نشر موقع "سي أن بي سي" تقريرا للصحافية هولي إليات، تتحدث فيه عن التقارب بين
روسيا والسعودية، حيث أعلن البلدان المصدران للنفط، روسيا والسعودية عن صندوق استثمار قيمته مليار دولار للاستثمار في مشاريع الطاقة، فاتحين بذلك فصلا جديدا في الشراكة الاقتصادية والسياسية المزدهرة بين البلدين.
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن أن الصفقة الأخيرة تهدف إلى تقوية التعاون بين روسيا والسعودية في مجالات
النفط والغاز والكهرباء والطاقة المتجددة، بحسب ما قاله وزير الطاقة الروسي ألكساندر نوفاك لقناة "العربية" يوم الاثنين، ونقلته "رويترز"، مشيرا إلى أن هذا يدل على شراكة استراتيجية تزداد قربا بين البلدين الغنيين بالنفط.
وتنقل الكاتبة عن المديرة العالمية لاستراتيجيات السلع في بنك الاستثمار "آر بي سي كابيتال ماركتس"، حليمة كروفت، قولها لـ"سي أن بي سي" يوم الثلاثاء إن صفقة المليار دولار "ليست إلا غيضا من فيض"، لافتة إلى أنها تتوقع المزيد من التعاون والمشاريع المشتركة في النفط والطاقة والبنية التحتية ومشاريع الاستثمار.
وتضيف كروفت للموقع: "ما يحصل بين روسيا والسعودية الآن أمر لافت للنظر، ففي عام 2015 قالت روسيا إنها لا تنوي التعاون مع
السعودية، لكن انظر إليها الآن.. وما عليك إلا أن تنظر إلى اجتماع أوبيك في أيار/ مايو، وانظر إلى تعليقات كل من وزير الطاقة السعودي خالد الفالح ووزير الطاقة الروسي ألكساندر نوفاك، إنها كمشاهد قصة (حب أخوي) في أوبيك"، في إشارة منها إلى العلاقات الحميمة بين البلدين في مجالي السياسة والاقتصاد، خاصة فيما يتعلق بالنفط.
ويشير الموقع إلى أن رواد صناعة النفط ووزراء الطاقة سيتجهون إلى روسيا هذا الأسبوع؛ لاجتماع بين أعضاء أوبيك وغير الأعضاء، لافتا إلى أن العيون كلها تتركز حول إمكانية تمديد تقييد تصدير النفط.
ويجد التقرير أن حضور
الملك سلمان للاجتماع، وهو ما سيشكل أول زيارة يقوم بها ملك سعودي لروسيا، مؤشر على أهمية ذلك الاجتماع، حيث تقول كروفت إن زيارة الملك سلمان لروسيا تشكل "استمرارا في توجه ناقشناه في هذا التقرير، حيث تحولت روسيا من القول في 2015، بأنه لم تكن لديها أي نية على الإطلاق للتعاون مع أوبيك.. إلى أداء دور الرئيس المشترك لأوبيك".
وتضيف كروفت: "أن يقوم الملك سلمان بهذه الزيارة لروسيا الآن، بالرغم من التقارير بخصوص وضعه الصحي المتراجع كلها، وخطط تسليم السلطة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود، تدل بالنسبة لي على مدى الأهمية التي أصبحت تتمتع بها هذه الشراكة الاستراتيجية بالنسبة للبلدين".
وتلفت إليات إلى أن هذا الاجتماع في موسكو يأتي مباشرة بعد الاتفاق بين السعودية وروسيا لإقامة صندوق استثمار في مشاريع الطاقة، الذي أعلن عنه نوفاك يوم الاثنين، حيث يتوقع إنهاء إجراءات الصندوق هذا الأسبوع في موسكو، وهو مصمم لـ"توسيع التعاون" بين أكبر منتجين للنفط في العالم.
ويورد الموقع نقلا عن الشريك في "ماكرو أدفايسري بارتنرز" كريس ويفر، قوله لـ"سي أن بي سي" يوم الثلاثاء بأن حضور الملك سلمان الاجتماع أمر "مهم جدا"، ويضيف ويفر: "لا يقوم الملك سلمان بزيارات من أجل المجاملة، وكونه سيزور موسكو -ليكون أول ملك سعودي يزور روسيا- يؤكد مدى التغير في العلاقة بين روسيا والسعودية على مدى الأعوام القليلة الماضية، خاصة في الاثني عشر شهرا الأخيرة".
وينوه التقرير إلى أن السعودية وروسيا أحدثتا ضجة العام الماضي عندما اتفقتا، "مع بقية أعضاء أوبيك، وإن كان بعض الأعضاء أكثر ترددا من غيرهم"، على تخفيض إنتاج النفط بـ 1.8 مليون برميل في اليوم؛ في محاولة لدعم وتثبيت أسعار النفط، التي تراجعت منذ منتصف 2014؛ بسبب وفرة في العرض، مشيرا إلى أن المنتجين اتفقوا في حزيران/ يونيو 2017 على تمديد هذا التقليص في إنتاج النفط حتى آذار/ مارس 2018.
وتفيد الكاتبة بأن أسعار النفط فشلت في تحقيق أي تحسن كان يؤمل من تقليص الإنتاج مع دخول منتجي نفط الصخور الزيتية الأمريكيين على الخط، وبقاء الطلب تحت مستوى المعروض، فكان سعر برنت ظهيرة يوم الثلاثاء 56 دولارا للبرميل، و"ويست تكساس إنترميدييت" 50.51 دولارا للبرميل، مع قلق المستثمرين من زيادة في المعروض.
وينقل الموقع عن نوفاك، قوله يوم الثلاثاء إن صادرات النفط ستكون محط تركيز أسبوع الطاقة 2017 في روسيا، الذي يبدأ يوم الأربعاء، ويتوقع أن يحضره أكثر من نصف أعضاء أوبيك الخمسة عشر، بحسب ما ذكرته وكالة "رويترز"، حيث سيركز الوزراء على التوصيات للاجتماع القادم بين منتجي النفط في العالم، والمزمع عقده في تشرين الثاني/ نوفمبر.
وبحسب التقرير، فإنه يتوقع أن يناقش المنتجون تمديد الاتفاق لتقليص الإنتاج إلى ما بعد آذار/ مارس 2018، حيث تعتقد حليمة كروفت من "آر بي سي كابيتال ماركتس" أنه سيتم تمديد الاتفاقية حتى خريف 2018، مشيرة إلى أن أسواق النفط لم تستقر بعد، وحذرت قائلة: "لم نصل إلى نقطة يمكن فيها الوثوق بأسعار النفط.. أما التفاؤل بأن يصل سوق النفط إلى حالة توازن في أواخر عام 2017 فاختفى إلى حد كبير.. ولذلك أتوقع أن نرى تمديدا لاتفاقية تخفيض الإنتاج، لكني أتوقع أن نسمع بذلك في اجتماع أوبيك القادم في تشرين الثاني/ نوفمبر".
وتبين إليات أن المحلل لدى "أنيرجي أسبكتس" مسوين ماهيش يتفق مع كروفت في الرأي، بأن كبار منتجي النفط سيكونون حذرين من الإعلان عن تمديد لتخفيض إنتاج النفط، حيث قال لـ"سي أن بي سي" يوم الثلاثاء: "أدت كل من السعودية وروسيا دورا فعالا في الوساطة للتوصل إلى اتفاق إنتاج نفط عالمي، والآن تفتحان مجالا جديدا للتعاون في قطاع الطاقة بين البلدين".
ويختم "سي أن بي سي" تقريره بالإشارة إلى قول ماهيش إنه يتوقع أن يستمر البلدان في مراقبة السوق قبل الإعلان عن أي تمديد للاتفاقية، ويتوقع أن يلعبا بحذر هذه المرة، وألا يعربا عن قرارهما للسوق مبكرا؛ لئلا يقعا في فخ أسعار السوق مسبقا، كما حصل في المرة الماضية.