تواجه
الجزائر، جبهة
معارضة داخلية وتهديدات أمنية خارجية، لم يسبق لهما مثيل منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، لمّا هوت البلاد في مستنقع الدم.
فعلى الصعيد الداخلي، اشتد ساعد المعارضة التي تحالفت مع حراك الجنوب، ممثلاً في الجمعيات المناهضة لاستغلال الغاز الصخري، التي صعدت من موقفها، متوعدة السلطة باحتجاجات ومسيرات حاشدة في المرحلة المقبلة رداً على تأكيد الرئاسة بالجزائر، عدم تراجعها عن الغاز الصخري.
وأعلنت المعارضة الجزائرية ممثلة في "تنسيقية الحريات و الانتقال الديمقراطي"، تضامنها مع حراك الجنوب، وقادة مسؤولي المعارضة مسيرة بالعاصمة، الثلاثاء 24 شباط/ فبراير، قوبلت بالقمع من أجهزة الشرطة وأعتقل عشرات النشطاء قبل إطلاق سراحهم.
وشكل "استقرار"
تنظيم الدولة بالجارة الشرقية للجزائر(
ليبيا)، مفاجأة للحكومة الجزائرية، التي تتخوف من تمدده باتجاه الحدود على طول أكثر من 800 كلم، وتعتبر الحكومة الجزائرية إعدام التنظيم 21 مصرياً في مدينة درنة تطوراً خطيراً يتطلب حالة استنفار أمني قصوى.
ورفع الجيش الجزائري تعداد وحداتها على الحدود مع ليبيا بإضافته نحو خمسة آلاف عسكري لتشديد الرقابة على الحدود ومنع تسلل عناصر متطرفة نحو التراب الجزائري.
وزادت متاعب الحكومة الجزائرية التي تدافع عن "الحل التفاوضي و السياسي" بين الفرقاء في ليبيا، إثر "خرق" القاهرة" أهم مبدأ اتفقت عليه دول جوار ليبيا (تونس والجزائر ومصر)، ويتعلق بالسعي إلى حل سياسي ينهي الأزمة الخطيرة التي تخندق فيها هذا البلد. لكن القاهرة اختارت في نهاية المطاف وبعد أربعة اجتماعات بين دول الجوار، التخندق إلى الحل العسكري بسعيها إلى إقناع المجموعة الدولية بالتدخل العسكري في ليبيا.
وقال محمد خلفاوي، العقيد المتقاعد من جهاز المخابرات الجزائرية، في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الجمعة، إن وضع الجزائر تحول من المؤثر بأزمة ليبيا إلى فقدانها هذا التأثير، و"المخاوف من أن يسحب البساط نهائياً من تحت أقدامها، في ليبيا، مثلما حدث مع أزمة مالي، حيث دافعت عن الحل السياسي و السلمي لإنهاء الأزمة، لكن وبالنهاية تدخل الجيش الفرنسي فيما عرف بعملية سارفال العام 2012".
وتابع خلفاوي: "الآن تريد الحكومة الجزائرية استنساخ السيناريو المالي في ليبيا، مع وجود معطى أخر ويتعلق تنظيم الدولة وهو غير معقول".
وحول تأثير المعارضة بالداخل على مشهد الحكومة الذي صار مركزاً على مواجهة أي احتمال لوجود تنظيم الدولة بالجزائر، قال خلفاوي" إن المشكلة زادت مع قضية استغلال الغاز الصخري الذي بات واضحاً أن باريس هي من يتحكم فيه، ولا أعتقد أن النظام الجزائري الحالي من الأنظمة التي تقبل من يعارضها".
وكان قائد أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح أكد بمجلة "الجيش" بعددها الأخير أن "الجيش مستعد للتصدي لأي محاولة لزعزعة استقرار البلاد". مشيراً إلى تحكم الجزائر بمنظومة دفاعها بشكل جيد.
ويعتقد الأخضر بن خلاف، القيادي في "جبهة العدالة و التنمية"، المعارضة بالجزائر، أن "النظام الجزائري يعاني حصاراً في هذه الظروف، واحد داخلي وأخر خارجي، وعلى السلطة بالجزائر أن تحصن نفسها باشراك الأحزاب و الشعب والمؤسسات في القرارات التي تتخذها، لكننا نرى أن الحكومة لا تعير اهتماماً لهذه المسألة".
وقال بن خلاف في تصريح لصحيفة "
عربي21"، إن الحصار المفروض من ليبيا تزداد خطورته يوماً بعد يوم، "موازاة مع هشاشة الجبهة الداخلية، وتعود الحكومة على شراء السلم الاجتماعي بأموال البترول المتناقصة".
ويضيف بن خلاف بالنسبة للمخاطر الخارجية على الجزائر "إن الدبلوماسية الجزائرية مسؤولة عن الإخفاقات التي سجلتها في الأعوام الأخيرة، ولا أستغرب أن يسحب الملف الليبي من تحت أقدام الجزائر، بمجرد ظهور تنظيم الدولة في البلاد، ودخول مصر و المغرب خط المواجهة هناك، لذلك أتساءل: ماذا أعددنا من أجل مواجهة خيارات لا تفيد الشعب الليبي ولا تفيد الجزائر"؟