سخر المحلل العسكري أليكس فيشمان، من الذين يدّعون أنّ حملة
الجرف الصامد قصة نجاح استراتيجية، واصفا الحملة وتبعاتها بأنّها فشل استراتيجي في إخضاع قطاع
غزة.
وأكد فيشمان في افتتاحية يديعوت الثلاثاء، أن جباية ثمن من حماس وإخضاعها لإسرائيل غير ممكن، إذ إنّ
إسرائيل عاجزة عن ترجمة دورها في غزة الذي انجرت إليه بخلاف سياستها إلى إنجاز أمني أو سياسي.
ودلل على صحة ما ذهب إليه بالقول، إنّ إسرائيل عجزت عن وقف إنتاج السلاح في غزة، ولم تستطع الحصول على ضمانات للحفاظ على الهدوء، بل إن الضغوط الدولية على إسرائيل زادت.
وأضاف أن الضائقة جراء الخراب الذي خلفته "الجرف الصامد" خلقت ارتفاعا بمعدل 30 بالمئة في المسيرات الجماهيرية نحو الجدار والقفز من فوق الجدار لباحثي العمل في إسرائيل.
ونوه إلى أن إسرائيل تسقط بكلتي يديها سياسة العزل التي أملتها بالفصل بين القطاع والضفة، فثمة مزيد من التصدير الزراعي من غزة إلى الضفة، ومزيد من الحركة لأسباب دينية وإنسانية، ومزيد من فرق الرياضة التي تسافر للمباريات في الضفة وغيرها.. في محاولة من الفلسطينيين لتخفيف هذا الضغط.
وأكد فيشمان أن حملة "الجرف الصامد" أعادت إسرائيل إلى غزة، وبحجم كبير.
وأضاف ساخرا، أنه في الأيام القريبة القادمة سيجمل الجيش دروس الحملة، وحينها فإنه لن يتمكن من تجاهل هذا الإنجاز الاستراتيجي البارز الذي تقدم به الجيش الإسرائيلي والقيادة السياسية إلى مواطني الدولة مع حلول 2015.
فالمصريون يبتعدون عن غزة، بينما تعود إسرائيل وترتبط بها بعناق سرعان ما سيؤدي بنا إلى أيام ما قبل فك الارتباط، وفقا لـ "فيشمان".
وقال إن إسرائيل خططت عشية الخروج إلى الحملة لإضعاف حماس، ولكنها تجد نفسها اليوم تعيلها اقتصاديا وإنسانيا، وليس فقط تعيلها، بل وترتعد أيضا من كل قناص أو كل صاروخ يفلته أحد ما هناك.
وأضاف فيشمان أن مصر فعلت كل ما بوسعها من إغلاق معظم الأنفاق، وأقامت منطقة فاصلة في البر والبحر، وأغلقت معبر رفح لتمنع أهل غزة من مغادرة القطاع. ومع الحلف المصري مع قطر ستتفاقم أوضاع غزة سوءا. وكل شيء بعد ذلك سيرتد على إسرائيل، من الضغط الدولي وحتى إحباط آخر السكان في غزة.
وفيما يتعلق بدور السلطة الفلسطينية، بالمقابل، قال فيشمان إنها تدق العصي في عجلات إعمار غزة. وعندما علمت بأن رجال محمد دحلان وزعوا المال على مواطنين في غزة أصيبوا في الحرب، انفجر غضبها على وزارة الدفاع في تل أبيب.
وتساءل فيشمان: من هم الأغبياء الذين على أكتافهم بقي واجب مساعدة سكان القطاع وتخليد حكم حماس؟ وأجاب ساخرا: نحن.
وتابع بأن السلطة تتوجه إلى الأمم المتحدة، تتوجه إلى لاهاي، ونحن نعالج البنى التحتية المهدمة في غزة! على حد قوله.
وأشار إلى أن محافل دولية مختلفة طلبت مؤخرا من إسرائيل– بما في ذلك وزارة الخارجية الأمريكية – النظر بالإيجاب إلى تمرير أنبوب غاز إلى القطاع لتوفير حل مستقر لضائقة الطاقة.
وأضاف أن أنابيب المياه في غزة تضخ مياها مالحة، وأن وبيع مياه الشرب من سيارات النقل عمل مربح في غزة، ويوجد هناك بضع عشرات من منشآت التحلية البيتية، إلى جانب ثلاث منشآت حكومية صغيرة.
واستدرك فيشمان بالقول، إن أساس مياه الشرب توفره إسرائيل التي تضخ خمسة ملايين متر مكعب من المياه في السنة، ومن المتوقع للكمية أن تتضاعف. والحل هو منشأة تحلية كبيرة، سبق أن خطط لها، غير أن هذه ستحتاج إلى الطاقة بكميات هائلة وإسرائيل وحدها يمكنها أن تقدمها.
وخاطب قراءه بالقول: "ستتفاجأون. هذا أيضا على جدول الأعمال".
ومنذ اليوم تعطي إسرائيل معظم الكهرباء إلى القطاع، بمقدار 132 ميغا واط، بما في ذلك في زمن الحرب. أما مصر فتورد 32 ميغا واط في خط متهالك، من محطة توليد طاقة تعمل مرة ولا تعمل مرة أخرى. والآن يتحدثون عن إقامة محطة توليد طاقة جدية في القطاع تكون إسرائيل موردة الطاقة لها، أي إن إسرائيل تورد الطاقة لجهة لا تعترف بحقها في الوجود، على حد تعبير فيشمان.