الخامس من حزيران/ يونيو 1967 كان يوما حزينا على كل بيت عربي وتحديدا في
مصر، دولة الاحتلال تسيطر على سيناء والجولان وجزء كبير من الأراضي الفلسطينية.
عاما تلو عام، يتحدث خبراء عن أسباب النكسة، من المسؤول؟ هل كانت خيانة
داخلية أم مؤامرة خارجية؟ يتذكر الجميع شهداء مصر من الجنود الذين تركتهم القيادة
وحدهم في الصحراء دون خطة انسحاب واضحة.
كان الخامس من يونيو ذكرى سيئة على الشعوب العربية، حتى قرر شاب مصري أن
يغير هذا التاريخ وذكراه على طريقته الخاصة.
محمد صلاح دُفن في مسقط رأسه في مصر في الخامس من يونيو بعد تنفيذه عملية
العوجة التي قتل خلالها ثلاثة جنود
إسرائيليين وأصاب آخرين، وسط احتفال عربي كبير
وسعادة شعبية مصرية بما فعله الجندي المصري.
"أنا ثابت وسط ناس كتير خابت
من عز بقوم ذل بذلهم، ومن عز بالرحمن ظل عزيزا
أنا نصحتك وانت براحتك
اللهم كما أصلحت الصالحين أصلحني واجعلني منهم
اليوم يوم ميلادي العشرين، وها أنا قد بدأت عامي الجديد لا أدري أي عمر
انقضى ولأي أجل سأعيش.
اللهم إني أشهدك بأني قد رضيت بكل ما أردته لي في عامي الماضي من عطاء وحرمان
وجبر وكسر ومن فرح وألم ومن نجاح وفشل، فأرضني في عامي الجديد بفرح وجبر من حيث لا
أحتسب.
الله مع فلسطين"..
ما فعله جندي مصري اسمه محمد صلاح سيفتح الباب لدراسات وأبحاث ونقاشات مطولة داخل دولة الاحتلال وفي قصور السيسي للبحث عن إجابة سؤال واحد: أين أخطأ هؤلاء طيلة عشر سنوات؟ ولماذا لم يقتنع شاب مصري عادي جدا بتغيير العقيدة العسكرية والأمنية في مصر، رغم اتفاقات التطبيع ومليارات الدولارات وفيديوهات البلوجرز وإعادة فتح السفارات بين دول عربية ودولة الاحتلال؟
كلمات كتبها شاب مصري عادي جدا، ملامحه هي ملامح ملايين المصريين، ابتسامته
هي ابتسامة أصدقائك وجيرانك، شاب عادي جدا تقابله يوميا في الشوارع وفي المواصلات
العامة وعلى المقاهي، ربما صادفته في ورشة للالوميتال أو النجارة، ربما كان عامل
البنزينة الذي رأيته يوما فابتسم لك وابتسمت له ولم تذكره بعد ذلك.
شاب مصري لم يكمل تعليمه، ولكنه بموته علّم العالم أجمع أن للشعوب كلمتها
وقراراتها التي تفاجئ الحكام وحلفاءهم في كل مرة.
محمد صلاح الذي أغضب دولة الاحتلال بإعلامها وجيشها وقادتها، كما أغضب
السيسي بإعلامه وقياداته العسكرية فبات يوصف تارة بالمخرب وتارة بفرد الأمن وتارة
بالشهيد.. ما فعله جندي مصري اسمه محمد صلاح سيفتح الباب لدراسات وأبحاث ونقاشات
مطولة داخل دولة الاحتلال وفي قصور السيسي للبحث عن إجابة سؤال واحد: أين أخطأ
هؤلاء طيلة عشر سنوات؟ ولماذا لم يقتنع شاب مصري عادي جدا بتغيير العقيدة العسكرية
والأمنية في مصر، رغم اتفاقات التطبيع ومليارات الدولارات وفيديوهات البلوجرز وإعادة
فتح السفارات بين دول عربية ودولة الاحتلال؟
هذا بالضبط ما أغضب كاتبا إسرائيليا ودفعه للمطالبة بإعادة تربية جنود
الجيش المصري على مفهوم السلام مع إسرائيل، وفقا للكاتب، فاتفاقية كامب ديفيد هي
مجرد اتفاق عدم اعتداء وليس اتفاق سلام على المستويين الرسمي والشعبي بين مصر وإسرائيل.
هذا الغضب الإسرائيلي دفع نظام السيسي لاتخاذ
مجموعة من الإجراءات القمعية
تجاه الجندي المصري وعائلته، بدأها بمنع إقامة عزاء للجندي المصري ونشر قوات أمنية
بكثافة في محيط منزله، ومنع الصحفيين من التصوير أو إجراء مقابلات مع أفراد عائلته،
اعتقلوا أصدقاءه وزملاءه وبعض أقربائه.
الغضب الإسرائيلي دفع نظام السيسي لاتخاذ مجموعة من الإجراءات القمعية تجاه الجندي المصري وعائلته، بدأها بمنع إقامة عزاء للجندي المصري ونشر قوات أمنية بكثافة في محيط منزله، ومنع الصحفيين من التصوير أو إجراء مقابلات مع أفراد عائلته، اعتقلوا أصدقاءه وزملاءه وبعض أقربائه
دفنٌ في الخفاء، ومنع للعزاء، وتجنب للثناء على شاب قام بواجبه في حماية
الحدود وفقا للرواية الرسمية.. تجاهلٌ لذكر اسمه أو نشر صورته، ومنع تام للصلاة
عليه أو نشر صور من جنازته.. هكذا حاول النظام المصري أن يمحو أثره ويمنع ذكره،
فما الذي حدث؟
صلى عليه الغائب والحاضر، صلى عليه الصغير والكبير، رفعوا صوره داخل المسجد
الأقصى، وأقاموا له سرادق عزاء في مخيم جنين وفي العديد من المدن الفلسطينية.
ترحّم عليه ملايين المسلمين، رفعوا صوره واسمه داخل بيت الله الحرام، أدى
عنه كثيرون العمرة، ودعوا له بالرحمة.
هكذا إذا، أراد النظام ألا يغضب دولة الاحتلال، فأغضب
ملايين المصريين
والعرب والمسلمين واستفز مشاعرهم، فانفجرت مواقع التواصل الاجتماعي احتفاء بمحمد
صلاح وتخليدا لذكراه لليوم الثالث على التوالي.
رحل محمد صلاح وترك للنظام المصري حصار بيته ومنع عزائه، ومحاولاته البائسة
في إرضاء دولة الاحتلال.
twitter.com/osgaweesh