ملفات وتقارير

بعد سداد ديون الكويت.. هل يحق لإيران تعويضات من العراق؟

العراق خرج من إجراءات "الفصل السابع" بعد تعويضاته للكويت- جيتي
العراق خرج من إجراءات "الفصل السابع" بعد تعويضاته للكويت- جيتي
مع طوي العراق ملف تعويضات الكويت، وإعلان خروجه من طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يدور حديث في الأوساط السياسية والإعلامية العراقية عن تحرك إيراني للمطالبة بتعويضات عن حرب الخليج الأولى في ثمانينيات القرن العشرين.

وأعلن وزير الخارجية، فؤاد حسين، في أثناء كلمة بمجلس الأمن في 22 شباط/ فبراير الماضي، أن "العراق يطوي اليوم صفحة مهمة من تاريخه استمرت أكثر من ثلاثين عاما، وأنه لم يعد مطالبا بدفع أي مبالغ مالية إضافية مستقبلا، أو التعامل مع إجراءات الفصل السابع".

مطالبات إيرانية

وربط مراقبون ما يدور من حديث عن مطالبات إيرانية بتعويضات من العراق عن حرب الثماني سنوات، بزيارة وفد إيراني يرأسه مساعد الرئيس الإيراني ورئيس مؤسسة الشهيد وشؤون المضحين أمير حسين قاضي.

وأعلن مكتب رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، الأربعاء، استقبال مساعدَ الرئيس الإيراني أمير حسين قاضي والوفد المرافق له، مشيرا إلى أن اللقاء ناقش مذكرةَ التفاهم المشتركة، والتي تضمنت بنودا عدة ومواد لآليات التعاون والشراكة بين البلدين، بما يخدم قضية الشهداء والضحايا وعوائلهم.

وفي السياق، كتب الإعلامي العراقي عثمان المختار، على "تويتر" الأربعاء، قائلا: "دوائر إيرانية نافذة في طهران بدأت بالتحرك بشكل جدي منذ أيام، لمطالبة العراق بتعويض مالي عن أكثر من نصف مليون إيراني لقوا مصرعهم خلال المواجهات مع الجيش العراقي 1980 ــ 1988، وآخرين يريدون تعويضات للجرحى أيضا. على ثقة أن طلبات الإيرانيين ستجد ترحيبا من (الإطار التنسيقي) على الأقل!".

 


وقبل ذلك، طالب عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، علي رضا ورناصري، في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، السلطات العراقية بنقل ملكية بعض الآبار النفطية لطهران، لتكون بمثابة غرامة تدفع لقاء خسائر الحرب الإيرانية العراقية، والتي تعرف بـ"حرب الخليج الأولى".

ونقل موقع "انتخاب" الإيراني عن ورناصري، قوله إن "على العراق دفع غرامة الحرب بمقدار 1100 مليار دولار"، مضيفا أن "إيران لم تطالب بالمبلغ في السابق لتثبيت علاقات حسن الجوار بعد سقوط صدام".

وأضاف أن "الكويت حصلت على غرامة الاجتياح العراقي لأراضيها، من خلال حصولها على حصة من مبيعات النفط العراقية. وبناء على هذه التجربة، يمكن أن يقوم العراق بنقل ملكية عدد من آباره النفطية إلى إيران".

"استهلاك إعلامي"

من جهته، وصف الخبير القانوني العراقي، القاضي علي التميمي، في حديث لـ"عربي21"، أي دعوات تصدر من أطراف إيرانية تطالب بتعويضات بأنها "غير قانونية، وهي للاستهلاك الإعلامي لا أكثر".

وقال التميمي إن "الفصل السابع الذي دخل فيه العراق لا يتعلق بإيران، وإنما يخص اجتياح الكويت، وبعد أن أنهى العراق التزاماته تجاه الكويت والديون المترتبة عليه، خرج من طائلة هذ الفصل، وبالتالي إذا زال المانع عاد الممنوع".

وأضاف الخبير أن "ملف الحرب العراقية الإيرانية لا يوجد شبه بينه وبين الإجراءات التي اتخذتها الأمم المتحدة بخصوص الكويت، وإذا كانت طهران تطالب بتعويضات عن الحرب، فالعراق أيضا يستطيع أن يقدم ما لديه من أدلة تجاه إيران".

 

اقرأ أيضا: العراق يخرج من إجراءات "الفصل السابع" بعد تعويضاته للكويت

وأكد التميمي أنه "لا يوجد قرار من مجلس الأمن يلزم العراق بدفع أي شيء، فالقرار الدولي رقم 598 الذي صدر عام 1988 من مجلس الأمن أوقف الحرب بين البلدين، وجاءت قوات حفظ السلام في وقتها لمراقبة ذلك، ولم يتطرق إلى أي تفاصيل خاصة بالتعويضات المالية، سواء للعراق أو لإيران".

وتابع: "لو كان أي قرار ينص على تعويضات، لكان العراق التزم الدفع في حينها، لأن قرارات مجلس الأمن واجبة التنفيذ، حتى إذا ذهبت الحكومات، لكن الديون تبقى، وعلى الدولة سدادها، وأعتقد أن طرح الموضوع في الوقت الحالي هو للاستهلاك الإعلامي ليس أكثر".

وفي آب/ أغسطس 2018، قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، إن التعويضات تعدّ التزامات لا يمكن تجاهلها في علاقات إيران والعراق، لافتا إلى أن "العراق قادر على دفع تعويضات الحرب لإيران، ونحن نتوقع أن يتم تنفيذ هذه القضية".

"صفقة سياسية"


وفي السياق ذاته، علق المحلل السياسي العراقي فلاح المشعل، في حديث لـ"عربي21"، قائلا: "لا يوجد إطار قانوني مرتبط بالبند السابع ينص على تعويضات لإيران، وإنما فقط يتعلق بدولة الكويت".

وأضاف المشعل أن "هناك بالفعل في الوقت الحالي أحاديث وتأويلات، كلها تذهب باتجاه مطالبة الجانب الإيراني بتعويضات عن الحرب الإيرانية العراقية، التي امتدت ثماني سنوات في القرن العشرين".

وأوضح أن "العراق حاليا في وضع اقتصادي وأمني وسياسي ضعيف، لذلك ربما تكون هناك استجابة لهذه المطالب، كما صدرت سابقا قوانين عدة غير شرعية ولا قانونية، لكن صوّت البرلمان عليها، وأصبحت تشريعات، مثل قانون السجناء السياسيين وغيره، حيث كانت القضية أشبه بعملية نهب ممنهج بغطاء شرعي".

وتساءل المشعل، قائلا: "إذا كانت إيران بالفعل طرحت موضوع المطالبة بتعويضات للخسائر، فخسائر العراق من يعوضها في الحرب البينية بين دولتين، فالعراق أيضا لديه شهداء وجرحى ومعاقون؟".

ورأى الخبير السياسي أنه "إذا جرى تعويض الإيرانيين، فإنها كارثة حقيقية على الاقتصاد العراقي وموازنة البلد المالية، حتى مع سداد تعويضات الكويت، لأنها تعاني من عجز؛ لأن هناك أكثر من 30 مليار دولار لديون الخارج غير ديون الداخل".

وأشار إلى أن "كل تحرك لا يمكن عزله عن الجنبة السياسية، فهناك تشابك مصالح بين أطراف عراقية والحكومة الإيرانية، وكذلك وجود صراع عراقي بين الكتل السياسية الشيعية حول تشكيل الكتلة الأكبر والوصول إلى السلطة، إضافة إلى صعود أسعار النفط الذي يغري الأطراف السياسية للبقاء في السلطة، وكل هذه الجوانب مرتبطة بهدف واحد".

ولفت المشعل إلى أن "إيران تهدف من وراء ذلك -إن كان حقيقيا- إلى كسب المزيد من المليارات من الخزينة العراقية، ويستخدم أيضا من قوى الإطار التنسيقي الحليفة لإيران التي تدعمها الأخيرة وتريدها في السلطة".

ورجح الخبير السياسي "وجود اتفاقات وصفقات عديدة تجري، لا سيما أن البلد منذ 5 أشهر دون حكومة، ولا يوجد رئيسان للوزراء وللجمهورية منتخبان، لذلك في ظل هذا الوضع المضعضع من الممكن أن تمر بعض الصفقات، ولا أستبعد أن تمر هذه الصفقة أيضا (تعويضات الإيرانيين)، مقابل وصول أطراف إلى السلطة في البلد".

 
التعليقات (1)
كاظم صابر
الجمعة، 04-03-2022 09:08 ص
مع أن إيران نهبت الكثير من ثروة العراق منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 و حتى اليوم ، إلا أنه ليس بمستبعد إخضاع العراق لنهب آخر أكبر من خلال طلب تعويضات منه حتى يتسنى لإيران القيام بالأدوار الوظيفية لها "خدمة للغرب" لأن المبلغ السنوي المرصود منذ 1979 لما يسمى "تصدير الثورة" أو الأدق " مشروع الفوضى الخلاقة "و هو 16مليار دولار من ميزانية إيران بحاجة إلى زيادة أو مضاعفة من أجل "مشروع الشرق الأوسط الجديد " شبه الخالي من المسلمين على أيدي المليشيات الفارسية.