انضم السياسي
الإسرائيلي دوري غولد، إلى موجة التحريض على العرب والمسلمين، مستثمرا حادثة
شارلي إيبدو، وتوجيهها لتحقيق مصالح إسرائيلية في إطار تحسين علاقاتها مع
أوروبا.
واختار المستشار السابق لنتنياهو للشؤون الخارجية غولد، طريقة أخرى للتحريض والإقناع، من خلال الاستشهاد بأحاديث للشيخ يوسف القرضاوي ومؤسس
الإخوان المسلمين حسن البنا، فضلا عن تصريحات لبعض مؤيدي الدولة الإسلامية.
وتقلد غولد عدة مناصب سياسية، منها سفير إسرائيل في الولايات المتحدة في الفترة 1997- 1999. ويقدم نفسه على أنه مختص في الشؤون العربية والإسلامية، وهو رئيس مركز أورشليم القدس.
وفي مقالته لصحيفة "إسرائيل اليوم"، الأحد، قال غولد محذرا أوروبا من أن العمليات الأخيرة في فرنسا لم تشعل بعد الضوء الأحمر للأوروبيين. وبحجة حسن التصرف السياسي يتجاهلون الخطر المتمثل بحلم الإسلام المتطرف في احتلال أوروبا، على حد تعبيره.
وأشار إلى أن عضوا في أحد المنتديات المؤيدة للدولة الإسلامية قدم تفسيرا مهما للظرف الذي أصبحت فيه فرنسا هدفا للجهاد الإسلامي.
وقال إنه، كما هي العادة في عالم الجهاد الذي يهتم بإعادة الإسلام إلى سابق عهده، فإن التاريخ يلعب دورا مهما في عقيدتهم: "فرنسا كانت جزءا من الأراضي الإسلامية، وهي ستعود لتصبح إسلامية".
وتساءل الكاتب عن قصد هذا الشخص، مؤكدا أنه طوال سنين مضت قامت منظمات الجهاد العالمي بنشر دعوات لتحرير الأندلس، وهو الاسم العربي لإسبانيا، وأجزاء من شبه جزيرة إيبيريا، التي كانت تحت سيطرة الحكم الإسلامي بين عامي 711 و1492.
وعلق قائلا: "هذه الرسالة كانت تشكل أساسا لفيلم فيديو عن داعش".
وعاد غولد ليقلب صفحات التاريخ ويذكر الأوروبيين بأن الجيش الإسلامي احتل أجزاء من أراضيها، وأن هذه المناطق بقيت تحت الحكم الإسلامي حتى سنة 759.
وزعم أنّ السعي إلى تحرير مناطق كانت في الماضي تحت الحكم الإسلامي هو ما يقود منظمات الجهاد العالمي.
وأورد لإثبات مزاعمه ما كتبه مؤسس جماعة الإخوان المسلمين العالمية الإمام حسن البنا، مؤسس حركة الإخوان المسلمين العالمية: "إن الأندلس وصقلية والبلقان وجنوب إيطاليا وجزر البحر الأبيض المتوسط كانت مناطق إسلامية، ويجب أن تعود إلى أيدي دولة الإسلام. يجب أن يكون البحر الأحمر جزءا من الإمبراطورية الإسلامية كما كان في الماضي".
وأشار إلى أن كتابات البنا التي هي محل تقدير معظم الحركات الإسلامية الراديكالية، موجودة في الإنترنت، بالعربية والإنجليزية.
وأضاف أن هذه العقيدة الأيديولوجية وجدت تقديرا من قبل الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يعتبر من قبل الكثيرين مرجعا روحانيا أعلى للإخوان المسلمين، حيث قال في مقابلة مع تلفزيون قطر في 2007: "في تقديري، فإن الإسلام سيحتل أوروبا بدون استخدام السيف أو الحرب، ولكن باستخدام الدعوة والفكر". ولدى حديثه عن المناطق الجغرافية للامتداد الإسلامي في أوروبا، قال القرضاوي: "إن احتلال روما وإيطاليا وأوروبا، معناه أن الإسلام سيعود إلى أوروبا".
وأضاف غولد أن القرضاوي ظهر على مدى سنوات أسبوعيا في قناة "الجزيرة"، وأعطى مباركته لمؤسسة الإخوان المسلمين إلى درجة ما، في فرنسا التي تم استخدامها من قبل الإسلاميين لإعداد أئمة أوروبا. وإن آلاف الشباب المسلمين تم إحضارهم إلى هذه المؤسسة. وفي النهاية فإن المسيرة الفكرية للقرضاوي وجدت صدى لها على منابر كثيرة من أجل نشرها على الملأ.
روما أولا
وزعم الكاتب أنه توجد تنظيمات أخرى طورت رواية القرضاوي؛ فكبار رجال "حماس"، الفرع الفلسطيني للإخوان المسلمين، أسمعوا أقوالاً مشابهة. والشيخ يونس الأسطل الذي شغل منصباً قيادياً في الهيئة الدينية العليا لحركة حماس قال في موعظة بثها "تلفزيون حماس" سنة 2008: "قريباً جداً و بإذن الله، سيتم احتلال روما كما احتُلت القسطنطينية (إسطنبول)". وأضاف أن "الفتوحات الإسلامية" طبقاً لنبوءة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ستنتشر في شتى أرجاء أوروبا.
وساق غولد دليلا آخر لإثبات مزاعمه، بالقول إن مسألة احتلال روما ذكرت في المجلة الرسمية للدولة الإسلامية (داعش)، "دابق". وعلى الصفحة الأولى، للمجلة نشرت صورة لميدان القديس بطرس في روما، وعلى المسلّة التي في مركزها أضيف بالرسم العلم الأسود لـ"داعش".
وأضاف أن المجلة اقتبست ما قاله مؤسس القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي: "نحن نقاتل هنا وهدفنا هو روما".. وقبل أن يقود العمليات الجهادية في العراق ضد الولايات المتحدة وحلفائها، فإن الزرقاوي أقام شبكة إرهاب في أوروبا، على حد قوله.
ونوه إلى أن تركيا تحت حكم رجب طيب أردوغان وحزب العدالة و التنمية (AKB) هي لاعب سياسي إقليمي آخر يتعامل مع الموضوع نفسه.
وأشار إلى أنّ شخصا رسميا في وزارة الخارجية الأمريكية أرسل في سنة 2004 تقريراً لواشنطن، قال فيه إنه في الوقت الذي أخذ فيه الـ(AKB) يشارك في جلسة لطاقم التفكير الاستراتيجي المركزي، فإنه سمع موظفاً حكومياً تركياً كبيراً يقول إن هدف تركيا ومقصدها هو نشر الإسلام في أوروبا و"الانتقام للهزيمة التي لحقت بها في حصارها لـ فيينا سنة 1683. هذا التقرير نشر في "ويكيليكس".
يحاولون إخفاء الحقيقة
واتهم الكاتب من أسماهم بالقادة المسلمين الراديكاليين بأنهم يديرون حرباً ضد الحضارة الغربية.
وأضاف أن هنالك أناسا غير معنيين بعرض الصراع بهذه الطريقة ومن ضمنهم أوساط في الغرب، والذين لأسباب تتعلق بالسياسة الصائبة يرفضون البحث في تهديد الإسلام المتطرف. بل إن هؤلاء يتمسكون بالعقيدة الخاطئة التي تقول إن الإخوان المسلمين انقلبوا إلى حليف في الصراع ضد القاعدة وفروعها.
ونقل الكاتب رسائل بريد إلكترونية لمخرج في قناة الجزيرة، نشرت في المجلة الأمريكية (national review) أظهرت محاولته للتقليل من أهمية الهجوم الإرهابي الذي حلّ بباريس، "حيث إن دوافع المهاجمين غير معروفة"، حسب أقواله. ولا يجري الحديث عن هجوم ضد القيم الأوروبية، بل إنه بالعكس، اعتبر هذا ردا على التدخل العسكري لفرنسا ضد داعش، في ليبيا ومالي.
وقال بكلمات أخرى، إن المخرج في قناة الجزيرة لم يرغب في أن تعترف قناته بأن جذور العمليات مغروسة بأيديولوجية إسلامية متطرفة؛ وعوضا عن ذلك فقد فضّل أن يوجه الاتهامات للدول الغربية التي لو كانت حقيقية لكان بإمكانها شلّ قادة الغرب والإضرار بثقتهم الذاتية للقيام بعملية فعالة ضد الإسلام المتطرف.. هذه الأقوال ليست مستغربة ولكن الجزيرة منذ منشئها اعتُبرت بوقاً للإخوان المسلمين، على حد زعمه.
ونقل الكاتب تصريحات للصحفي غسان شربل المحرر الرئيس للجريدة العربية واسعة الانتشار "الحياة" رفض فيها التقليل من أهمية العمليات في فرنسا، أو أن يرى فيها حادثاً منفرداً: "لا يستطيع أحد بعد اليوم أن يتجاهل حجم المشكلة والتهديد"، وبصورة جريئة قال الحقيقة: "إن العمليات في فرنسا هي بصورة واضحة، الطلقة الأولى للحرب العالمية للمتطرفين الإسلاميين ضد الغرب وباقي العالم".
وختم بالقول، إنه طالما أن العالم لا يتفهم ويستبطن مغزى هذا التحذير فإن احتمال إحباط عمليات مستقبلية في أوروبا ليس كبيرا. يجب على العالم أن يستوعب هذا التحذير بكل تداعياته من أجل أن يتصدى للتوجه الذي يرتسم، مشيرا إلى عمليات أخرى في أوروبا.