هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
توصلت
اللجنتان المشكلتان من التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، ومليشيا "عصائب أهل
الحق" بقيادة قيس الخزعلي، إلى اتفاق لاحتواء الاقتتال الحاصل بين الجانبين في
محافظة ميسان جنوب العراق.
يأتي
ذلك بعد تفجيرات وسلسلة اغتيالات شهدتها ميسان، طالت وجهاء عشائر ومسؤولين حكوميين
وأفرادا من القوات الأمنية، إضافة إلى قيادات من التيار الصدري، ومليشيا "عصائب
أهل الحق" المنشقة عن التيار الصدري.
تفاصيل
الاتفاق
بعد
اجتماع مشترك عقدته اللجنتان، الجمعة، فإنه صدر بيان مشترك للوفدين من ستة نقاط رئيسية، هي:
"ندين ونستنكر جميع جرائم القتل في المحافظة. وندعم ونساند القضاء والأجهزة الأمنية
من أجل أخذ الدور الأكبر في فرض القانون والحد من الجريمة. ونقف على مسافة واحدة من
الجميع".
ودعا
الاتفاق إلى "استمرار عمل اللجنة ومتابعة التحقيق وكشف الجناة من أجل أخذ جزائهم
العادل قانونيا. وتحلي أهالي محافظة ميسان بالصبر لتفويت الفرصة على من يريد إثارة
الفتنة بين أبناء الأب الواحد (محمد الصدر والد زعيم التيار الصدري)".
وخلص
بيان اللجنتين إلى الطلب من "وسائل الاعلام توخي الحذر والدقة في نقل الأخبار
من مصادرها الصحيحة، وليس من ما تنشره مواقع التواصل الاجتماعي المغرضة".
وكان
زعيم التيار الصدري قد قرر الخميس، تشكيل وفد يقع على عاتقه مهمة التهدئة مع
"العصائب" بهدف تجنب نشوب حرب داخلية بين الشيعة في العراق على خلفية الأحداث
في ميسان. وعقب ذلك، أعلن الأمين العام للعصائب، قيس الخزعلي، عن تشكيل لجنة للتعاون مع
وفد الصدر.
"إلغاء
للحكومة"
وتعليقا
على مدى قدرة اللجنتين على إيقاف الاقتتال الشيعي في ميسان، رأى المحلل السياسي العراقي
غانم العابد، في حديث لـ"عربي21"، أن "مثل هذا الاتفاق يلغي دور الحكومة
والقانون بأن يكون الأمن مستتبا في ميسان".
وأضاف
العابد، قائلا: "هناك مشاكل كثيرة في المحافظة، منها الخلافات العشائرية، وتجار
المخدرات، والصراع على النفوذ، والجريمة المنظمة، لذلك فإن ترك الوضع إلى لجان مرتبطة بأطراف
سياسية، يلغي الدولة".
وأوضح
أنه "من الممكن أن يصلوا إلى تفاهمات، لكن ليس بإمكانهم السيطرة على الجميع، بدليل
أنه منذ أن بدأت اللجنة وحتى اليوم فقد كانت هناك اشتباكات مسلحة، وانتقلنا بعدها إلى حدوث
انفجارات داخل ميسان".
ورأى
العابد أنه "من الأفضل أن تقوم الحكومة بفرض سلطة القانون على الجميع واعتقال كل
المسيئين، وسحب السلاح المنفلت للسيطرة على الوضع، لأن اللجان محرقة للوقت وتجعلنا
نخسر الكثير من أرواح العراقيين".
واستبعد
الخبير العراقي "ما يروج عن اقتتال شيعي شيعي، لكن قد يكون هناك توظيف للأحداث،
لأنه إذا انتقل الاقتتال إلى محافظة ذي قار (مركزها الناصرية) وحصل فيها نوع من الفوضى،
فإن هذا سيكون كارثة ترتد على كل العراق، باعتبار أن فيها سجن الحوت الذي يضم كبار
قادة تنظيم الدولة".
وأردف
العابد، قائلا: "لهذا فإن محاولة لملمة الأوضاع في محافظة ميسان، ومنع انتقال
هذه الفوضى إلى محافظات أخرى هو الحل الأفضل"، مشيرا إلى أن "الوضع الأمني
الداخلي لا يتحكم به العراق فقط، فهناك أطراف خارجية تريد أن تكون الفوضى في البلد،
إضافة إلى أنها إحدى الطرق لعرقلة تشكيل الحكومة العراقية".
اقرأ أيضا: تفجيرات في "ميسان" وسط مخاوف من اقتتال شيعي بالعراق
"تلويح
بالفوضى"
من جهته،
قال الباحث والأكاديمي العراقي وحيد عباس لـ"عربي21" إن "اللجنة التي
شكلها طرفا الاقتتال لن تستطيع إيقاف ما يجري من تدهور أمني في ميسان، إلا بتدخل طرف
خارجي يرغم أحدهما على ذلك".
وأضاف
عباس أن "الطرفين يسعيان إلى فرض سيطرتهما الكلية على محافظة ميسان، ولا سيما
أنهما يختلفان سياسيا، والأمر ينسحب على باقي المحافظات التي يتواجد فيها الطرفان ويمتلكان
نفوذا عسكريا وسياسيا، وتحديدا في الوسط والجنوب".
ولم
يستبعد الباحث أن "يكون توقيت التصعيد في ميسان وبوادر انتقاله إلى البصرة، هو
تلويح إيراني للتيار الصدري بأن ذلك قد ينتقل إلى باقي المحافظات إذا لم يخضع للإرادة
الإيرانية ويتحالف مع قوى الإطار التنسيقي الشيعي لتشكيل الحكومة المقبلة".
وأشار
إلى أن "إيران تمتلك أذرعا في العراق لديها المال والسلاح وآلاف العناصر التي
تواليها من المليشيات الولائية، لذلك فإنها تسعى من خلال إرباك الوضع الأمني إلى الضغط على
التيار الصدري لعدم التفرد بالقرار الشيعي في البلد".
وتابع
عباس قائلا: "نلاحظ مع تدهور الأوضاع الأمنية في ميسان، تصاعد الحديث عن مساعي
أطراف خارجية لإشعال اقتتال شيعي-شيعي في عموم العراق، وهذا الخطاب هدفه توحيد الصف
الشيعي للحفاظ على مكاسبه السياسية بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003".
وأعرب
الباحث عن اعتقاده بأن "إيران لن تسمح بحدوث اقتتال شيعي-شيعي لأن هذا سيكلفها
الكثير، فهي تسعى إلى الاستمرار في التفرد بالهيمنة على العراق، وأي اقتتال سيعيد التدخل
الدولي والأمريكي بشكل خاص، وهذا ربما من شأنه تغيير المعادلة السياسية كليا في البلد".
الكاظمي
يحذر
على
الصعيد الحكومي، حذر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، خلال زيارته إلى ميسان، الأربعاء،
برفقة وفد أمنيّ رفيع المستوى، من استغلال هذه الظروف لإشاعة الفوضى، التي لن ترحم
أحدا.
وأشار
الكاظمي في بيان لمكتبه إلى اتخاذ إجراءاتٍ سريعة لمعالجة التداعيات والعمل على إعادة
وضع الخطة الأمنية لمعالجة الخروقات، وذلك عقب اغتيال ضابط رفيع وقاض في المحافظة خلال
الأسبوع الأخير.
وقال
الكاظمي: "نمرّ اليوم في ظروفٍ سياسيّة معقّدة جدا، هذه المرحلة مفصليّة ومهمة،
ولا يجوز لأحدٍ استغلال هذه الظروف لإشاعة الفوضى"، داعيا "جميع القوى دون
استثناء، الأمنية والسياسية، والاجتماعيّة، إلى التحرّك السريع وتحمّل مسؤوليّاتها".
وشدد على
أن "الفوضى لا ترحم أحدا، والجميع سيدفعون الثمن، فعلينا أن نعمل معاً، ونتعاون
لنصل إلى النتائج المرجوّة".
وأكد
الكاظمي "متابعته الشخصية لوضع المحافظة من القيادة الأمنية المشتركة يوما
بيوم، وسيتم اعتقال جميع المجرمين وتسليمهم إلى القضاء، وإنزال أشد العقوبات بهم، ولا
أحد فوق القانون، وليس مسموحا لأحد أن يتجاوز الدولة ومؤسساتها".
ولفت
إلى أن "العراق لن يكون ساحة لتصفية الحسابات، وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء"،
مؤكدا أن "استقرار العراق يعني استقرار المنطقة، والفوضى في العراق تعني تمدّدها
في المنطقة، ولا أحد يرغب في ذلك".
ونوه
رئيس الوزراء المنتهية ولايته إلى أن "جرّ المشكلات إلى الداخل العراقي أو افتعالها
في محافظة هنا أو هناك، أو إشراك العراق بمشكلات الخارج أمرٌ مرفوض جملةً وتفصيلاً".