أنهت
الحكومة اللبنانية جلستها العادية، الخميس، بالنأي عن تسجيل موقف، ولو مقتضب، حول سيل من المستجدات الساخنة التي تخصّ لبنان، في مقدمها تصنيف دول مجلس التعاون
الخليجي ومن ثم مجلس وزارء الداخلية العرب لحزب الله منظمة إرهابية، لما ارتكبه -بحسب التصنيفين- من أعمال إرهابية نتيجة تورطه العسكري والأمني في سوريا والعراق واليمن.
وكان مجلس التعاون الخليجي أصدر قراره بخصوص تصنيف
حزب الله منظمة إرهابية، وذلك بحسب أمينه العام عبد اللطيف الزياني بناء على "الأعمال
الإرهابية والتحريضية التي يقوم بها"، في حين جاء قرار مجلس وزراء الداخلية العرب ضمن مقرراته النهائية لدورته الثالثة والثلاثين في تونس.
لكن مصادر متطابقة أشارت إلى أن جلسة الحكومة، الخميس، التي انعقدت في السراي الحكومي ببيروت شهدت نقاشات "ساخنة" بين فريقين من الوزراء (14 و8 آذار)، حيث كان محور حديث وزراء 14 آذار مرتكزا على تحميل حزب الله مسؤولية تردي العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وتشير المعلومات الواردة من الوزراء إلى أن السجال بين قطبي الفريق الحكومي لم يخرج عن إطار اللياقة، بيد أنه كان لاذعا ضد حزب الله، وبالمقابل بدا وزيرا حزب الله في الحكومة (وزير الصناعة حسين الحاج حسن ووزير شؤون البرلمان الإدارية محمد فنيش) مستعدين لاحتواء الهجوم، ولم يبادرا إلى التصعيد، كما أنهما لم يطالبا الحكومة بإصدار أي بيان ردا على القرار الخليجي بخصوص حزب الله.
كتلة حزب الله: "قرار طائش وعدواني"
وفي مقابل الموقف الحكومي "المكبل"، صعدت كتلة "الوفاء للمقاومة" البرلمانية التابعة لحزب الله من هجومها ضد دول الخليج، وفي بيان صدر بعد اجتماع لها في الضاحية الجنوبية، اعتبرت الكتلة "قرار مجلس التعاون الخليجي عن حزب الله طائشا، ويتحمل النظام السعودي مسؤولية صدوره وتبعاته"، مشيرة إلى أن "إعلانه لم يكن مستغربا".
وأدانت قرار مجلس وزراء الداخلية العرب خلال اجتماعه في تونس أمس بتبني تصنيف حزب الله منظمة إرهابية، معربة عن "ارتياحها لاعتراض وزيرة الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على هذا الوصف التزاما بموقف الحكومة اللبنانية".
كما اعتبرت ما وصفته بتعمية الأمم المتحدة عن "الجرائم والأعمال الإرهابية التي تنفذها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وحملة الإبادة التي تقوم بها السعودية ضد الشعب اليمني، وصمة عار وتسقط صدقية المؤسسات الدولية عند كل شعوب العالم".
ماهو مصير الحكومة في ظل "المراوحة"؟
وعن الموقف الحكومي الغامض تجاه العديد من القضايا لاسيما قضية تصنيف حزب الله بـ"المنظمة الإرهابية"، قال الكاتب والمحلل السياسي جورج علم في تصريحات خاصة لـ"
عربي21": "لا قدرة لهذه الحكومة على الاستقالة، لأنه دستوريا يتوجب على رئيس الحكومة رفع كتاب الاستقالة إلى رئيس الجمهورية، وهو غير منتخب للآن، لكن من الممكن أن يلجأ الرئيس سلام إلى الاعتكاف والاكتفاء بدور تصريف الأعمال، وهو ما حصل فعلا في الأسابيع الماضية حيث لم تتمكن الحكومة من الاجتماع وسط الخلافات السياسية الحادة بين مكوناتها، ومن هنا جاء موقف رئيس مجلس النواب الداعي إلى تحفيز دور الحكومة كي تتخلص من أزماتها".
ووصف الحكومة الحالية: "بأنها ضرورة ملحة، يفرضها الأمر الواقع بالإبقاء على ما تبقى من مؤسسات دستورية من مجلسي الوزراء والنواب، حتى يتم التوصل إلى تسوية كبرى تحت مظلة عربية وإقليمية ودولية، وإن لم تكن متوفرة لغاية الآن".
وعن رؤيته للوضع الداخلي في لبنان في ظل الاحتكاكات الحاصلة في بعض المناطق والاستفزازات قال: "الوضع في لبنان يميل إلى مستوى تحصين السلم الأهلي بانتظار المعطيات في سوريا ومآلات الأمور هناك، وما يؤكد ذلك ثلاثة معطيات، الأول ما رشح عن زيارة قائد الجيش اللبناني جان قهوجي للولايات المتحدة الأمريكية، حيث جاء بضمانات أمريكية واضحة بأن يبقى للجيش دوره في ضبط الإرهاب والحفاظ على السلم الأهلي في الداخل، المعطى الثاني ما أكده حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد أن سحبت السعودية الهبة بأنه لا خوف على الليرة اللبنانية، ما يعني حكما استمرار الاستقرار المالي، المعطى الثالث المجموعة الدولية الهادفة لدعم لبنان شددت على أهمية تحقيق السلم الأهلي في لبنان لأسباب أهمها عدم انعكاس أي انزلاق أمني على أوضاع اللاجئين في لبنان، ما سيدفع بهم إلى الهجرة إلى الدول الأوروبية التي تحاول حاليا إغلاق حدودها".
وأضاف: "مرحلة السلم الأهلي في لبنان مستمرة، وما يعزز ذلك تصريحات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله التي تضمنت إشارات تهدئة، وما أكد عليه بأنه لا يريد أن يفتعل أزمة في الداخل، نافيا نيته بالقيام بـ7 أيار جديدة، وبأن حزبه لن ينساق إلى الاستفزاز، وبالأمس جاء موقف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ليزيد من التطمينات، حين قال من مجلس النواب بأنه (مصرّ على الحوار مع حزب الله على الرغم من قناعته بأنه لم يحقق شيئا)".
وأردف: "الرهان على الحوار بحد ذاته يفسر بأن ثمة إرادة بعدم الانزلاق نحو المواجهة في الشارع، وبالنتيجة فإنها تسهم في إخماد أي محاولة لإشعال الفتنة المذهبية، ما يشكل حماية للساحة اللبنانية، محلية ودولية".
وتحدث عن صعوبات اقتصادية متوقعا "بأن يكون لها تأثيرات بفعل العقوبات الخليجية، وهي لن تكون محددة أو معلومة النتائج، لكن رغم ذلك ما يهم اللبنانيين تحديدا هو الاستقرار الأمني".