تسبب الشيخ محمد حسين
يعقوب، أحد أبرز شيوخ الدعوة
السلفية في
مصر، بأزمة حادة بين السلفيين والأوقاف، بعدما ألقى خطبة الجمعة في أحد المساجد التابعة للوزارة في محافظة المنيا، دون حصوله على تصريح حكومي مسبق.
وكانت مديرية
الأوقاف بالمنيا قد حررت بلاغين في قسم الشرطة يوم الجمعة الماضي، الأول ضد الشيخ يعقوب، والثاني ضد النائب السلفي السابق في مجلس الشعب محمد طلعت، لاتهامه وعدد من السلفيين بالتعدي على موظفي الأوقاف ومنعهم من دخول المسجد.
وأصدرت وزارة الأوقاف بيانا شديد اللهجة، أكدت فيه أن مثل هذه الأفعال "الغوغائية" لا تليق لا بالدين ولا بالقيم المصرية، ولا يمكن أن تصدر عن أناس وطنيين "أسوياء".
وناشدت الوزارة في بيانها، الذي تلقت "عربي 21" نسخة منه، الجهات المعنية سرعة تنفيذ القانون تجاه هذه الأعمال التي تعد "بلطجة واضحة"، ومحاولة لبسط النفوذ على بيوت الله بالقوة من جماعات "متشددة خارجة على القانون"، متهمة السلفيين بأنهم "من أهم روافد التشدد والعنف والتطرف والإرهاب الذي تعاني منه مصر".
مطالبات باعتقال يعقوب
وكانت وزارة الأوقاف بعد الانقلاب عن خطة لتوحيد الخطب في المساجد، وألزمت جميع الخطباء بإلقاء الخطبة الموحدة لتجفيف منابع التطرف والتشدد، وعدم السماح لغير خطباء الأوقاف من الأزهريين باعتلاء
المنابر.
ووضعت الأوقاف ضوابط صارمة لمنع الخطباء من الحديث في السياسة، ورفضت تجديد تصاريح الخطابة لآلاف الخطباء من غير الأزهريين، لتمنع بذلك خطباء الدعوة السلفية وجماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية من الخطابة، ومنهم مشاهير مثل: الشيخ حسين يعقوب ومحمد حسان وأبو إسحق الحويني وغيرهم.
وطالب خطيب مسجد عمر مكرم الشيخ مظهر شاهين - المؤيد للانقلاب - بمنح الضبطية القضائية لموظفي الأوقاف حتى يتمكنوا من منع من وصفهم بـ "السلفيين الإرهابيين" من اعتلاء المنابر وتطهير مساجد مصر من "تجار الدين".
ودعا - عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك" - إلى تحقيق عاجل فى الأمر والقبض على يعقوب ومن معه لمنع السلفيين من ممارسة البلطجة.
تنديد رسمي وصوفي
وفي سياق ذي صلة، أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانا استنكرت فيه ما وصفته بـ "التصرفات المشينة" التى ينهى عنها الشرع ويجرمها القانون، مؤكدة أن ما حدث يعتبر تعديا واضحا على حرمة بيوت الله وإشاعة للتشاحن داخل المسجد وإثارة البلبلة بين المصلين.
وأضافت الإفتاء أن محاولة السيطرة على بيوت الله دون وجه حق لا يليق بمن يدعون أنهم دعاة إلى الله، وكان أولى بهم أن يلجأوا إلى الطرق القانونية والشرعية إن أرادوا اعتلاء المنابر، مطالبة الجهات المعنية باتخاذ التدابير اللازمة لحماية خطباء الأوقاف ضد أي اعتداء يقع عليهم.
من جهته أعلن الشيخ عبد الهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، استنكاره لما أسماه "انتقال مظاهر البلطجة" إلى بيوت الله من جماعات المتأسلفين، حسب قوله.
وقال القصبي إن السلفيين انتهكوا حرمات المساجد، واستهانوا بالقانون، مشددا على أن مشيخة الطرق الصوفية تقف مع وزارة الأوقاف للقضاء على الفوضى التي تحاول تشويه صورة الإسلام.
هجوم سلفي.. و"النور" يتوسط
وبدأ حزب "النور" وساطة بين وزارة الأوقاف والشيخ محمد حسين يعقوب، صاحب المقولة الشهيرة "غزوة الصناديق" بعد الاستفتاء على الإعلان الدستوري في 19 آذار/ مارس 2011 - لإنهاء الأزمة الأخيرة التي نشبت بين الجانبين.
وكشف المهندس جلال مرة الأمين العام للحزب، عن مساعٍ جادة من شخصيات بارزة بالدعوة السلفية للتواصل مع مسؤولي الأوقاف لنزع فتيل الأزمة، مؤكدا أن العلاقة الطيبة بين "النور" والمؤسسة الدينية تسمح بإنهاء هذه الأزمة العابرة.
ونقلت صحيفة "المصريون" عن مصادر في حزب النور تأكيدها أن الأوقاف وعدت بالتنازل عن بلاغها ضد يعقوب، شريطة ألا يصعد المنابر مرة أخرى أو يلقي دروسا في المساجد دون تصريح من الوزارة.
وهاجمت قيادات سلفية وزارة الأوقاف بعد أزمتها مع الشيخ محمد حسين يعقوب، حيث انتقد القيادي السلفي الشيخ مدحت عمار الأوقاف، مؤكدا أن الشيخ يعقوب صعد المنبر وسط ترحيب هائل من المواطنين وليس بالقوة كما تزعم الوزارة.
وندد حزب الوطن السلفي، بموقف وزارة الأوقاف المبيت والمدبر من الشيخ حسين يعقوب عضو مجلس شورى العلماء.
وقال الحزب فى بيان له الأحد، تلقت "عربي 21" نسخة منه: "إن الحكومة تسعى جاهدة إلى تحويل مصر إلى دولة الرأي الواحد، والقضاء على التعددية وحرية الرأي وتقبل الآخر".
كما أعلنت الجبهة السلفية تضامنها مع الشيخ محمد حسين يعقوب الداعية الإسلامي في مواجهة وزارة الأوقاف.
وقال الدكتور خالد سعيد المتحدث باسم الجبهة في تصريحات لصحيفة "اليوم السابع": إن من حق أي شخص اعتلاء المنبر طالما كان لديه علم شرعي يؤهله للخطابة، فلا يوجد كهنوت في الإسلام"، مؤكدا رفضه سيطرة الأمن على المساجد من خلال وزارة الأوقاف".