انتقدت صحيفة "فايننشال تايمز" الطريقة المتملقة التي يتصرف بها الغرب تجاه
السعودية، بعد وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز.
وتقول الصحيفة في افتتاحيتها: "عندما يموت حاكم بلد صديق، فمن العادة أن يقوم الزعماء بواجب التعزية، ولكن الطريقة المبالغ فيها التي قام بها
أوباما وكاميرون بتقديم العزاء في وفاة الملك عبدالله تثير التساؤل إن كانت هناك مبالغة في التملق، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار دور السعودية في تصدير الإسلام المتطرف وسجل حقوق الإنسان فيها".
وتضيف أن "الرئيس الأمريكي قام يوم الثلاثاء بتغيير مسار رحلته، التي كان يصطحب فيها وفداً عالي المستوى، يضم ثلاثة وزراء خارجية سابقين، ليزور المملكة العربية السعودية ويقدم العزاء".
وتبين الافتتاحية أن "بريطانيا ولكونها ملكية، فعادة ما يكون اهتمامها أكبر بوفاة الملوك، ولكن حكومة
كاميرون تسببت بضجة؛ لأنها نكست أعلام المباني الحكومية حداداً على الملك عبدالله. فكثير من الناس في الولايات المتحدة وبريطانيا يجدون مثل هذه الإيماءات باعثة على الغثيان، إذا علمنا بأن السعودية بدأت في جلد مدون ألف جلدة؛ لأنه انتقد النظام، كما أن النظام قام بقطع رأس امرأة متهمة بالقتل في مكة".
وتشير الصحيفة إلى احتجاج المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين الذين يرون أنه من غير الممكن ببساطة تغيير التوجهات الأخلاقية في الشرق الأوسط.
وتذكر الافتتاحية أن "السعودية هي أكبر مصدر للمنتجات النفطية في العالم، وهي حجر الأساس في مقاومة تهديد القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة، وسقوط آل سعود سيترك فراغاً في السلطة قد يؤدي إلى سيطرة المتطرفين على الثروة النفطية".
وتعلق "فايننشال تايمز" قائلة: "السياسات الأمريكية لا تناسب الذوق السعودي، فالمحادثات النووية مع إيران تسببت بغضب في الرياض، التي ترى في الجمهورية الإسلامية منافساً خطيراً. كما أن السرعة التي أدارت فيها أمريكا ظهرها لحسني مبارك، أثرت سلباً على العلاقات بين السعودية وأمريكا، ولكنها تحسنت بعد الإطاحة بالإخوان المسلمين".
وترى الافتتاحية أن موضوع حقوق الإنسان مهم، ولكن "بريطانيا وأمريكا متهمتان بالكيل بمكيالين، فبينما أعرب البَلَدان، وبصوت عال، عن تأييدهما لحرية التعبير بعد أحداث القتل في (شارلي إيبدو) في باريس، إلا أنهما كانتا متحفظتين في موضوع الجلد الوحشي الذي تعرض له المدون رائف بدوي".
وتواصل الصحيفة بأن "السعودية ليست حليفاً يعتمد عليه في الحرب على الجهاديين، فقد تمتدح بريطانيا وأمريكا النظام السعودي لدوره المهم في محاربة القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، التي تستخدم لتبرير بيع الأسلحة للرياض، ولكن الزعماء الغربيين يتعمدون التقليل من أهمية الطريقة التي يقوم بها شيوخ السعودية بتصدير
الوهابية على مستوى العالم للتغطية على جماعات إسلامية تعد أكثر اعتدالاً. وحتى يتم علاج هذه المشكلة سيبقى الإرهابيون، الذين يقتلون باسم الدين، يجدون تبريراً لأفعالهم في أقوال رجال الدين السعوديين".
وتؤكد الافتتاحية أن "السعودية ليست هي الوحيدة في المنطقة التي يتم التعامل معها بمكيالين، فالغرب يغمض عينيه عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر ودول الخليج. مع هذا يبقى أهم هدف في إدارة أوباما هو بقاء دورها فاعلاً في الشرق الأوسط، ومحاولة كبح الصراع، الذي يمزق المنطقة، على النفوذ بين السعودية وإيران، وهذا يعني أن على واشنطن الإبقاء على علاقات جيدة مع الرياض، وفي الوقت ذاته الاستمرار في التقارب مع إيران، وهذه معادلة صعبة".
وتخلص الصحيفة إلى أن هذا كله "يجب ألا يوقف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن أن تقولا للملك الجديد وبصراحة أنه بحاجة لضبط تصدير الإسلام المحافظ المتشدد، وانتهاك حقوق الإنسان، فمشاعر عموم الناس في الغرب تجاه المملكة عدائية، والعلاقات الدبلوماسية الودية ستصبح قريباً مستحيلة، ما لم تقم العائلة المالكة في السعودية بالتغيير".