حتى اللحظة لا يبدو أن أزمة المصرف المركزي
الليبي تتجه إلى الحلحلة، إذ إنه ما يزال المجلس الرئاسي مصرا على الإجراءات التي اتخذها بخصوص إعادة تشكيل مجلس إدارة المصرف، وقد أكد رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بالأمس أنه لا رجعة عن قراراته، بالمقابل، فإن موقف المحافظ المعزول لا يزال دون تغيير.
تصريحات رئيس مجلس النواب الأخيرة قد يفهم
منها استعداد للتفاهم حول إقدامه على سحب صلاحيات القائد الأعلى للقوات المسلحة من
الرئاسي واعتباره وهو وحكومة الوحدة منتهيا الصلاحية، وقد يكون كلامه شرحا لموقفه
أمام الأطراف الدولية التي استنكرت قرارات رئاسة المجلس بخصوص مخرجات اتفاق تونس -
جنيف الذي أفرز المجلس الرئاسي بتركيبته الحالية ومعه حكومة الوحدة الوطنية.
بيان البعثة الأممية لليبيا الذي تحفظ على
توجهات المجلس الرئاسي بخصوص المصرف المركزي، لم يشر بوضوح إلى موقفه من سلوك
مجلس النواب الذي فجر الوضع وتسبب في دفع الرئاسي لاتخاذ موقف حاد كردة فعل على
تصرفات رئاسة مجلس النواب.
وبرغم أن بيان البعثة الخاص بأزمة المصرف
المركزي والمؤرخ بـ 26 أغسطس الجاري ركز على ما اعتبره خطوات لضمان استقلالية
المصرف واستمرار الخدمة المقدمة للمواطنين، إلا إنه أكد على الربط بينها وبين الحل
السياسي الشامل، ووضع
ليبيا على سكة الانتخابات الوطنية.
بيان البعثة الأممية لليبيا الذي تحفظ على توجهات المجلس الرئاسي بخصوص المصرف المركزي، لم يشر بوضوح إلى موقفه من سلوك مجلس النواب الذي فجر الوضع وتسبب في دفع الرئاسي لاتخاذ موقف حاد كردة فعل على تصرفات رئاسة مجلس النواب.
البعثة أطلقت مبادرة لاحتواء أزمة المصرف
المركزي بالدعوة لاجتماع أطراف النزاع، أو الاطراف المعنية كما ورد بالبيان،
واشترطت أجندة لهذا الاجتماع أهم نقاطها هي: تعليق قرارات الرئاسي المتعلقة
بالمصرف المركزي، ورفع القوى القاهرة عن الحقول النفطية.
فرص اجتماع أطراف النزاع الليبي وفق ما
أعلنته البعثة الأممية ليست قليلة بعد أن تصاعد دخان التأزيم بسبب قفز المجلس
الرئاسي إلى ساحة التدافع وفرضه وضع جديد ضاعف من إرباك المشهد الليبي، ثم رد فعل
جبهة الشرق بإغلاق حقول النفط، فالوضع اليوم شديد التأزيم وشديد الحساسية لليبيين
وللأطراف الخارجية، وبالتالي فإن دخول البعثة والعواصم الغربية على خط الأزمة
الجديدة ضروري وملح، وما يؤكد ذلك غياب أي أفق لمبادرة محلية تخفف من شدة الاحتقان.
الحاجة إلى التدخل الخارجي لاحتواء الأزمة
الجديدة يؤكدها عجز كل طرف من أطراف النزاع على تجيير الأزمة لصالحه، فالمجلس
الرئاسي ، ومن خلفه حكومة الوحد الوطنية والمجموع السياسي والعسكري الداعم لهم،
غير قادر على العودة بالمصرف المركزي إلى كامل عمله وفاعليته، لأسباب فنية
وسياسية، وقد أعلن المحافظ المكلف من قبل المجلس الرئاسي أنهم في حاجة للحصول على
كلمات المرور الخاصة بمنظومات تشغيل عمليات، وقد طالب بها في مؤتمر صحفي وبشكل
علني. يضاف إلى ذلك عدم تحكمه في المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف الليبي الخارجي،
حيث تقوم المؤسسة ببيع النفط وتحويل عوائده للمصرف الليبي الخارجي، ولا ضمانة
لتحويلها إلى حسابات المصرف المركزي في ظل النزاع الجديد.
التصعيد الأخير عظم من التأزيم وتعقيد الوضع، وبالتالي فإن الحلول لن تكون تقليدية، وهذا ما قد يجعل مسألة تقاسم الموارد حاضرة، باعتبار أنها أبرز نقاط النزاع
علاوة على ما سبق، فإن الإدارة الفعالة
للمصرف المركزي تستلزم دعم الأطراف والمؤسسات الدولية، وما يفهم من بيانات العواصم
الغربية أنها تتحفظ على إجراءات المجلس الرئاسي بخصوص المصرف المركزي.
على الجهة الثانية، فإن إقدام جبهة الشرق
على إغلاق حقول النفط يدلل على أنها غير قادرة على التحكم في إدارة عملية بيع
النفط وتوريد عوائده لصالحها، حتى مع سيطرتها على المؤسسة والوطنية واقتراب
المحافظ المعزول منها.
من هنا تتأكد الحاجة إلى تدخل البعثة مدعومة
من قبل العواصم الغربية الفاعلة لاحتواء النزاع، والتأخير في عقد الاجتماع الذي
دعت إليه البعثة ليس راجعا لرفض أطراف النزاع للحضور، وإنما لأن حلا مرضيا لم ينضج
بعد.
التصعيد الأخير عظم من التأزيم وتعقيد
الوضع، وبالتالي فإن الحلول لن تكون تقليدية، وهذا ما قد يجعل مسألة تقاسم الموارد
حاضرة، باعتبار أنها أبرز نقاط النزاع، ومن الملاحظ أن كلا الطرفين مهيئ للقبول
بمسألة تقاسم العوائد، برغم خطورتها وما قد يترتب عليها من تداعيات، وتفكير البعثة
وعواصم الغرب سينصب على الألية الضامنة لسير هذه العملية بسلاسة.