أجرى
المجلس الأعلى للدولة (القسم المؤيد
لمحمد تكالة) جولة لإعادة انتخاب رئيس المجلس وباقي طاقم الرئاسة، وبحسب تكالة
وأنصاره من أعضاء المجلس فإن النصاب القانوني قد تحقق في الجلسة، وقد جرت عملية
الاقتراع بسلاسة حيث ترشح عدد من الأعضاء لكرسي الرئاسة لكن المنصب كان من نصيب
تكالة.
خالد المشري وأنصاره رفضوا الاقتراع ونتائجه
وقدحوا في قانونية الجلسة والنصاب على أساس أن الوقت المحدد لعقد الجلسة بنصاب
قانوني قد مضي دون أن يتوفر العدد اللازم من الحاضرين، وبالتالي فإن النتيجة التي
خرج بها المقترعون من أنصار تكالة هي والعدم سواء في نظرهم.
المشري مقتنع بأنه رئيس المجلس وفق انتخابات
السادس من أغسطس الماضي، وأيده في ذلك اللجنة القانونية بالمجلس والتي تختص بفض
النزاعات داخل المجلس، لذا لم يعتد بمطلب خصمه باحتساب الورقة التي كتب عليها اسم
تكالة في غير المكان المخصص لذلك، وطالب تكالة بالجوء إلى القضاء، وحصل تكالة على
تأييد من قبل محكمة استئناف جنوب طرابلس، إذ إنها أصدرت حكمًا بوقف تنفيذ القرار
المطعون فيه المتعلق بجلسة انتخاب رئيس مجلس الدولة في السادس من أغسطس، وبالتالي
صارت إعادة الانتخابات مبررا شرعيا عند تكالة، فيما اعتبر المشري أن الحكم صدر عن
جهة غير ذات اختصاص، وأن الفصل في النزاع يكون من الدائرة الدستورية بالمحكمة
العليا.
بناء على التطورات الاخيرة، فإن أزمة المجلس
الأعلى للدولة مستمرة بل أخذت منعطفا حادا، فالمشري، المعروف بعناده وتصلبه، لم
يتزحزح عن موقفه، وتكالة وأنصاره فرضوا واقعا جديدا في التدافع حول رئاسة المجلس
بحصولهم على حكم محكمة وإجراء انتخابات.
انقسام المجلس الأعلى للدولة وغيابه كجسم موحد قد يعزز فكرة البحث عن حل للأزمة السياسية في البلاد بعيدا عن المجلسين الرئيسيين، النواب والأعلى للدولة، في سيناريو مشابه لحوار "تونس ـ جنيف" الذي أشرفت عليه ستيفاني ويليامز منذ 3 سنوات، ويبدو أن المجلس الرئاسي يدرك هذا الوضع ويحاول أن يملأ الفراغ ويحل محل الأعلى للدولة كطرف سياسي ممثل للجبهة الغربية.
وضع المشري في المنطقة الغربية ضعيف نسبيا،
فالأطراف الفاعلة والمؤثرة في العاصمة والمدن المجاورة تجنح إلى تكالة، هذا هو
الوضع مع حكومة الوحدة الوطنية والمكونات السياسية والأمنية النافذة. صحيح أن
للمشري أنصاره، لكنهم ليسوا في الحكومة أو ضمن القوى الأمنية والعسكرية الرئيسية،
وبالتالي فإن رهان المشري على عودته كرئيس فعلي للمجلس الأعلى للدولة يقع على
التغيير الحكومي الذي يوافق عليه مجلس النواب الذي يميل للمشري ويتحفظ على تكالة.
تكالة ربما يشعر بانتعاشة بعد الانتخابات
الأخيرة، وقد يراهن على استقطاب أعداد إضافية من أعضاء المجلس الأعلى للدولة الذين لم يلتحقوا به، خصوصا أنه يملك صلاحيات مالية وغيرها لا يتمتع بها
المشري، باعتبار أنه مدعوم من الحكومة، وقد يتكرر سيناريو تخلي أعضاء المؤتمر
الوطني العام عنه وانتقالهم إلى المجلس الأعلى للدولة العام 2015م وما بعدها، برغم
تشبثهم بالأول ورفضهم الاتفاق السياسي الذي أوجد الثاني.
غير أن التدافع بين كتلتي المجلس الأعلى
للدولة سيتأثر بموقف الشريك في العملية السياسية، مجلس النواب وأنصاره، وكذلك موقف
البعثة الأممية والأطراف الدولية المتدخلة في الشأن الليبي، والتي لم تنجر بشكل
صريح وعلني إلى دعم أي طرف على آخر في انتخابات أغسطس.
وكان من المتوقع أن لا تعترف البعثة الأممية
بإعادة انتخاب تكالة مؤخرا، وأن تدعو إلى وحدة الصف داخل المجلس الأعلى، وهذا يعني
أيضا عدم اعترافها بنتائج 6 اغسطس، كما سبقت الإشارة، ومن المتوقع أن تستمر البعثة
في
سياسة التعامل مع المجلس كأعضاء ولجان وليس كرئاسة، إلى حين تجاوز أزمة رئاسة
الأعلى للدولة، كما فعلت في خطتها لحل أزمة المصرف المركزي.
انقسام المجلس الأعلى للدولة وغيابه كجسم
موحد قد يعزز فكرة البحث عن حل للأزمة السياسية في البلاد بعيدا عن المجلسين
الرئيسيين، النواب والأعلى للدولة، في سيناريو مشابه لحوار "تونس ـ
جنيف" الذي أشرفت عليه ستيفاني ويليامز منذ ثلاث سنوات، ويبدو أن المجلس
الرئاسي يدرك هذا الوضع ويحاول أن يملأ الفراغ ويحل محل الأعلى للدولة كطرف سياسي
ممثل للجبهة الغربية.