تسابق الحكومة
الجزائرية الزمن، من أجل فرض الحل السياسي للأزمة في
ليبيا، وإبعاد شبح التدخل العسكري الذي تصبو إليه القاهرة بعد إعلان تنظيم الدولة إعدامه لـ21 مصرياً في طرابلس الليبية.
وتتخوف الجزائر، من أن تعصف الرياح بمساع بدأتها منذ أشهر لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبين، داعية إلى إقرار حكومة وحدة وطنية تحفظ السلامة الترابية وتحول دون المساس بسيادة البلد.
وقال مصدر دبلوماسي جزائري في تصريح لـ "عربي21" الجمعة "إن الجزائر ترفض رفضاً قاطعاً وجود أي قوة عسكرية أجنبية فوق الأراضي الليبية"، وذلك رداً على دعاوى القاهرة إلى حشد دولي للتدخل العسكري بمبرر محاربة تنظيم الدولة.
وأضاف المصدر ذاته الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن "الجزائر تتحفظ على التدخل العسكري
المصري وهذا مبدأ جزائري قاطع يقوم على احترام سيادة الدول".
وبعدما أعلنت الجزائر الجمعة، عن توصل الحركات المسلحة بجارتها الجنوبية مالي، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بالجولة الخامسة للمفاوضات التي ترعاها، تأمل أن يتكرر الأمر في ليبيا، ولذلك رفعت من وتيرة حشدها الدولي ضد التدخل العسكري بهذا البلد.
وتتخوف الجزائر من اشتعال النار على الحدود مع جارتها الشرقية ليبيا، حيث عززت وحداتها العسكرية بالحدود، خاصة أمام خطر تمدد تنظيم الدولة.
وقال المصدر ذاته إن "دول جوار ليبيا سوف تعقد اجتماعاً الأيام المقبلة لبحث الأوضاع بهذا البلد". لكن الاجتماع سبقته أحكام قيمية حيال اختلاف الرؤى بشأن الحل في ليبيا؛ بين الجزائر التي تطالب بالحل التفاوضي السياسي و السلمي وبين القاهرة التي تبحث التدخل عسكرياً.
وأضاف المصدر أن "الجزائر ترفض خروج أي جندي من جنودها خارج ترابها الوطني، مثلما رفضت ذلك بالنسبة لمالي العام 2012".
وقال الخبير الأمني الجزائري، عمر بن جانة، إن "الضربة الجوية المصرية في ليبيا ضد داعش كانت ارتجالية، وأتساءل ماذا حققت مصر من تلك الضربة، لأنه يمكن أن يكون الضحايا الذين سقطوا من المدنيين".
ويرى بن جانة في تصريحه لـ"عربي21"، أنه " من الممكن أن يكون عبد الفتاح السيسي قد وجه تلك الضربة من أجل حسابات سياسية في بلده، باعتبار أن الأقباط ساعدوه على تولي الحكم، ولأنه يستحيل القضاء على داعش بالضربات الجوية، باعتبار أن التحالف الدولي فشل في ذلك بالعراق لحد الساعة".
ويتابع بن جانة "يستحيل أن ينجح الحل العسكري بليبيا"، مثلما تدعو إليه القاهرة، وتابع" الحل العسكري استخدم ضد نظام القذافي وترك ليبيا تغرق بالفوضى والاقتتال".
ويرى الخبير الأمني أن المشكلة في ليبيا هو ضعف "العمل السياسي بسبب الإدارة التي كان ينتهجها معمر القذافي خلال فترة حكمه".
ولا يختلف الوزير السابق للاتصال بالجزائر، عبد العزيز رحابي، عن بن جانة، بتشخيصه للوضع، إذ أفاد لـ"عربي21"، أن "الحل السياسي مبتغى تنشده جميع الدول، ولا يمكن أن تكون الضربة المصرية الأخيرة بليبيا تحت غطاء أممي، وأعتقد أن الحل السياسي، هو الوحيد الذي يمكنه حلحلة الأزمة الليبية".
ويعتبر رحابي أنه " قد يبدو الحل العسكري هو الأنفع لحل الأزمة، بالنظر إلى الفوضى المستشرية في هذا البلد، لكن الحقيقة عكس ذلك تماماً، لأن خلف كل مجموعة مسلحة، قوة خارجية تدعمها، وهذا يعقد الوضعية ويدفع إلى الإقرار بأن هذه القوة بيدها الحل السياسي إذا رغبت بذلك".
في السياق نفسه، اقترحت الجزائر، الخميس، احتضان ورشة حول مكافحة التطرف كامتداد لأشغال المؤتمر الدولي حول مكافحة التطرف العنيف الذي أقيم في واشنطن.
وقد عرض الوزير الجزائري المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، في تدخل له خلال المؤتمر الذي أقيم في البيت الأبيض لمكافحة التطرف، خبرة الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب مركزاً على ظاهرة التطرف العنيف انطلاقاً من خبرتها في هذا المجال.