نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لكل من هنري فوي وأحمد العمران وأنجلي رافال، يقولون فيه إن الحديث عن صفقات الاستثمار وسوق
النفط والحرب في سوريا سيسيطر على المحادثات التاريخية بين القيادة الروسية والسعودية يوم الخميس، التي من المفترض أن تعزز علاقة تزيد عمقا بين عملاقي الطاقة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن وفدا بقيادة
الملك سلمان بن عبد العزيز سيقوم بتوقيع صفقات تصل قيمتها إلى أكثر من 3 مليارات دولار بين شركات الطاقة
السعودية والروسية، بحسب المسؤولين، لافتا إلى أن هذه الزيارة هي الأولى التي يقوم بها ملك سعودي لروسيا، وتعكس صداقة جديدة بين أكبر مصدرين للنفط الخام في العالم، التي تدعم اتفاقا عالميا ساعد على دعم أسعار النفط.
ويقول الكتّاب إنه تم استبدال علاقة كان يشوبها عدم الثقة والتشكك المتبادل، بعلاقة تعاون استراتيجي، يقيدها الاقتصاد والتجارة والجغرافيا السياسية على مدى العام الماضي، حيث تحسّنت العلاقات بين البلدين في وقت ساءت فيه العلاقة بين موسكو والدول الغربية، وزاد نفوذها في الشرق الأوسط بعد تدخلها في الصراع السوري.
وتنقل الصحيفة عن الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، قوله يوم الأربعاء: "كانت علاقاتنا مع السعودية سطحية سابقا، لكنها الآن تتطور بسرعة.. وهناك إمكانيات كبيرة، وننظر للمستقبل بثقة مع السعودية والشرق الأوسط بشكل عام".
ويلفت التقرير إلى أن ما يقوي هذه العلاقة هو الصفقة التي وقعت في كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي بين موسكو والرياض، للتخفيض من إنتاج النفط الخام من كل من
روسيا ومنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبيك"، التي ساعدت على رفع أسعار النفط بصعوبة إلى 50 دولارا للبرميل، ما خفف الضغط على البلدين.
ويورد معدو التقرير نقلا عن وزير الطاقة الروسي ألكساندر نوفاك، قوله لـ"فايننشال تايمز" بأن هناك "سلسلة طويلة من المشاريع التعاونية، ستتم مناقشتها أبعد بكثير من جهودنا المشتركة لتحقيق الاستقرار في سوق النفط"، مشيرين إلى أن المباحثات بين الرئيس بوتين والملك سلمان ستركز أيضا على سوريا، حيث تدعم روسيا والرياض جانبين مختلفين في الصراع، والشرق الأوسط عامة.
وتنقل الصحيفة عن مديرة استراتيجية السلع في شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس" حليمة كروفت، قولها: "إن صفقات الطاقة هي جانب واحد من جوانب العلاقات الثنائية الأوسع بين روسيا والسعودية، حيث يحاول البلدان الإدارة المشتركة لسوق النفط، ومحاولة الإدارة المشتركة للشرق الأوسط أيضا من وجهة نظر جيو سياسية".
وينوه التقرير إلى أن التدخل العسكري الروسي في سوريا قبل عامين تسبب في قلب الموازين لصالح نظام بشار الأسد في الحرب الأهلية السورية، وجعل روسيا مصطفة إلى جانب إيران، وهي عدو السعودية اللدود، لافتا إلى أن هذا تسبب بإزعاج الرياض، التي كانت من أوائل من دعم الثوار الذين يقاتلون لإسقاط الأسد، وتخشى من مد إيران لنفوذها في العالم العربي.
ويبين الكتّاب أن الملك سلمان قد يسعى إلى الحصول على ضمانات من بوتين، بخصوص الدور المستقبلي للجمهورية الإسلامية في سوريا، حيث أرسلت طهران قوات إيرانية، وتدعم قوات شيعية أجنبية تحارب إلى جانب نظام الأسد.
وتورد الصحيفة نقلا عن أستاذ السياسة في جامعة جورج ميسن في أمريكا مارك كاتز، قوله: "شعوري هو أن السعودية مستعدة للتنازل في مسألة بقاء الأسد في الحكم، إن كان بإمكان روسيا العمل على تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا وغيرها، وليس واضحا لدي إن كانت موسكو قادرة على أن تفعل هذا، فالسعوديون جاهزون للتعاون مع روسيا إن هي ابتعدت عن إيران".
وتقول كروفت للصحيفة إنه بالرغم من أن براغماتية موسكو ستتأثر بفوائد التجارة والاستثمار التي توفرها المملكة، إلا أن الرياض تستخدم علاقة الطاقة للحصول على داعم استراتيجي جديد، حيث يقول المحللون إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يقود جهود إصلاح الاقتصاد السعودي، ويسعى نحو سياسة خارجية أكثر حزما، يقود العلاقات الجديدة مع روسيا، وتقول كروفت إن ذلك "يعطيه صديقا قويا آخر وموازنا لأمريكا".
وينقل التقرير عن نوفاك، قوله إن الصفقات التي تصل قيمتها إلى 3 مليارات دولار تتضمن صندوق استثمار مشتركا في الطاقة، قيمته مليار دولار و200 مليون دولار؛ للاستثمار في البنية التحتية الروسية، واتفاقية لشركة البتروكيماويات الروسية "سيبور"؛ لتقييم الفرص في السعودية.
ويضيف الوزير أن الشركات السعودية، التي رفض تسميتها، دخلت في مفاوضات للاستثمار في مشروع الغاز الطبيعي المسال في المحيط الهادي، الذي تقوده شركة "نوفاتيك" الروسية، لافتا إلى أن شركتي النفط الحكوميتين، "
أرامكو" السعودية، و"غازبروم نيفت" الروسية، تجريان محادثات لإنشاء مركز أبحاث وتكنولوجيا مشترك.
ويقول نوفاك: "إن روسيا والسعودية تواجهان تحديات شبيهة، وهذا يعني أن التعاون بين شركاتنا مفيد للطرفين.. من خلال مشاركتها في المشاريع الكبيرة في كل من روسيا والسعودية وبلدان أخرى.. ولا نتحدث فقط عن التنقيب والتطوير والإنتاج للهيدروكربونات، بالإضافة إلى العمليات التجارية المتعلقة بالنفط ومشتقاته والغاز الطبيعي المسال، لكن أيضا تطوير التعاون التكنولوجي".
ويكشف الكتّاب عن أن السعودية تسعى أيضا لجذب الاستثمارات من الشركات الروسية؛ لدعم تطوير المهارات للشباب السعودي، وتدعم برنامح الأمير محمد بن سلمان للتحول، "رؤية السعودية 2030".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول مدير عام "أرامكو" أمين ناصر، قبل الزيارة: "هناك فرص مهمة في عدد من المجالات للتعاون بين (أرامكو) السعودية وشركات روسية رائدة.. خدمات النفط والغاز والبتروكيماويات والطاقة المتجددة والمواد المتقدمة والتكنولوجيا المتقدمة.. وكلها مساحات واعدة للتعاون الثنائي".