ثلاثة عشر عاما
مرت على واحدة من أعظم ثورات القرن الواحد والعشرين، وتنبع عظمتها من تلك الحياة
التي أسس لها الثوار في ميدان التحرير في أيامها الثمانية عشر والتي جسّدت عالم
المدينة الفاضلة التي تخيلها أفلاطون. ولن أطيل في ذلك فلقد سبقني في وصف تلك
الأيام آخرون في العديد من المقالات والمقابلات، ولا تزال المقاطع المصورة في
مواقع رفع الفيديوهات موجودة تحيي الذكرى وتحرك الشجون.
يعتقد البعض أن
تلك
الثورة قد ماتت، لا سيما وأن هناك من يريد أن يحملها كل تبعات ما آلت إليه
البلاد ويشتكي منه العباد اليوم، كما أن هناك من يريد أن يشيطن من كانوا فيها وليس
فقط من دعوا لها، متخيلين أنهم بذلك يمكن أن يوسموا أطهر وأنقى نشاط بشري عرفه
الإنسان منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، فالله الحق هو من حرم على نفسه الظلم
وجعله محرما على عباده، وأرسل المرسلين ليخرجوا العباد من ضيق الدنيا إلى سعتها،
ومن جور الأنظمة إلى العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
فمن ظن أن الثورة
انتهت بالإطاحة بالنظام الذي أتى بها واعتقال الداعين لها ومحو آثارها وتغيير
دستورها ومحاولة شيطنتها واعتقال داعميها وتخويف أنصارها؛ فهو واهم..
من ظن أن الثورة انتهت بالإطاحة بالنظام الذي أتى بها واعتقال الداعين لها ومحو آثارها وتغيير دستورها ومحاولة شيطنتها واعتقال داعميها وتخويف أنصارها؛ فهو واهم
فكل نجاح تحققه في عملك رغم الفساد فهي ثورة، ألم تكن الثورة بالأساس على
الفساد وإقصاء الكفاءات؟ فلا تجعل الفاسدين يقصونك أو يثبطوك أو يثنوك عن أن تخدم
بلادك، فإن فعلت فأنت ثائر.
وكل قيمة تعلمها لابنك فهي ثورة، في ظل عمليات الإفساد المتعمد وتلويث
الذوق العام ومحاولة تنحية المبادئ والقيم المعنوية لصالح القيم المادية
والاستهلاكية وصولا لصناعة إنسان استهلاكي شهواني، فإن تعليمك لابنك أو أخيك أو
صديقك قيمة ومبدأ هو الثورة بعينها.
أن ترفع الظلم عن
زميل أو جار فهي ثورة، فأعداء القيم الانتهازيون لا يعيشون إلا
في مجتمع يسوده الظلم والتفرقة، فلا يمكن لهؤلاء أن يستفيدوا من مجتمع إلا
بالتفرقة بين أبنائه، وما من أداة أفضل لهم في ذلك إلا بإشاعة الظلم، فإن كانوا
يستطيعون ذلك في دوائر تحكمهم، فلا تصنعها أنت في دوائر تحكمك، فابدأ بنشر العدل في
بيتك ينتشر العدل في المجتمع.
تعليمك تلاميذك
ومرؤوسيك وزملاءك أمجاد أجدادنا فهي ثورة.. تفشل الأمم
وتخور عندما تستهين بأمجادها وتاريخها، فما رأيت يوما احتلالا ولا كارها لشعب إلا
وعمد إلى تزوير تاريخ هذا الشعب الذي يكره أو يريد أن يستغل، فعلم أبناءك وتلاميذك
ومرؤوسيك وكل من تملك عليهم كلمة أمجاد أجدادك واجعلهم يتأسون بها.
عليك أن تقبل الرأي الآخر ولو كان مرجوحا فما أتيت ثورة يناير إلا بالشقاق وتزكية الخلاف وبث الكراهية من ورائهما، فعلينا أن نسمع بعضنا بعضا حتى تتألف القلوب وتعود ثورتنا التي ما كنا نريد منها إلا أن توضع هذه البلاد في المكانة التي يجب أن تكون فيها
توعية جيرانك
بمخاطر الفساد وضرورة محاربته فهي ثورة، كلّم محيطك عن
أضرار الفساد وكيف أنه سوسة تنخر في أي مجتمع حتى تجعله قاعا صفصفا وهو المراد لأي
مستغل ولكل مصاصي دماء الناس، وانصحهم بألا يخالطوا الفاسدين ولا ينصاعوا أو يكونوا
لهم أداة.
احترامك لمواعيدك
وتربية أبنائك على احترامها فهي ثورة، نهضت الأمم باحترام الوقت
وتقديره، فبه تضبط الأعمال وبه تبنى المعاني قبل المباني، وبه يقدر الإنسان أو
يهان، فما عمر الإنسان إلا دقائق تعد، إما له أو عليه، والحصيف من يأخذ من تلك
الدقائق لبنات يبني بها مجد بلاده، وإن هو فعل فقد قدم لتلك الثورة ما حيل بين
الثوار وهدفهم.
تقديرك للرأي
الآخر ولو مرجوحا فهي ثورة، وأخيرا عليك أن تقبل الرأي الآخر ولو
كان مرجوحا فما أتيت ثورة يناير إلا بالشقاق وتزكية الخلاف وبث الكراهية من
ورائهما، فعلينا أن نسمع بعضنا بعضا حتى تتألف القلوب وتعود ثورتنا التي ما كنا
نريد منها إلا أن توضع هذه البلاد في المكانة التي يجب أن تكون فيها، فهي تستحق
وشعبها يستحق والأمة من ورائهما تستحق، فإن نهضت
مصر نهضت الأمة.