نشرت صحيفة "أور آسيا دايلي" الروسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز إلى
روسيا، ومن المنتظر أن تدور المحادثات حول العديد من النقاط الهامة على مستوى
العلاقات الثنائي وملفات أخرى في المنطقة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن التقارب السعودي الروسي ذو طابع ظرفي، فمن غير المرجح أن تؤدي هذه الزيارة إلى تغييرات حقيقية على مستوى العلاقات الثنائية في أي مجال من مجالات التعاون. وعلى الرغم من إعراب كلا الطرفين عن رغبتهم في دخول مستويات جديدة من التبادل المشترك، إلا أن ذلك يظل مجرد نوايا لا أكثر.
لكن الصحيفة أوضحت أن زيارة العاهل السعودي إلى موسكو؛ تحظى بأهمية سياسية كبيرة، كما أنها ذات طابع مميز. في المقابل، يبقى صانع القرار الرئيسي والأقوى في
السعودية، الأمير الشاب وولي العهد، محمد بن سلمان، البالغ من العمر 32 سنة، لذلك من المتوقع أن يعمل على إضفاء روح جديدة على العلاقات الروسية السعودية.
والجدير بالذكر أنه وعقب منتدى سانت بطرسبرغ سنة 2015، عُقدت ثلاثة لقاءات، جمعت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وابن سلمان. وكان اللقاء الأخير في أيار/ مايو الماضي في موسكو.
وأشارت الصحيفة إلى أن العامل الرئيسي وراء تدني مستوى الاتصالات الدبلوماسية بين السعودية وروسيا يتمثل في رفض الرياض للتدخل الروسي في سوريا. فخلال الأشهر الأولى من انطلاق العملية العسكرية الروسية في سوريا في 30 من أيلول/ سبتمبر سنة 2015، لم تتوان المملكة عن توجيه العديد من الانتقادات لموسكو، في حين نادت بمقاطعتها دبلوماسيا. كما وصفت الرياض سابقا؛ الدور الروسي في الصراع السوري بـ"المدمر".
وأكدت الصحيفة أن التعاون الوثيق بين روسيا وإيران، فيما يتعلق بالشأن السوري، قد أدى إلى اهتزاز ثقة السعودية تجاه الكرملين. وفي الأثناء، تشكل كل من الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل ثقلا استراتيجيا ضد إيران التي تجمعها علاقات متنامية مع روسيا في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، أقدمت روسيا على بناء محطة للطاقة النووية على الأراضي الإيرانية، كما زودت طهران بنظام الدفاع الصاروخي "إس-300".
وأكدت الصحيفة أنه على الرغم من أن استياء الرياض من روسيا، يعود إلى التقارب الروسي الإيراني إلى جانب دعم نظام بشار الأسد، إلا أنه، في الوقت الراهن لم تعد الرياض مصرة على ضرورة الإطاحة بالأسد من السلطة، إلا أنها ترفض التهاون في موقفها المعادي لإيران، حيث تعتبرها أحد أسباب زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
وأوردت الصحيفة أن زيارة الملك سلمان إلى روسيا تحظى باهتمام كبير من قبل السلطات الإيرانية، حيث سيقوم الملك السعودي وابنه؛ بإبرام اتفاقيات أولية واسعة النطاق وعقود هامة مع روسيا في سبيل إثارة قلق إيران، لا غير. في المقابل، وباستثناء الوعود السخية بتوقيع عقود عسكرية واعدة مع موسكو، علاوة على ضخ استثمارات بمليارات الدولارات في الاقتصاد الروسي، لم يحدث أي شيء في السابق على أرض الواقع. وفي ظل اقتراب موعد الزيارة، تعتبر موسكو أنه قد حان الوقت للانتقال من مستوى الأقوال إلى الأفعال.
وتجدر الإشارة إلى أن المجال الوحيد الذي كان فيه التعاون بين الرياض وموسكو إيجابيا تمثل في مسألة الاتفاق الدولي للتخفيض من إنتاج النفط. ووفقا لما أكده الخبراء، قد تحاول روسيا والسعودية باعتبارهما أكبر منتجي النفط في العالم، البحث عن مجالات جديدة للتعاون المشترك.
وأوضحت الصحيفة أن التدخل الروسي في سوريا في سنة 2015، الذي جعلها تحتل مكانة هامة في الشرق الأوسط، كان ضد إرادة السعودية، التي تعتبر نفسها "الوصي على الشرق الأوسط". وقد تجلى هذا المعطى بوضوح خلال الأزمة مع قطر. في المقابل، أثبتت موسكو قدرتها على بناء علاقات وثيقة مع اللاعبين الرئيسيين في العالم العربي دون الحاجة لوساطة الرياض. وينعكس ذلك من خلال مستوى العلاقات الحالية بين روسيا ومصر والأردن والإمارات العربية المتحدة، وغيرها من البلدان العربية.
ورغم وصف الزيارة بالتاريخية، باعتبارها أول زيارة لملك سعودي إلى روسيا، لكن من المرجح أنها لن تؤدي إلى أي تغيير جذري في المشهد الثنائي أو الجيوسياسي. فعلى الرغم من قبول الرياض دعوة موسكو، إلا أن ذلك لا يفتح المجال لأي شراكات حقيقية. ففي الواقع، وللدخول في أي نوع من التعاون الثنائي بين الدولتين، من الضروري القضاء على العديد من العقبات كخطوة أولى.