هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يخشى حزب حركة النهضة التونسي الذي تزعم فترة ما بعد الثورة ضد الرئيس بن علي، أن يكون من أبرز المستهدفين من انقلاب الرئيس قيس سعيد، وإخراجه من المشهد السياسي العام.
وتشهد الساحة السياسية التونسية منذ أكثر من خمسة
أشهر أزمة كبرى عقب انقلاب نفذه الرئيس قيس سعيد قام خلاله بتجميد اختصاصات البرلمان،
ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات
بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
تحريض
وإقصاء
وقال
القيادي بحركة النهضة والنائب بالبرلمان محمد القوماني في تصريح خاص لـ "عربي21"
إنّ "حزب النهضة رقم رئيسي في المشهد الحزبي بتونس، فهو الأعرق والأكثر
شعبية والمتصدر للانتخابات خلال العشرية الماضية، لذلك نرى في أي استهداف له
إرباكا للمشهد وهزّا لاستقرار البلاد".
وأقرّ
القوماني بوجود دعوات تحريضية ضد الحركة ما بعد انقلاب 25 تموز/يوليو، مستشهدا
بحادثة اختطاف واحتجاز المحامي نور الدين البحيري واعتبرها محاولة لتخويف
القيادات السياسية المعارضة للانقلاب ومحاولة تخذيل للتحرك المنتظر بذكرى الثورة في
14 كانون الثاني/يناير الجاري.
وتساءل
البرلماني التونسي في حديثه لـ "عربي21" عن أسباب إقحام اسم رئيس الحركة
راشد الغنوشي في قائمة شملت مرشحين للانتخابات الرئاسية 2019 تمت إحالتهم على
النيابة، بسبب مخالفات انتخابية من صنف الجنح التي تترتب عنها خطايا مالية فقط في
حالة ثبوتها.
كما
شدد القيادي بالنهضة على أنّ "زمن الاستئصال الإيديولوجي والسياسي انتهى دون رجعة،
وأنّ الحركة عصيّة عن الاستهداف ولا ينال منها مثل هذا التخويف" موضحا أن "التجربة
الديمقراطية بعد الثورة وتطور المجتمع التونسي ومستوى وعي الشعب، عناصر لم تعد
تسمح بعودة سيناريو الاستئصال وسجن الناس بتهمة الانتماء".
ونبّه
القوماني إلى مخاطر محاولات جدية لاستهداف حزب النهضة في وجوده القانوني أو من خلال
كتلته البرلمانية أو سمعته السياسية.
واستدرك
قائلا: "سرديات اتهام النهضة ستسقط الواحدة تلو الأخرى.. فلم ينجح بن علي في
اتهامنا بالإرهاب وكذلك من يفعلون ذلك اليوم.. ونحن مطمئنون إلى سلامة سير قيادات
الحركة وبعدها عن الفساد".
وأضاف:
"من نافلة القول بأنه لا أحد فوق القانون والمساءلة، لكن نرفض توظيف القضاء
أو استغلال السلطة والانحراف بها لتصفية الخصوم السياسيين".
اقرأ أيضا: دعوات لمحاكمة سعيّد لجرائم انتخابية.. وهيئة الانتخابات توضّح
نتائج
أخطاء
من
جهته، أكد الوزير السابق والقيادي المستقيل من حزب حركة النهضة محمد بن سالم في
تصريح خاص لـ "عربي21" وجود مساع حثيثة لإقصاء النهضة من الحياة
السياسية وعزلها.
وقال
الوزير السابق إن "الرئيس سعيد ومن هم حوله لم يمارسوا السياسة من قبل أبدا ولم يدافعوا عن الحريات عندما كانت تونس في أنظمة دكتاتورية كانوا متعايشين مع ذلك ولم يسمع لهم صوت معارضة على الإطلاق".
وأضاف:
"هم يرون أنهم بالسلطة يفعلون ما يريدون ولا يعطون اعتبارا للثقل الجماهيري
لكل الأحزاب ويمكن تسيير البلاد بشخص واحد وفق نظرتهم".
كما
انتقد ابن سالم حركة النهضة معتبرا أنها "فتحت المجال لحشرها في الزاوية وذلك
من خلال قطع كل الجسور مع الأحزاب الديمقراطية ومن شاركها الحكم في الترويكا عبر
التقرب من المنظومة القديمة وتكبرت وتعالت على رفاق النضال وبالتالي اليوم هي تشعر
بالعزلة".
غموض
الواقع والمستقبل
من
جانبه، قال الأستاذ والنقابي التونسي عبد السلام الككلي لـ "عربي21" بخصوص
وجود مخاوف حقيقية لإقصاء النهضة: "لا أستطيع أن أجيب بشكل حاسم، ولكني متخوف
جدا، أي أفق ينتظر البلاد في ظل إمعان قيس سعيد في تنفيذ مشروعه السياسي الذي لن
يسفر حسب كل المؤشرات إلا عن مزيد تأزيم الوضع".
وتساءل
النقابي التونسي "كيف يمكن له أن يتصرف حين يضيق عليه الخناق سياسيا واقتصاديا
وهو أمر شبه مؤكد؟".
وأضاف:
"من المخيف تصور التجاوزات التي يمكن أن يرتكبها في قمع معارضيه خاصة وأنه
زرع في البلاد كثيرا من الحقد في صفوف أعداء النهضة مما سيسهل عليه محاربة خصومه
الإسلاميين خاصة".
وتابع الككلي: "هل يصل به الأمر إلى ملاحقة
الإسلاميين وربما غيرهم وفتح باب السجون أمامهم على طريقة السيسي وحظر حزب النهضة؟
لا أحد بإمكانه التنبؤ بما تخفيه لنا الأيام غير أن كل شيء وراد مع سعيد وهو الذي
عودنا بالقرارات المفاجئة وغير المنتظرة والتي لا تزيد الأمر إلا سوءا".