(1)
قال لي: أحسن حاجة عملها
"بنزيمة" إنه خَلّص وخِلِص..
قلت له: يعني إيه؟.. مش فاهم..
قال والدموع تتجمد في عينيه:
إنه مات.
لم أرد، هاجم الصمت الذي
قيدني وقال: معلش كلامي تقيل.. بس كده أحسن له.. لو عاش كان هيتبهدل.
"بنزيمة".. هو اسم
الشهرة للشهيد محمد صلاح بين أصدقائه المقربين، لم يكن مزاجي يسمح بالتحري عن
السبب في إطلاق اسم الشهرة، كنت مدفوعا بقراءة عقل ومشاعر البيئة المؤثرة في
صلاح.. كنت أتفحص الأصحاب من نفس الجيل والمنطقة وكأنهم عيّنة تخبرني بالخفايا
التي لا أعرفها عن شخصية صلاح ودوافعه، والكيفية التي تمت بها عملية تراكم الأفكار
والمشاعر حتى تحولت إلى "قرار" للمواجهة والفداء.. صلاح كان يعرف أنه
ذاهب بلا عودة، فلم يأخذ زاداً غير القرآن والرصاص، لذا فإن لحظة الشهادة، لم تكن
صدفة عشوائية، لكنها ذروة الرحلة وملخص للمشوار القصير الصعب الذي هو حياة صلاح
نفسها، وحياة أقرانه وأبناء جيل، فكيف كانت تلك الحياة؟..
(2)
كثيراً ما جلست أتأمل حالة
الإعجاب بما فعله صلاح، وتمني لو كان حيا ليرى ويفرح، لذلك صدمتني العبارة التي
استحسن فيه الصديق موت صديقه تجنبا للبهدلة، ولما مرّت لحظة الصدمة تذكرت
"نظمي شاهين" فهو "الشهيد الحي" الذي يمكن القياس عليه. وهناك
أيضا "أيمن حسن" لكنني لست قريباً من حياته بنفس الدرجة التي أعرف بها
تفاصيل حياة نظمي ومعاناته كسجين سابق وفقير مزمن وممنوع من العمل تحت وطأة
التقارير الأمنية. وسعد حلاوة ارتقى أثناء عملية احتجاجه على قبول السادات أوراق
أول سفير اسرائيلي في القاهرة، فارتاح من السجن وعقاب الحياة منبوذا ومطاردا أو
مهمشاً، وسليمان خاطر عاش بعد عملية الحدود فذاق مرارة السجن و"الموت
الغامض" ليبقى السؤال غائما ومريرا: هل انتحر للتخلص من عذاب ما؟.. أم نحروه
للتخلص من مأزق المحاكمة؟..
أتذكر أن أحد "سماسرة
السلام المشبوه" تطاول على نظمي لينزع عنه سمة البطولة ويتهمه بالوحشية وعدم
الإنسانية، لأنه قتل دبلوماسيا (
إسرائيلي) أعزل بنوع من الغدر، وهذا ليس بطولة!..
كان إعلام "الصهاينة
المصريين" من أمثال مكرم محمد أحمد قد أسرف في تلويث سمعة نظمي وأعضاء تنظيم
"ثورة مصر"، وكان يسخر من تلك الأكاذيب الوقحة ويهزأ بها غير مكترث،
لكنه في هذه المرة، تألم من حديث "سمسار السلام المتصهين"، لأنه استشهد
بعبارة صرح بها نظمي في حديثه عن تفاصيل العملية، حيث قال: عندما اقتربنا من سيارة
الصهاينة وتوازت النافذتان، التفت الهدف ناحيتي وابتسم متصور أنني معجب به وأرغب
في تحيته..".
فكيف تقتل رجلا أعزل يبتسم لك
في مودة؟
سأل سمسار الصهيونية مستنكرا عملية
نظمي شاهين في مواجهة الصهاينة.
وفي لقاء تلفزيوني على إحدى
الفضائيات العربية حرص نظمي على الرد على هذه التهمة التي آلمته طويلا فقال:
"آه.. أنا اللي قتلت
ألبرت أتراكشي.. لم تخدعني ابتسامة الجاسوس العدو، عنصر الموساد السادي المتوحش
الذي ظل يتفاخر بأنه عذَّب الأسرى المصريين في حربي 56 و67، وفقأ أعين بعضهم
بتلذذ، الدبلوماسي الأعزل الذي يتحدث عنه البعض ليس إلا قناع للمجرم فرد العصابة
الذي لم يحترم أي مواثيق إنسانية ولا أخلاق حرب"..
عاش نظمي بعد قتله للصهاينة،
لكن حياته توزعت بين السجن وراء الجدران، والسجن خارج الجدران، وباستثناء قلة
قليلة تغذيه بالتقدير والفخر، إلا أنه عاش يعاني الفر والهوان العربي العام، وهي
مشاعر صعبة ومريرة، لم تكن غريبة عن صلاح في حياته، لكنه تحرر منها بإصراره على
استكمال مواجهته لآخر نفس.
(3)
ذكرت في المقال السابق أنني
سأكتب بلا أسماء، حفاظا على أمن وحياة الشباب، فبرغم صدقهم وشجاعتهم، إلا أن
الإجراءات الأمنية التي سبقت الإعلان عن اسم صلاح كمنفذ لعملية "معبر
العوجة" فرضت الخوف في البيوت والشوارع، ولما لاحظ أحد الشباب أنني أراعي
إحساس الخوف قال دفاعا عن الكل: "معذورين يا أستاذنا.. الأهالي ما بيبطلوش
تنبيه على أولادهم، والخوف شايل سيفه بيقطر دم وماشي فاتح صدره في الحتة..".
حصلت على عدد كبير من عناوين
صفحات الشلة على "فيسبوك"، وفوجئت ليلتها أن أغلبهم أغلق
"البروفايل" ومنع مشاهدة المشاركات إلا للأصدقاء، فطلبت من عدد قليل
منهم إضافتي كصديق، وبعد نقاش اتفقنا على إنشاء حساب من غير اسمي وقبول صداقتي
بالاسم المستعار، مما سمح لي بتصفح المشاركات القديمة لاستكمال صورة الحالة التي
عايشتها بينهم بعد فقدان صلاح وتحوله من "بنزيمة" إلى "بطل
رمزي" يفخرون به ويحرصون على مراعاة الشخصية العامة التي يشاركهم فيها ملايين
منتشرة على أرض العرب، وليس في "عين شمس" وحدها أو مصر وفقط..
"أُقاتل في ساحة المعركة
وحدِي، أنا الجيش.. وأنا السيف"..
مشاركة قديمة على صفحة "ب"
مصحوبة بصورة من فيلم "جيم أوف ثرونز" (game of thrones)، تفاعل الأصدقاء
معها بتواريخ لاحقة لأن العبارة تبدو كما لو أنها من أقوال صلاح أثناء
"حربه"، وقد أوحت لي هذه المشاركة بقراءة جماعية للمشاركات بدون تحديد أسماء
ولا تفرقة بين ما كتبه صلاح على صفحته وبين ما تفاعل معه على صفحات أصدقائه، فمعظم
المشاركات كانت منقولة ومشتركة، ولم يكن هذا الأسلوب خداعا ولا انتحالا، لكنه نوع
من "الاختيار" الذي يمثل هؤلاء الشباب بصرف النظر عن المصدر المنقول
عنه، وبصرف النظر عن تشابه وتكرار العبارات والمشاركات والمعاني بين أبناء الجيل
الواحد و"أولاد الحتة".. وقد حرصت على استخلاص السمات العامة التي
يتشاركها صلاح وإخوانه، ومنها:
* تمسك بالتدين العصري بلا
تطرف، حيث تغلب على المشاركات الدينية نزعة سلفية عامة تبدو في مشاركات د. حازم
شومان ود. عمر عبد الكافي والشيخ الشعراوي، ودعاة كثيرين منهم الشيخ محمد حسان
وعمرو خالد ومصطفى حسني وعبد اللطيف القاسم ومحمد الغليظ وعلاء حامد ومحمد الصاوي
وآخرين، مع اعتزاز واضح بالأخلاق وحب صادق للإسلام ومقدساته ونبيه الأمين صلوات
الله عليه. وينعكس الاهتمام بالدين في مظاهر سلوكية تظهر واضحة في الاحتفاء الكبير
باستقبال شهر رمضان كمناسبة خاصة للدعاء وعمل الخير.
وقد لاحظت أن هناك شبه إجماع
في مشاركة سورة "الضحى" أو آيات منها، ولهم تفسيرهم الذي يربط آخر
الأشياء بأولها، فالعاقبة دائما خير من البداية: الآخرة خير من الأولى.. كنت
يتيماً فآواك.. كنت ضالا فهداك، كنت عائلا فأغناك..
وفي حالات كثيرة كانت مشاركة
سورة الضحى ترتبط بالتعبير عن إيمانهم الكبير بمبدأ العوض من الله، وانتظار الفرج
بعشم الواثقين:
"ما تعسّرت إلا وتيسّرت،
وما ضاقت إلا وفُرجت".
"ولعل ما ترجوه، سوف
يكون".
وهذا لم يمنع ظهور الشكوى من
ضيق الحياة، لكنها في الغالب تكون شكوى مستترة أو ممزوجة بالرضا، أو تعبر عن رغبة
في الاعتكاف بعيدا عن مشاكل الحياة للهروب من أعبائها:
"مفيش أسوأ من إنك تبقى
مش قادر، بس مُلزم تبان قادر".
وقد تكون الشكوى من غدر
الصحاب غير الأوفياء، وتفضيل العزلة على صاحب السوء، وهذا المثال من المشاركات
المهمة والنادرة كتبه صلاح بنفسه وقصره على الأصدقاء كرسالة موجهة، وقد صححت بعض
الحروف في الكتابة فقط:
"مابيصونوش رغيف.. كله
بياكل علشان جعان".
وهناك اقتباس بالإنجليزية
نصه: "Not all Friends are your
friends". والمقصود: مش كل
الأصدقاء.. يبقوا أصدقاءك بجد.
* تظهر سمة أخرى تعبر عن نزعة
احتجاجية ضد الفقر والواقع الظالم، لكنها تبتعد عن السياسة المباشرة، وتعتمد على
قضايا اجتماعية واقتباسات فنية، مثل شخصية "الجوكر" كما قدمها الممثل
جواكين فونيكس في نسخة المخرج تود فيليبس، لكن الاحتجاج لا يقلل من خفة الدم وشعور
الرضا بالحال:
"فلتَأتِ الريَاح كمَا
تَشتَهِى، عَلى أىّ حَال نَحنُ لا نَمتَلِك سفِينَة".
"لا املك رفاهية
الانهيار.. أنا مجبر على تجاوز كل المصاعب".
وتوجد أيضا سمة الاعتزاز
بالنفس دون مكابرة في التعامل مع الآخر، ويتمثل ذلك في مشاركات مثل:
"محدّش بيشّرف حد.. كل
واحد على ذمة نفسه".
"ماليش بديل.. أنا آخر
قطعة في التوكيل".
"نحن نثق في قوتنا دون
التباهي بها، ونحترم قوة الآخرين دون الخوف منهم، فإما حياة تسر الصديق.. وإما
ممات يغيظ العدو ✌".
"من حبنا حبيناه وصار
متاعنا متاعه، ومن كرهنا كرهناه ويحرم علينا اجتماعه".
"برانا هيبه وجوانا أصول".
"الشارع يبّوظ الخايب
ويعلِّم الراجل".
* استوقفتني سمة بصرية تحتاج
إلى تفصيلات كثيرة لا يتسع لها المقال، ويمكن إجمالها في مظاهر مشتركة أهمها: غرام
جارف بالأحصنة والصحاري والبحر والسيارات والنظارات الملونة.. وتكاد صورهم تتشابه
في تكرار ملحوظ في تقاليد الأفراح والعزاء ورحلات سفح الهرم ونزلة السمان وجبل
المقطم وشواطئ البحر، مع اهتمام بالأحذية الرياضية والنظارات الشمسية، حتى لو كانت
الملابس رخيصة ومهملة.
* كما استوقفتني سمة لغوية
تتمثل في استخدام الأصدقاء لقاموس خاص للتعامل فيما بينهم، وأجمل ما فيه ألفاظ
النداء والتعريف: أخويا وحبيبي/ يا عم بلدك/ يا سيد الناس/ يا قلب أخوك.. تعبيرات
تقدير ومحبة ولغة تعاطف وتكاتف من أجمل ما يكون، وعندما يخطئ أحدهم يحرصون على
العتاب وتربية بعضهم البعض بلوم مباشر من نوع:
"عيب لمّا أميّزك عن
الكُل وتخيب".
* كثافة ذكر الموت وتأثيره
على الحياة، والشكوى من تغير معاملة الناس بعد فقدان الأب، وهي حالة عظيمة التأثير
تعبر عن قداسة عميقة لمسلك "البر بالوالدين" خاصة الأب، حيث تغيب الأم
عن الصورة العامة إلا فيما ندر، بينما يحتل الأب مكانة كبيرة، ويعتبر فقدانه كارثة
معيشية يصعب نسيانها:
"لا يعتاد الإنسان غياب
والده مهما مرت السنوات.. رحم الله أبي".
"لو أهلك معاك ف ده عشان
أبوك موجود، لو بتتشال على الراس ف ده عشان ابوك موجود، لو (...) صدقني لو أبوك رحل
كل حاجه حلوه هاترحل، هتعرف يعني ايه كسر الضهر.. وان أبوك ما يتعوضش.. رحمك الله
يا فقيد".
الملاحظ أن حوادث الموت كثيرة
بين صغار السن في هذا الجيل، ومعظم الحالات نتيجة حوادث سير، أو جرائم قتل لأسباب
متعددة أغلبها دفاعا عن حق، وهذه الحالة دعتني لوصف هؤلاء الأولاد بأنهم "طوال
البال قصار العمر"، وقد اهتممت بدراسة تفاعل هؤلاء الشباب مع الموت في أكبر
حادث مؤثر فيهم قبل استشهاد صلاح، وهو "حادث مقتل سيكا" الذي وصفوه بـ"الشهيد
من أجل الحق".
"سيكا" هو اسم
الشهرة للشاب "محمد مصطفى عوف" وحيد والده التاجر، وكان مقربا من صلاح
ومعظم الشباب وصديقا لمحمود شقيق صلاح الكبير، وبعد زواجه بأشهر قتل بالرصاص أثناء
دفاعه عن محل والده في منطقة الموسكي، وقدم اشلشبا نموذجا عظيما للوفاء والسعي
بالقانون للثأر من القاتل الفاسد، وكانت حادثة "سيكا"؛ "فاجعة
محورية" كثفت حضور الموت في حياة هذا الجيل وأشعلت قتيل الفقدان والحنين إلى
ما لا يعود، وفي هذه الأجواء شعر صلاح بأثر أكبر لحوادث موت أي زميل له على
الحدود، مع حساسية مرهفة للظلم وعدم القدرة على أخذ الحق.
ويحكي الصحاب أن مثل هذه
الموضوعات أصبحت مثارا للنقاش في الفترات الأخيرة، بحيث أصبح الموت (خاصة الموت
الظالم في قضية غير عادلة) يمثل حساسية كبيرة بينهم، وأظهرت المشاركات والدردشات
بين الأصدقاء درجات متينة من التفاعل مع الموت والظلم، أصدقاء ومنهم محمود شقيق
صلاح تأثروا بحالة من الحزن الرومانسي الانسحابي:
"أنا قلبي حزين جدا
الفترة دي، حزين لدرجة إني مش قادر افرح بأي حاجة، كُل حاجة تقيلة على قلبي، مش
قادر أتخطى.. مش قادر أقاوم اللي أنا فيه، مش قادر أواجه العالم أصلاً.. أنا محتاج
هُدنة من كُل حاجة والله".
"يا مقابر أخبري أخي
الذي صار بين سكانك، أن قلبي لا ينساه، ودائما بالدعاء يرعاه، ربنا ينور قبر اللي
وحشونا ومش عارفين نشوفهم".
قضية مقتل سيكا والعجز عن
الثأر له، أدت إلى انعكاسات مختلفة على كل فرد في الشلة الكبيرة، محمود كان يجاهر
بيأسه من مواجهة الظلم وخوفه من الناس الذين خذلوه:
"علاقة سطحية مع الجميع،
وعفا الله عما سلف".
كان "محمد" يراقب
الأفعال الإيجابية لوقفات المطالبة بالقصاص وطبع صور سيكا والاتصال بوسائل الإعلام
للحديث عن القضية، وفي وسط هذه الأجواء يستعد للتجنيد على حساب الحضور في
"الحتة" وأنشطتها، ويتألم لمظاهر الظلم التي يعيشها ويشعر بها من حوله،
فتلتقي في نفسه مظالم المسلمين عموما وعجزهم عن حماية المسجد الأقصى من الاحتلال،
مع متاعب وأعباء المعيشة، وعجز عمه يوسف عن تعويض دور الأب الغائب، واختلال موازين
العدل في كل شيء حوله.
ويبدو أن رد فعله كان يتبلور
بطريقة مختلفة عن رد فعل شقيقه الكبير، برغم أن مصدر المتاعب واحد.. محمد يريد
الانسحاب والابتعاد للهروب من حالة العجز عن مواجهة الظلم، ومحمد صلاح أيضا سعى
للتخلص من الشعور بالعجز والهزيمة عن طريق التضحية بوجوده هو نفسه، ومن دون
تعقيدات كبيرة في التفكير، قرر صلاح مواجهة مشاعر العجز العام بالفداء مستبقاً عيد
الأضحى بأسابيع قليلة، بينما المؤسسة الأكبر ظلت تهرب من المواجهة مستخدمة أسلوب
الغياب والانسحاب، وهو الأسلوب الذي اختاره "محمود"، حفاظا على ما تبقى
له من حياة لا تعجبه، بينما انتصر صلاح لما يعجبه مضحيا بحياة لا تعجبه، فعاش
بموته، وحقق وجوده من خلال التضحية.
في هذه الخطوة البسيطة التي
قطعها صلاح تكمن قنبلة الرعب التي تخشى منها إسرائيل على وجودها، فصلاح لم يتحرك
بتأثير إغراء مالي أو شحن تنظيمي أو دفع سياسي، لكنه تحرك بدافع فطرة (موجودة بشكل
طبيعي) داخل كل ولد في بلد الشهيد، كلهم لديهم الرغبة في التخلص من عبء العجز
والمهانة والحياة المعيبة التي يشكون مراراتها، كلهم يبحثون عن طريقة للخلاص من
اليأس، واستبدال وجودهم المشوه بوجود أجمل وأكرم وأنجح وأكثر حضورا، وهو الوجود الذي
حققه صلاح ونال إعجاب الملايين..
أليس هذا مخيفا بالفعل للاحتلال؟
[email protected]