لطالما انتقد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب، سياسة إدارة باراك أوباما تجاه ملفات عديدة، وبينها الملف الليبي. ولكن السؤال الآن، بعد فوز ترامب بالرئاسة، هو عن خياراته المتاحة تجاه هذا الملف.
وكان ترامب قد اعتبر سابقا أنه "لا بديل عن قصف
ليبيا للقضاء على تنظيم داعش"، كما قال إنه "كان يجب أن نشترط على الثوار أن نأخذ نصف النفط مقابل مساعدتهم ضد القذافي". وإضافة إلى ذلك، تعهد ترامب "بترحيل أي مهاجر غير شرعي من الولايات المتحدة، وخاصة من ليبيا وسوريا"، وفق ما جاء في حوار مع شبكة "فوكس بيزنس" الأمريكية في آب/ أغسطس الماضي.
وأشار تقرير نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، الجمعة، إلى أن أهم أولويات ترامب في ليبيا هي "التشاور والسيطرة على المصالح المتضاربة للقوى الإقليمية ودول جوار ليبيا"، في حين توقع الباحث في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، فريدريك ويري، عدم حدوث أي تغير في السياسة الأمريكية تجاه ليبيا؛ لأن ذلك "قد يمنح قوى إقليمية حرية أكبر للتصرف"، حسب قوله لوكالة رويترز يوم الجمعة الماضي.
وبحسب مراقبين، فإن هذه التصريحات أثارت كثيرا من التخوفات حول الآلية التي سيتبعها ترامب في التعامل مع الوضع الداخلي في ليبيا، خاصة أن الطائرات الأمريكية لا زالت تقصف تنظيم الدولة في مدينة سرت، والأهم موقف الرجل الجديد من الجنرال خليفة
حفتر.
الموقف من حفتر
وقال أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة عمر المختار الليبية، رمضان بن طاهر، إن "صناعة القرار في الولايات المتحدة ناتجة عن توازنات ومشاركة مؤسسات كثيرة، ولا ترتكز على شخص مهما كانت صلاحياته، واواشنطن تراقب الوضع الليبي منذ بدايته وتساهم في تحريك بعض من اتجاهاته وجوانبه".
وأضاف لـ"
عربي21": "وبخصوص موقف ترامب من حفتر، فأرى أن الوضعية التي سيفرزها الصراع العسكري الحالي هي التي ستحدد الموقف الأمريكي من حفتر، وكذلك مدى فاعلية قرار المحكمة الجنائية الدولية الذي قد يشمل حفتر"، وفق تقديره.
أما الناشط الحقوقي الليبي، عصام التاجوري، فرأى من جانبه؛ أن "الرئيس الأمريكي الجديد لن يستمر في معالجة الملفات بالشرق الأوسط بنفس أسلوب الديمقراطيين، وهذه إشارة إلى أن الجمهوريين سيعيدون رؤية أمريكا في حلفائهم بالمنطقة، أنهم لن يراهنوا على وجود تيار إسلامي معتدل وآخر متطرف، فجماعة أنصار الشريعة مثلا أضيفت إلى قائمة الإرهاب بقرار أممي وليس أمريكيا".
وبخصوص موقف ترامب من
حكومة الوفاق في طرابلس، أوضح التاجوري لـ"
عربي21"؛ أن "الاتفاق السياسي أقر بالقرار 1259 سنة 2015 الصادر عن مجلس الأمن، والولايات المتحدة عضو دائم في المجلس، ومن ثم لا تستطيع الخروج عن هذا الإجماع، إلا إذا دعمت سحب هذا الدعم الدولي بإلغاء قرار مجلس الأمن".
رموز القذافي
لكن المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار، أشار إلى أن "ترامب لا يفهم إلا لغة المال والمصالح، وعليه، فإن قراراته وتحالفاته ستكون مبنية وفق المصالح والرأسمالية الأنانية، وهذه المصالح بكل تأكيد سيجدها مع رموز نظام معمر القذافي التي تحرك المشهد الليبي"، وفق تقديره.
وقال لـ"
عربي21": "من المتوقع أن تكون ردة فعل الرئيس الأمريكي الجديد لصالح الثورة المضادة وعلى رأسهم خليفة حفتر".
من جهته، قال الناشط السياسي الليبي، فرج فركاش، إن "تصريحات ترامب رغم أن بعضها منذ 2011، إلا أنها تعكس عقلية هذا الرجل وكيفية تعاطيه مع أي أزمة أو صراع".
وأضاف: "بخصوص ليبيا، لا أرى حدوث تغير جذري، كون الولايات المتحدة أحد الموافقين على قرار مجلس الأمن 2259 الداعم للمجلس الرئاسي وحكومته"، في إشارة إلى حكومة الوفاق.
وأضاف لـ"
عربي21": "أتوقع أن يميل ترامب للطرف الأقوى في المعادلة، والذي سيضمن له مصالح بلاده مستقبلا، لذا على الساسة الليبيين عدم التسابق إلى إعطاء الولاءات وطلب الرضا من الرئيس الجديد؛ لأن رضا الداخل هو الضامن الوحيد لبقائهم"، وفق قوله.