اتهمت صحيفة "واشنطن بوست" الإدارة الأمريكية بتجاهل ما يجري في
مصر، حيث عاد البلد إلى سابق عهده في ممارسة العنف والقمع.
وفي افتتاحيتها قالت الصحيفة إن "نظام عبدالفتاح
السيسي أظهر مرة أخرى في نهاية الأسبوع الماضي طبيعته العنيفة والمعيبة، عندما أحيا البلد الذكرى الرابعة للثورة الشعبية، التي أطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك".
وتشير الصحيفة إلى أن عشرين شخصاً قد قتلوا على يد الشرطة في التظاهرات التي خرجت لتحيي ذكرى الثورة، بينهم ناشطة ليبرالية وهي شيماء الصباغ، التي تلقت الرصاص في الظهر، عندما سارت باتجاه ميدان التحرير لوضع الزهور هناك. واتهمت الدولة خمسة شهود حاولوا تقديم شهادة عن الطريقة التي قتلت فيها بالتظاهر بطريقة غير قانونية.
وتبين الافتتاحية أنه رغم وعود السيسي بإطلاق سراح الصحفيين والناشطين الشباب في الذكرى الرابعة للثورة، إلا أن واحداً من عشرات السجناء، بينهم بيتر غريستي ومحمد فهمي صحفياً الجزيرة، قد أفرج عنه. ولم يفرج عن قادة ثورة 25 يناير 2011 من الشباب الليبراليين من الذين سجنهم السيسي؛ لأنهم خرقوا قانون التظاهر، ولا أي من نواب البرلمان الـ 176، ممن انتخبوا بطريقة شرعية، الذين سجنوا إلى جانب الرئيس المنتخب محمد مرسي.
وتستدرك "واشنطن بوست" بأنه بدلاً من هذا كله فقد أفرج عن نجلي مبارك، اللذين سجنا بتهم الفساد بعد الثورة، فيما تم إلغاء التهم الموجهة لوالديهما مبارك.
وتلفت الافتتاحية إلى أن السيسي ألقى خطاباً أنذر فيه المصريين، ودعاهم لتوخي الحذر عندما يطالبون بحقوقهم، مضيفاً أنه لا أحد يعارض
حقوق الإنسان، ولكنها ليست أولويته.
وتعلق الصحيفة بالقول: "للأسف فالرئيس باراك
أوباما يشارك السيسي الرأي، خاصة أن أوباما أكد مراراً أهمية التعامل مع حقوق الإنسان في مصر، باعتبارها أقل أهمية من العلاقات الأمنية الأمريكية مع النظام المصري".
وتتابع الافتتاحية أنه "في الشهر الماضي نجحت الإدارة بالحصول على موافقة الكونغرس على قرار يسمح باستئناف الدعم لمصر، رغم أن النظام هناك لم يتخذ الخطوات لإعادة مسار الديمقراطية، ولم يطلق سراح المعتقلين السياسيين. وقدمت الحكومة الأمريكية من قبل مروحيات أباتشي للقاهرة، بعد أن علقت تسليمها في أعقاب انقلاب تموز/ يوليو 2013".
وذكرت الصحيفة بالتبرير الذي قدمه أوباما فيما يتعلق بسياسته الجديدة تجاه كوبا، حيث كرر العبارة التي تقول إنه في حال فشل السياسة لنصف قرن، فعلينا التخلي عنها.
وترى الافتتاحية أنه بالرغم من ذلك، وبعد70 عاماً كئيبة من دعم الديكتاتوريين العرب، الذي كان مسؤولاً عن الفوضى التي تغمر المنطقة اليوم، إلا أن الرئيس لا يجد حرجاً من إعادة تبني السياسة ذاتها ويدعم السيسي، وكذلك المملكة العربية السعودية، التي زارها وغازلها يوم الثلاثاء.
وتذهب الصحيفة للقول إن البيت الأبيض قد يجد أن
قمع السيسي، رغم أنه الأعنف الذي تشهده مصر من عقود، مفضل على الفوضى الدموية التي تشهدها ليبيا وسوريا. ولكن قتل المعارضين السلمين مثل الصباغ وإسكات المعارضة وسجن دعاة الديمقراطية، مثل أحمد ماهر ومحمد عادل، سيفتح المجال أمام الجماعات المتطرفة للانتعاش.
وتجد الافتتاحية أنه في ضوء زيادة العنف من الجماعة التي أعلنت ولاءها للدولة الإسلامية في ظل حكم السيسي، كما أظهرت الهجمات الكبيرة في شبه صحراء سيناء. فمن الصعب في هذه الحالة التكهن بالوضع في المستقبل في هذه اللحظة المضطربة من تاريخ الشرق الأوسط.
وتخلص "واشنطن بوست" إلى أن النتيجة الأقل احتمالاً، هي عودة الاستقرار في ظل نظام يشبه النظام العسكري، الذي عاشته مصر في خمسينيات القرن الماضي. لكن تجاهل الولايات المتحدة لقسوته، وإعادة التعاملات الثنائية كأن شيئاً لم يحدث، فإن إدارة أوباما تقوم "برهان سيئ".