أسبوع حافل مرت به
ليبيا شهد حراكا حيويا وتفاعلات كبيرة على
المسارين، الداخلي والخارجي، غير أن أثار هذا الحراك وتلك التفاعلات ما تزال غير
معلومة ونتائجهما ما تزال في كفة الاحتمالات.
على المسار السياسي الداخلي كان إصدار مجلس النواب التعديل الثالث
عشر على الإعلان الدستوري أهم حدث هذا الأسبوع، والتعديل المشار إليه بالنسبة
لمجلس النواب ينهي الجدل والنزاع حول القاعدة الدستورية، ذلك أن التعديل تضمن
الشكل الجديد لنظام الحكم والذي تتكون فيه السلطة التشريعية من غرفتين، مجلس
النواب ومجلس الشيوخ، والتنفيذية لرئيس يتمتع بسلطات كبيرة منها تعيين رئيس
الوزراء واعتماد حكومته.
الجديد أيضا في التعديل الدستوري الثالث عشر أنه لم يتطرق للمسائل
الأساسية محدل النزاع، وهي أهلية وشروط الترشح لمنصب الرئيس ولعضوية مجلس الأمة
(النواب والشيوخ)، خاصة مزدوجي الجنسبة والعسكريين، وترحيلها إلى القوانين التي
تنظم العملية الانتخابية.
شريك مجلس النواب في رسم ملامح الانتقال عبر التوافق على القاعدة
الدستورية، وهو المجلس الأعلى للدولة، منقسم على نفسه بخصوص التعديل الدستوري، فالمفترض
أن التعديل يقع عبر تفاهمات بين لجنتين من المجلسين، وهذا ما لم يتأكد للفوضى التي
أحاطت بالحوار والتفاوض بينهما، ومن المفترض أن لا يصدر التعديل على الإعلان
الدستوري حتى تتم موافقة المجلس الأعلى للدولة، ما وقع أن مجلس النواب إصدر
التعديل بل وتم نشره في الجريدة الرسمية.
مجلس النواب، الرئاسية وأعضاء فاعلين، ينجحون غالبا في جر الأعلى
لدولة لخانتهم، برغم مخالفتهم لمقررات اتفاق الصخيرات فيما يتعلق بالانتخابات
واستحقاقاتها، ويبدو أن رئاسة المجلس الأعلى للدولة وكتلة ذات وزن فيه توافق على
التعديل، ولقاء الأيام الماضية الذي لم ينته إلى اتفاق حول التعديل لم يشير إلى أن
المعارضة قوية داخل المجلس وقادرة على دفع الأغلبية للتصويت ضد التعديل، وإن غدا
لنظاره قريب، وهو موعد التصويت على التعديل في المجلس.
الخيارات البديلة في حال تعثر الاتجاه الرئيسي إما الاقتصار على إجراء انتخابات برلمانية، باعتبار أن الجدل كل الجدل حول الانتخابات الرئاسية واشتراطات الترشح لها، ولأن جبهة عريضة ترفض الاقتصار على الانتخابات البرلمانية منفردة، فإن الخيار البديل الثاني يدعو إلى الاستفتاء على مسودة الدستور التي أعدتها هيئة وضع الدستور بالتزامن مع انتخاب الرئيس.
ما وقع على الساحة الداخلية هو شديد الصلة بالتفاعلات والحراك على
الساحة الخارجية، حيث البعثة والأطراف الدولية المعنية بالنزاع الليبي، والجديد
على هذا المسار هو الوثيقة التي سربت على أنها رؤية البعثة والدول الغربية الفاعلة
لتسوية النزاع الليبي الراهن. وتضمنت الوثيقة توجها رئيسيا وخيارات بدايلة، الخيار
الرئيسي هو ما يمثل اتفاقا مع التعديل الدستوري الذي أصدره مجلس النواب، بمعنى
إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، لكن بعيدا عن مجلس النواب والأعلى للدولة، وإنما
عبر لجنة فنية تضم قضاة تتشكل بمرسوم يصدره المجلس الرئاسي تكون مهمتها وضع الأساس
القانوني للانتخابات، وذلك في إطار خارطة طريق تطلقها البعثة الأممية تحدد موعدا
للانتخابات قبل نهاية العام الحالي وتشتمل على مقاربة اللجنة الفنية والمرسوم
الرئاسي.
الخيارات البديلة في حال تعثر الاتجاه الرئيسي إما الاقتصار على
إجراء انتخابات برلمانية، باعتبار أن الجدل كل الجدل حول الانتخابات الرئاسية
واشتراطات الترشح لها، ولأن جبهة عريضة ترفض الاقتصار على الانتخابات البرلمانية
منفردة، فإن الخيار البديل الثاني يدعو إلى الاستفتاء على مسودة الدستور التي
أعدتها هيئة وضع الدستور بالتزامن مع انتخاب الرئيس.
البعثة نفت صلتها بالوثيقة، والراجح أن الوثيقة صحيحة وهي ثمرة توافق
دولي غربي مع البعثة، وتسريبها ربما كان متعمدا لممارسة ضغط على النواب والأعلى
للدولة للتوافق حول القاعدة الدستورية، وبالتالي فقد يكون توجه البعثة، ومن خلفها
الأطراف الغربية الفاعلة، هو الرهان على توافق المجلسين حول التعديل الدستوري الثالث
عشر، وفي حال فشلا في التوافق يكون الطريق ممهدا للأخذ بمضامين الوثيقة، خاصة
التوجه الرئيسي، الذي يقوم بموجبه المجلس الرئاسي بالإشراف على خارطة طريق بعيدا
عن المجلسين وذلك في مسار شبيه بما وقع في ملتقى الحوار السياسي (حوار تونس ـ جنيف)
الذي أفرز التوافق على انتخابات كانون الأول (ديسمبر) 2021م والسلطة التنفيذية.