية للمستثمرين في مجال الطاقة، من خلال الشراء المكفول للطاقة الكهربائية، وعدد آخر من الحوافز.
وفي مظهر آخر من مظاهر الدعم الإماراتي لإيران منذ أيام الحصار الاقتصادي الغربي، استمرار العلاقات الاقتصادية، وكان آخرها تسليم الإمارات التي كانت أول المرحبين بالاتفاق النووي بين الدول العظمى وإيران، 4 مليارات و150 مليون دولار من مستحقات إيران على شركة بترول الإمارات الوطنية.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية، فقد تسلم ديوان المحاسبة المبلغ المستحق لطهران، وأودعه في البنك المركزي.
وكانت شركة بترول الإمارات الوطنية "إينوك"، وقعت عقدا طويل الأمد لشراء النفط الإيراني، وأصبحت الإمارات بذلك أكبر مشتر للنفط في آسيا رغم وجود البديل السعودي. وسجلت واردات "إينوك" من النفط الإيراني نحو 127 ألف برميل يوميا في عام 2012.
وبحسب أرقام الجمارك الرسمية، تعترف إيران بأن الإمارات العربية هي المصدر الأول إلى إيران، وتشكل صادراتها إلى إيران من نسبته 29 في المئة من إجمالي المستوردات، وتشكل إيران 10 في المئة من التجارة الإماراتية الخارجية.
وأنشأت شركة "روتانا" المسجلة في الإمارات أول سلسلة فنادق أجنبية في إيران، منذ الثورة الإيرانية وإلغاء جميع عقود الفنادق الأجنبية عام 1979.
ولدى الشركة مشاريع فندقية في طهران ومشهد، التي تأمل الشركة الإماراتية بأن تكون مدينة الحج المقدس الأخيرة مكانا جيدا للاستثمار في قطاع الفنادق.
ورغم المقاطعة الدبلوماسية أيضا لقطر "بسبب علاقتها مع إيران"، فقد زار وفد برلماني إيراني الإمارات العربية، برئاسة عضوة البرلمان الإيراني فاطمة ذو القدر، للمشاركة في اجتماعات الجمعية البرلمانية الآسيوية، حيث حذرت من أبو ظبي من انتشار "رُهاب إيران" في الإمارات، خصوصا مع وجود جالية إيرانية كبيرة هناك وعدد من المدارس.
وينتشر عدد كبير من المدارس الإيرانية في الإمارات الثلاث أبو ظبي، ودبي، والشارقة، ثمانية منها في دبي وحدها.
علاقات دبلوماسية
ومع اشتداد المعارك في سوريا، التي تشارك فيها المليشيات الإيرانية، إلى جانب الدعم الرسمي الإيراني لنظام الأسد، ورغم أنه ملف خلافي بين الإمارات العربية وإيران، إلا أن العمل الدبلوماسي الإيراني الإماراتي لم يتوقف.
وزار ظريف الإمارات العربية عددا من المرات، أبرزها عام 2014، حين التقى مع رئيس مجلس الوزراء الإماراتي، محمد بن راشد آل مكتوم، وشارك في اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة، والتقى نظيره الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان.
وفي العام ذاته أيضا، اجتمع نائب وزير الخارجية الإيراني لشؤون إفريقيا والشرق الأوسط، حسين أمير عبد اللهيان مع وزير الثقافة والشباب والتنمية الإماراتية، نهيان بن مبارك آل نهيان، لمناقشة العلاقات الثنائية.
وخلال اللقاء، أشار عبد اللهيان إلى حجم التجارة الكبير بين البلدين، والتأثير الإيجابي للعلاقات الودية، مشددا على تقارب وجهات نظر البلدين حول الحرب على الإرهاب.
وكشف عبد اللهيان، وقتها، عن مشاورات دائمة بين المسؤولين الإماراتيين والإيرانيين لتبادل وجهات النظر مع بعضهم البعض في مختلف المجالات.
وقال آل نهيان في اللقاء إن التطورات في المنطقة تتطلب جهودا صريحة لاقتلاع جميع أنواع التطرف في المنطقة.
وبعد هذه اللقاءات، كان اللقاء بين عبد اللهيان ووزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، في 2015، الذي أشاد حنيها بدور إيران في مكافحة الإرهاب والتطرف في المنطقة. واتفقت الإمارات وإيران وقتها على تشكيل لجنة عليا مشتركة خلال النصف الأول من عام 2015.
يشار إلى أن قطر ترفض قائمة الاتهامات التي ساقتها دول خليجية وعربية، أبرزها دعم الإرهاب في المنطقة، والتعاون مع منظمات مصنفة على أنها إرهابية، ومطالبها بتخفيض علاقاتها مع إيران لكي تتسق مع توجهات مجلس التعاون الخليجي، رغم عدم التزام دول المجلس بتوجهات موحدة، خصوصا ما يتعلق بالعلاقة مع إيران.