علقت صحيفة "فايننشال تايمز" على زيارة الرئيس الأمريكي إلى
السعودية، حيث قطع زيارته إلى الهند وطار ليقدم تعازيه بوفاة الملك عبدالله، الذي توفي قبل أسبوع، وليلتقي ويهنئ خليفته
الملك سلمان بن عبدالعزيز.
وتقول الصحيفة إن الرئيس
أوباما قاد وفدا كبيرا من أعضاء إدارته والإدارات السابقة، وتأتي أهمية الزيارة لأن حكام السعودية كانوا في قلب التحالف التقليدي الأمريكي مع حكام الشرق الأوسط الأتوقراطيين.
ويشير التقرير إلى أن أوباما يأمل بتمتين العلاقات الدبلوماسية مع الملك الجديد، خاصة أن علاقته مع الملك السابق كانت متوترة حول ملفات
إيران وسوريا والإصلاح.
وتقول "فايننشال تايمز"، إنه "وسط الاضطرابات والتطرف اللذين يغمران الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، تأتي هذه الزيارة إلى الرياض؛ لكي تظهر الطريقة التي يتعامل فيها البيت الأبيض مع الشرق الأوسط، حيث تحولت أمريكا 180 درجة من دعم حكومات تمثيلية في المنطقة كلها إلى التحالف من جديد مع الأنظمة الشمولية لمواجهة الجهاديين والمتطرفين".
وينقل التقرير عن الخبير حول الشرق الأوسط في مركز التقدم الأمريكي، بريان كوتليس، قوله: "النجم الذي يدل هذه الإدارة هو البراغماتية، وهي تحاول فعل ما يمكنها فعله في الوقت الحالي". مضيفا أنه "من المفهوم جدا أن تبحث الإدارة عن طرق للعمل مع السعوديين، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب".
وتذكر الصحيفة أن الرئيس أوباما قد تناول طعام العشاء مع الملك سلمان، الذي لا تعرف الإدارة عنه الكثير، ولم تتصل به في الماضي إلا بقدر محدود. وانضم للرئيس في رحلته السيناتور الجمهوري جون ماكين، ووزيرة الخارجية السابقة في عهد بوش كونداليزا رايس. وفي واشنطن أثنى رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي على الملك سلمان، وقال: "كان الملك شخصية رائعة وشجاعة".
ويبين التقرير أن علاقة الولايات المتحدة بالسعودية وبقية الدول السنية تأثرت في السنوات الأخيرة؛ بسبب مفاوضات إدارة أوباما مع إيران حول ملفها النووي، وهو ما أثار مخاوف السعودية ودول الخليج، حيث دخلت في حرب بالوكالة مع الجمهورية الإسلامية للهيمنة والتأثير على المنطقة.
وتلفت الصحيفة إلى أن تراجع الرئيس أوباما عن قراره بتوجيه ضربة لرئيس النظام السوري بشار الأسد صيف عام 2013، بعد استخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية، كان من أهم أسباب توتر العلاقات مع السعودية.
ويفيد التقرير بأن السعوديين راقبوا بذعر الثورات العربية، التي اندلعت عام 2011، وأطاحت بأنظمة حليفة للسعودية في تونس ومصر. ومنحت السعودية حق اللجوء للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، ولاحظت تخلي الولايات المتحدة السريع عن الرئيس حسني مبارك.
وتورد "فايننشال تايمز" أن السعودية وحكومة أبو ظبي عملتا خلال السنوات الماضية، ونسقتا حملة لمواجهة وإضعاف الجماعات الإسلامية، مثل الإخوان المسلمين والجماعات الجهادية المتطرفة في مصر وليبيا وسوريا واليمن.
ويجد التقرير أن المسؤولين الغربيين استسلموا للواقع، ولحاجة المنطقة إلى الاستقرار، الذي يوفره المحور السعودي- الإماراتي.
وترى الصحيفة أن تطورين دفعا الولايات المتحدة لدعم الاستقرار والتعاون مع القوى المضادة للثورات العربية، وهما صعود الدولة الإسلامية في العراق والشام، والانفجار في ليبيا بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي. وفي الوقت الذي شكلت فيه واشنطن تحالفا دوليا لمواجهة الدولة الإسلامية، فإن ليبيا لا تزال تعاني من انفجار وفوضى.
ويستدرك التقرير بأنه رغم هذا كله، إلا أن هناك شعورا بالشك يراود الإدارة الأمريكية تجاه السعودية، خاصة بعد هجمات أيلول/ سبتمبر عام 2001، التي شارك فيها 15 سعوديا من أصل 19 مهاجما، ما أدى لانتشار اعتقاد بأن النموذج المحافظ والمتشدد الذي تتبعه السعودية يعد أساس التطرف والعنف.
وتوضح الصحيفة أنه عندما سئل الرئيس الأمريكي أوباما عن السبب الذي يدفعه لزيارة بلد أصدر حكما بالجلد على مدون، لمجرد كتابته بعض المقالات المضادة للدولة، ولدولة لا تسمح للمرأة بقيادة السيارات، كان رد الرئيس دفاعيا، حيث قال لشبكة "سي إن إن": "من المهم الأخذ بعين الاعتبار العلاقات القائمة، والتحالفات الموجودة في داخل شرق أوسط معقد، وعلينا الاعتراف أن لدينا مصالح استراتيجية مشتركة مع السعودية".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول نائب مستشار الأمن القومي، بن ردوس: "إن الولايات المتحدة تعترف بأن البلد لن يتغير في ليلة وضحاها"، لكنه قال إن أوباما سيوجه رسالة مفادها أن "حقيقة وجود مجتمعات ناجحة مرتبط باحترامها للقيم العالمية".