نشرت صحيفة "سلايت" الناطقة بالفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن شدة تأزم أوضاع
اللاجئين السوريين، الأمر الذي تسبب في انهيارهم نفسيا ومعنويا، وهو ما تم اكتشافه من خلال بحث أُجري في مركز رعاية تديره منظمة أطباء بلا حدود في محافظة البقاع بلبنان.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن البرد القارس يلاحق اللاجئين في البقاع
اللبناني، حتى في الغرف الضيقة لمراكز الرعاية التي تشرف عليها منظمة أطباء بلا حدود، والتي يتم فيها أخذ شهادات اللاجئين حول معاناتهم النفسية.
ومن بين الأطباء الذين يشرفون على رعاية اللاجئين؛ الأخصائية النفسية، نويل، التي اختارت العمل على معاينة الحالة النفسية للاجئين السوريين داخل مركز رعاية في قرية كسروان اللبنانية، ومساعدتهم على تجاوز العجز الذين يحسون به وهم يحاولون تغيير وضعهم المأساوي.
ونقلت الصحيفة عن الأخصائية النفسية قولها إنها عاصرت الحرب الأهلية في لبنان، عندما كانت صغيرة وعرفت معنى معاناة التنقل من بلدة إلى بلدة والتحصن في منزل أحد الأقارب كلما تصاعدت وتيرة العنف والاشتباكات. وأضافت نويل أن "حالة السوريين هي أسوأ بكثير، فهم مجبرون على مغادرة منازلهم وترك كل شيء وراءهم والبدء من جديد".
وأشارت الصحيفة إلى أنه بفضل خبرتها، تمكنت الأخصائية النفسية من أن تجعل اللاجئين الذين قابلتهم يمنحونها الثقة ويكشفون عما بداخلهم من معاناة.
ويتحدث اللاجئون عن أحاسيسهم أمام الآخرين بطريقة لا إرادية، ويستحضرون مشاعر من شأنها أن تؤثر على سلوكهم، كما تقول الصحيفة.
وفي مختلف مراكز الرعاية ومخيمات اللجوء غير الرسمية، التي يمثل فيها الرجال حوالي 60 في المئة، نجحت نويل في خلق صورة مختلفة عن المجتمع السوري، يحق فيها للرجال الانهيار وإظهار ضعفهم بين الحين والآخر.
وفي هذا الإطار، قالت الطبيبة النفسية: "في بداية الأمر، واجهتنا صعوبات في إقناع الرجال بأن يقبلوا بالخضوع إلى
علاج نفسي. كما أن العمل مع المنظمات غير الحكومية الأخرى لرفع مستوى الوعي بأهمية الرعاية النفسية؛ ساعدنا كثيرا في الوصول إلى هدفنا هذا. وبالفعل أدركت هذه الفئة أنه من المهم بالنسبة لهم التمتع بعلاج نفسي لتجاوز أزمتهم".
وأضافت الصحيفة أن أحد التحديات التي واجهت مهام نويل، هي فهم التغيرات في سلوك الرجال الذين تعرضوا إلى صدمات نفسية، والعمل على التخفيف من حدتها، لتجنب التأثير السلبي لهذه السلوكيات على عائلاتهم.
وفي الحديث عن الصعوبات التي تعيق الرجال عن الاستمرار في العلاج، أوضحت نويل أن "المخاطر المحيطة بحياة اللاجئين تمنع الرجال، من المجموعة نفسها؛ من الحضور بانتظام لجلسات العلاج النفسي، ولهذا ستحاول المنظمات غير الحكومية أن تمكنهم في الأشهر القادمة من التمتع بأنشطة نفسية واجتماعية لتدارك الوضع".
وفي الحديث عن حالة محمد، أضافت الصحيفة أنه في الأسابيع الأخيرة أصبح محور حديثه مع طبيبته النفسية، يدور حول ابنتيه شام وهالة والألعاب التي تفضلانها. وقد بدا محمد فرحا ومتفائلا خلال اللقاء الأخير، وأخبر نويل بأن السبب يعود إلى أن زوجته تنتظر مولودا جديدا.
كما أشارت الصحيفة إلى أن حالة عمر، وهو لاجئ آخر يتلقى العلاج النفسي تحت إشراف نويل، بدأت تتحسن منذ فترة، وبدأ يسترجع ثقته في نفسه، الأمر الذي ساعده على العودة إلى نمط حياته الطبيعية. والجدير بالذكر أن كلا من محمد وعمر قررا التوقف عن تلقي العلاج النفسي، لأنه تم تعيين نويل كمشرفة على الفريق، ولن تتمكن من مواصلة متابعة علاجهما بنفسها. في المقابل، قرر عمر تحمل المسؤولية وأن يكون أبا جيدا في هذه الفترة التي ينتظر فيها مولودا ثالثا.
وبيّنت الصحيفة أن أفراد عائلة عمر المكونة من والده ووالده وأشقائه؛ حصلت، في الأسابيع الأخيرة، على تأشيرة السفر إلى ألمانيا، وسيبقى هو وزوجته وبناته في لبنان. وفي هذه الحالة، سيضطر إلى تعلم كيفية العيش من دون والده، حسن.