كتاب عربي 21

13 يناير، فصل جديد من الصراع المغربي الجزائري؟

طارق أوشن
الخلاف الجزائري ـ المغربي يعود مجددا من باب الرياضة أيضا (الأناضول)
الخلاف الجزائري ـ المغربي يعود مجددا من باب الرياضة أيضا (الأناضول)
الثالث عشر من شهر كانون الثاني (يناير) الجاري، موعد سيشهد جولة أخرى من جولات "الحرب" المغربية ـ الجزائرية غير المعلنة والمستمرة منذ إعلان الجزائر عن قطع علاقتها بالجار الغربي، من جانب واحد، وإغلاق الأجواء الجوية في وجه طائراته وتوقيف تصدير الغاز عبره وغيرها من الإجراءات "السيادية" الأخرى.

فمنذ يوم وقوف رمطان لعمامرة لتلاوة بيان القطيعة الذي استحضر محطات "خلافية" ميزت، من وجهة النظر الجزائرية، مسار العلاقة بين البلدين منذ "الاستقلال" عن المستعمر الفرنسي، لم تتوقف آلة الهدم ومعول التخريب في الدفع بالبلدين إلى نقطة اللا عودة التي قد لا يتمناها أحد لكنها تبدو، أكثر من أي وقت مضى، ضرورة لتحريك المياه الآسنة: الحرب. ففي حواره مع جريدة لوفيغارو قبل أيام، أعلن الرئيس عبد المجيد تبون أن قطع العلاقات مع المغرب كان البديل عن الحرب، قبل أن يؤكد أن لا وساطة في الأفق مع الرباط، وهو أول تلويح رسمي من أحد أطراف الصراع المحتدم  باحتمالية الدخول في حرب؛ لأن قطع العلاقات لم يكن يوما بديلا عنها بل محفزا على اندلاعها. الحوار هو الطريق المتعارف عليها لتفادي الحروب وحل الخلافات، وهو أمر لم يتوقف المغرب، من خلال أعلى سلطة فيه، من الدعوة إليه وتأكيد جدواه.

في الثالث عشر من شهر كانون الثاني (يناير) سيشهد ملعب "نيلسون مانديلا" بِبراقي، إحدى ضواحي العاصمة، فعاليات حفل افتتاح كأس أفريقيا للمحليين المعروفة اختصارا باسم "الشأن"، وهو حفل سيحضره حسب الإعلام الجزائري، كل من جياني أنفانتينو وباتريس موتسيبي، رئيسا الفيفا والكاف تواليا، بالإضافة لشخصيات أخرى رسمية ورياضية من مختلف البلدان. الشأن الذي تعول عليه الجزائر لتدعيم ملف ترشيحها لاحتضان منافسات كأس أفريقيا للعام 2025، في مواجهة جارها الغربي الطامح أيضا للظفر بالتنظيم. وكأن ضراوة الخلافات المستعرة بين البلدين لا تحتاج لمزيد من صب الزيت على النار، تشاء روزنامة التظاهرات العالمية أن يحتضن المغرب في نفس يوم الافتتاح، الثالث عشر من شهر كانون الثاني (يناير)، حفل قرعة كأس العالم للأندية "الموندياليتو"، كما حددته الفيفا، استعدادا لهذا الحدث العالمي، الذي ستشهد الملاعب المغربية أطواره بالتوازي مع مقابلات الأدوار الختامية من "الشان" الجزائري. حفل القرعة المعلن عنه سيتم بحضور كل من جياني أنفانتينو وباتريس موتسيبي، رئيسا الفيفا والكاف تواليا، بالإضافة لشخصيات أخرى رسمية ورياضية من مختلف البلدان. هل هي الصدفة أم هو قدر البلدان ألا يفترقا، ولو في مجالات التنابز والمنافسة والدسائس ولعبة الكواليس؟

ليست المشكلة في دعوة الرئيسين للحضور في محفلين أحدهما عالمي والآخر قاري في بلدين جارين، فوسائل النقل الجوية والقرب الجغرافي يمنحان الرجلان فرصة "جبر الخواطر" وإرضاء الجانبين. لكن المشكلة مرتبطة بالأساس بموقف، لم يعلن بعد بشكل رسمي لكن المؤشرات كلها تدل عليه، يقضي برفض السلطات الجزائرية لطلب وجهه الاتحاد المغربي لكرة القدم للجنة الكاف التنظيمية للشان، يطلب فيه تمكينه من رحلة مباشرة من المغرب في اتجاه المطارات الجزائرية شرطا أساسيا للمشاركة والحضور. موافقة السلطات بالجزائر تعني كسرا لـ "الحصار الجوي" المفروض على الطائرات المغربية وتراجعا عن قرار سياسي "سيادي".

في الثالث عشر من شهر كانون الثاني (يناير)، ستضطر الجزائر لفتح أجوائها لرحلة أو رحلات مباشرة من المغرب تقل إنفانتينو وموتسيبي وغيرهما من الأعضاء المدعوين لحفل افتتاح "الشأن". يومها، سيصبح شعار "خاوة خاوة" ومعه أي حديث عن السعي للحفاظ على العلاقات بين الشعبين بمعزل عن "تصرفات المخزن" حديثا بلا معنى.
ومعلوم أن المغرب لم يقاطع يوما تظاهرة رياضية منظمة بالجزائر متجشما عناء السفر إلى الجارة الأبعد تونس، دون المرور عبر الأجواء الجزائرية، ثم العودة عكسيا في مشهد سوريالي، يلغي أي حدود فاصلة ممكنة بين السياسة والرياضة، كما يدعي الكثيرون السعي لتكريسها. وبالرغم من التضييقات على الوفود الصحفية المرافقة والحيلولة دونها وتغطية المشاركات المغربية، وحجزها بالمطارات ومنعها من الدخول وغيره من الممارسات، حافظ المغرب على الحضور، حتى انتهى الأمر بما تعرض له أطفال، مثلوا بلدهم في بطولة العرب لأقل من سبعة عشر سنة، من ضرب واعتداء داخل الملعب الذي احتضن المباراة النهائية، ضد منتخب البلد المضيف وانتهت بفوز المنتخب الجزائري بضربات الترجيح.

في الثالث عشر من شهر كانون الثاني (يناير)، ستضطر الجزائر لفتح أجوائها لرحلة أو رحلات مباشرة من المغرب تقل إنفانتينو وموتسيبي وغيرهما من الأعضاء المدعوين لحفل افتتاح "الشأن". يومها، سيصبح شعار "خاوة خاوة" ومعه أي حديث عن السعي للحفاظ على العلاقات بين الشعبين بمعزل عن "تصرفات المخزن" حديثا بلا معنى. وسيتأكد من لا يزال عنده شك أن السلطة في الجزائر تتخذ من العداء للمغرب عقيدة لا رجعة عنها، وأن بعض التصريحات الديبلوماسية الموجهة للخارج، ما هي إلا محاولات لرفع الحرج أو التنصل من واقع مرير ملؤه الحقد والضغينة والسعي المتأصل للإضرار.

في حواره مع جريدة لوفيغارو، وصف الرئيس عبد المجيد تبون وصول المنتخب المغربي للمربع الذهبي، في كأس العالم بقطر، بـ"المشرف للكرة العربية والمغاربية"، وذكر بالقول: "لقد شجعونا عندما فزنا بكأس الأمم الأفريقية 2019". ما نسي الرئيس التذكير به هو مبادرة ملك المغرب بإرسال برقية تهنئة أشاد فيها بأداء الفريق الجزائري وقتها. أما في 2022، فقد شهد العالم كله كيف أصر التلفزيون ووكالة الأنباء، ومعهما عدد من الجرائد الرسمية الناطقة باسم الحكومة الجزائرية، التغطية على نتائج "أسود الأطلس" وتفادي الحديث عنها، ولو اقتضى الأمر "أخطاء في قسم الجرافيك" تقفز عن الحقيقة الساطعة، تماما كما حدث لنفس القسم الفني، وهو يقضم الصحراء من خريطة المغرب غداة تغطية قناة الجزائر الدولية لفعاليات القمة العربية الأخيرة.

الأنكى أن التلفزيون الرسمي لم يجد، في عز الفخر بما حققه المغرب هناك بالدوحة، غير عرض "فيلم" اعتبره "تحقيقيا" يكشف تفاصيل مخطط إجرامي مغربي للاستغلال الجنسي للأطفال الجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي. الرئيس عبد المجيد تبون كان تمنى، وهو يحضر افتتاح المونديال، أن نشهد يوما ما دولتين عربيتين في نهائي كأس العالم. منتخب المغرب كان قريبا من تحقيق أمنية الرئيس لكنه لا يزال، حتى اللحظة، في انتظار السماح له بالتوجه إلى قسنطينة في العاشر من كانون الثاني/يناير للمشاركة في البطولة الأفريقية للمحليين.
التعليقات (18)
إبن محمد
الأحد، 08-01-2023 07:37 م
شكرا للسيد المدني لرده على ترهات و خطاب المظلومية الذي يتشدق به الجزائريون و مؤخرا أيضا التوانسة من أنصار البئيس قيس السعيد. فقط أود أن أشير إلى نقطة مهمة لم يتحدث عنها السي المدني وهي أن هذه الدولة التي يصفها هذا المعلق "Dzir" ب"المسالمة" تمول و تشرف وتتبنى تنظيما اشتراكيا مسلحا منذ 1975 يعادي و يحارب بلدنا!! ثم يأتي بعض أزلام العسكر و النيف المريض بعقد الدونية ليقول أنه مظلوم و "المخزن" و "سيدنا" إعتدوا عليه. قمة الشيزوفرينيا و الهلوسة!!
العراقي
الأحد، 08-01-2023 04:56 م
هذا العراقي مرة أخرى, إيه و الله, المغرب خير منكم, و بألف درجة. يعني أنا مو عارفكم يا جزائريين. أعرفكم و أعرف المغرب و المغاربة زين. المغرب على حق و كاتب المقال مو ذكر عيب...يا أخي العالم يعرف مين يحكمكم و واقعكم القبيح...قاعدين تطاولون على أسيادكم المغاربة. أف لكم. أنشروا من فضلكم.
المدني
الأحد، 08-01-2023 10:17 ص
جميل! يبدو أن هناك بعض ممن يسمون اليوم بالجزائريين -تاريخيا, حضاريا و ثقافيا هم كانوا دائما عبر التاريخ من رعايا سلاطين المملكة المغربية - يريدون أن يتناقشوا و يتحدثوا بطريقة حضارية. المدعو "Dzair" قام بوضع بعض الأسئلة و جاء ببعض أنصاف الحقائق, سنجيبه عنها بإذن الله. يقول المدعو "Dzair" التالي:"...أنا هنا لست أدافع عن أي نظام.....إجبار الجزائريين على أخذ التأشيرة سنوات العشرية عندما كان الشعب الجزائري يعاني الأمرين...". صحيح! المملكة المغربية فرضت التأشيرة على كل المواطنين المنتمين لما يسمى بالجزائر لضبط و مراقبة كل من يأتي من هناك, بعد ضلوع جزائريين في جرائم إرهابية حدثت في صيف 1994 بمدينة مراكش (لا أحتاج أن أذكرك بالحرب الأهلية التي قامت في بلادك بعد إنقلاب العسكر عن نتائج الإنتخابات و أهوال التقتيل و التنكيل التي عاشتها بلادك في التسعينات و مازالت و إن بنسبة أقل اليوم). فرض التأشيرة قرار سيادي تمارسه كل الدول. ما دمت تدعي الحوار العلمي الرصين فلا تخلط الأوراق من فضلك يا سيد"Dzair"! القانون السياسي و العلوم السياسية تفرق بين إغلاق الحدود و فرض التأشيرة. هذان شيآن مختلفان كليا. دولة الجزائر تمنع مواطنيها من التحرك بحرية و زيارة المملكة المغربية مثل أنظمة ألمانيا الشرقية و كوريا الشمالية لكونها تعلم علم اليقين أنه لن يبقى جزائري واحد لن يأتي لزيارة المملكة المغربية. أن تفرض المملكة المغربية التأشيرة على من تراه يستحق التأشيرة فهذا حقها (يمكن للجزائر أن تمارس مبدأ المعاملة بالمثل, لكن السؤال هو كم من المغاربة سيزورون بلادك؟ قلة قليلة جدا! لا يوجد ما يثير مغربيا في الجزائر, هذا هو الواقع). ورد في تعليقك أيضا يا "Dzair":"...الحرب التي شنها المغرب على الجمهورية الفتية بعد عام واحد من الاستقلال ومن دون أي سابق استفزاز من الجزائر..." نعم هاجمت قواتنا الملكية الباسلة تحت إمرة الكلونيل إدريس بنعمر -رحمه الله- ما أصبح يسمى "الجزائر" بعد أن رفضت الطغمة الحاكمة التفاوض بخصوص الصحراء الشرقية المغربية (بشار, كولومب, توات, تندوف) التي إقتطعتها فرنسا المستعمرة من مملكتنا الشريفة عام 1950 بعد إكتشاف منجم الحديد في الجبيلات. إنقلب العسكر على السلطة في بلادك عام 1963 و إستفزوا جنودنا المغاربة في الحدود بإطلاق النار, بل قتلوا بعضا منهم ظلما و عدوانا. شخصيا أعتبر أن السلطان محمد الخامس -رحمه الله- إرتكب خطأ فادحا بعدم التفاوض مباشرة مع فرنسا (دولة إسمها الجزائر لم تكن أصلا موجودة آنذاك) لإسترجاع الصحراء الشرقية. أيضا السلطان الحسن الثاني -رحمه الله- في مؤتمر باماكو, ما كان ينبغي عليه أن يأمر القوات المسلحة الملكية بالعودة و هي تسيطر على كل الغرب الجزائري الذي هو جزء لا يتجزء من التراب المغربي. يا "Dzair" لم يعتد أحد عليكم! أنتم من بدأ ! و ظلمتم أنفسكم و مازلتم في غيكم إلى أن تاتيكم ماحقة أخرى من لدن القوات المسلحة الملكية. حاولتم يا "Dzair" أن تقارنوا النظام السياسي للمملكة المغربية بأنظمة جمهورية الموز العسكرية, على أساس أنهم سواسية!! لا! هذا دجل و هراء لا يعتد به! هامش الحريات و الرخاء الإقتصادي و التطور المجتمعي في المملكة المغربية لا يمكنك مقارنته ببلادك! بمصر السيسي أو تونس قيس السعيد! صحيح نطمح كمغاربة لما هو أفضل, نريد مشاركة ديموقراطية أفضل و حرية أكبر في تدبير الشأن العام. تقع عندنا أيضا أخطاء, البعض منها جسيم...لكن هذه أشياء تخصنا نحن كمغاربة, لا شأن لك بها أنت و لا غيرك. أود أخيرا أن أشد على يدي الكاتب المغربي الشاب و أهنأه عن مقاله الجيد.
Dzair
السبت، 07-01-2023 04:37 م
هل يمكن للموضوعية أن تكون مع كاتب حرف الحقيقة وتجاهل عمدا أحداث تاريخية كبرى أوصلت الوضع لما هو عليه، وأنا هنا لست أدافع عن أي نظام وقد ذكر صاحب التعليق "غزاوي" جزءا منها كإجبار الجزائريين على أخذ التأشيرة سنوات العشرية عندما كان الشعب الجزائري يعاني الأمرين، أو الحرب التي شنها المغرب على الجمهورية الفتية بعد عام واحد من الاستقلال ومن دون أي سابق استفزاز من الجزائر، لم يذكر مثلا كيف هدد وزير خارجية الكيان الجزائر من أرض المغرب وهو الذي لم يقم بمثل هذا التصريح من أي دولة أخرى سواء قريبة او بعيدة لأن الدول عادة لا تقبل مثل هذه المواقف الغير دبلوماسية.... الأمثلة كثيرة ومن الجانبين وليس المقام هنا لسردها او المجادلة بها، لكن من يريد أن يناقش أكاديميا فهذه هي الطريق، من يبدأ مقالة بكلمات عن الأخوة وغيرها لا يجب عليه ذكر نصف الحقيقة وتضليل القارئ أما صاحب صاحب التعليق الذي سمى نفسه "عراقي" فمن تسميه بالكاتب أعطى رأيه من جهة واحدة واعتمد رواية النظام المغربي فقط ولي الحق ولغيري التعقيب وتصحيح المفاهيم في إطار محترم وليس كتعليقك وتعليق البعض الآخر المبطن بالإنتقاص والتعدي على الغير، اما اذا كنت تتكلم على الشرعية فأستطيع أن أطرح عليك نفس السؤال وهو ممن يستمد الملك شرعيته ( نفس السؤال ينطبق على كل الأنظمة العربية بلا إستثناء !)
العربي التواتي
السبت، 07-01-2023 02:16 م
هذا المعلق "الغزاوي" يهلوس و يهدي بكلام يثير الغرابة دائما. هذا الشخص يكتب تعليقاته في أي شيء يتعلق بالمملكة المغربية و يعلق دائما بإسم "الغزاوي" أيضا في جريدة القدس العربي و هسبريس المغربية. هو حالة فريدة من نوعها يعكس واقع مجتمعه وحالته الذهنية المتدهورة.