نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب ماكس بيراك، يقول فيه إن شهر
رمضان بالنسبة للمسلمين مناسبة لإعادة قراءة القرآن، وللتركيز على الإيمان، والصدقة، ولتجمع العائلة والأصدقاء؛ للاحتفال بالحياة وبالإيمان بالله، لاعتقادهم أن الطاعات، وحتى لطف المعاملة اليومي، يكافئ عليها الله عز وجل أضعافا مضاعفة.
ويستدرك بيراك في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن "الإرهابيين، خاصة المنتمين لتنظيم الدولة، يحملون فكرا يجعل من بين الطاعات قتل أولئك الذين يعدونهم كفارا، فالقتل والاستشهاد في رمضان أمر يحث عليه المتطرفون".
ويقول الكاتب إن "الصدام بين العادات الإسلامية السلمية والممتعة في رمضان مع النسخة المشوهة التي يتبناها الإرهابيون ينتج نوعا خاصا من التنافر والحسرة، فمعظم ضحايا الإرهاب الإسلامي هم
مسلمون".
ويشير بيراك إلى تفجير في شارع للتسوق الشعبي في بغداد خلال رمضان، لعامين متتابعين، فكان هجوم العام الماضي هو أسوأ تفجير مر على بغداد، حيث وصل عدد القتلى إلى أكثر من 300، منهم من قتل في التفجير، ومنهم من مات في الحريق الذي تلا التفجير.
ويلفت الكاتب إلى أنه "قتل 17 شخصا، وجرح أكثر من 30 آخرين في محل بوظة في وقت سابق من هذا الأسبوع، حيث تجتمع العائلات بعد الإفطار لتناول الحلوى، ويصوم معظم المسلمين من مطلع الشمس إلى مغربها خلال شهر رمضان، وبعدها بساعات قتل وجرح العشرات أمام مكتب رواتب المتقاعدين الحكومي، وأعلن
تنظيم الدولة مسؤوليته عن التفجيرين، وقال إنهما استهدفا الشيعة، حيث يرى تنظيم الدولة الشيعة كفارا".
ويفيد بيراك بأن "هناك القليل من المعطيات التي تشير إلى أن الهجمات أكثر شيوعا أو أكثر فتكا في شهر رمضان، وفي معظم الحالات يصعب رسم خط واضح يربط دوافع الهجوم مع توقيته، لكن قيادات تنظيم الدولة تحاول رسم ذلك الرابط في دعاية التنظيم".
وينوه الكاتب إلى أن متحدثا باسم التنظيم دعا قبل رمضان بأسبوعين عام 2016، أتباعه "لجعل الشهر شهر نكبات لغير المسلمين في كل مكان"، بالإضافة إلى أنه أصدر دعوة مشابهة هذا العام، وقد امتلأ شهر رمضان عامي 2015 و2016 بهجماته، مشيرا إلى أنه قتل في يوم واحد فقط، في 26 حزيران/ يونيو 2015، أكثر من 400 شخص في سوريا والصومال وتونس والكويت وفرنسا.
ويذكر بيراك أنه كان في العام الماضي ناد ليلي في أورلاندو، والمطار في اسطنبول، ومخبز يزوره الأجانب في العاصمة البنغالية، من بين أهداف تنظيم الدولة خلال شهر رمضان، لافتا إلى أن شهر رمضان هذا العام ينتهي في 24 حزيران/ يونيو.
ويبين الكاتب أن مقاتلي تنظيم الدولة عادة ما يلجؤون إلى استحضار غزوة بدر، التي خاضها المسلمون بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليبرروا ترجمتهم العسكرية لرمضان، حيث كانت تلك المعركة التي قاتل فيها المسلمون كفار قريش مفصلية في تاريخ المسلمين، وانتصر المسلمون في المعركة، رغم كون عدد الكفار في تلك المعركة أضعاف عدد المسلمين، ويعتقد المتطرفون بأنهم هم الأتباع الحقيقيون للرسول صلى الله عليه وسلم، ويتصورون معركة مشابهة، وأن يمنحهم الله انتصارات شبيهة، خاصة خلال شهر رمضان.
ويستدرك الكاتب بأن كثيرا من المحللين يقولون إن هجمات شهر رمضان، التي تقوم بها المنظمات الإرهابية، هي محاولات يائسة لإظهار القوة في وجه الخسائر في ساحات المعركة، حيث خسر تنظيم الدولة مدينة الفلوجة خلال رمضان العام الماضي.
ويخلص بيراك إلى القول إن "تنظيم الدولة بقي يعلن عن إمكانيته للإرهاب بالقيام بهجمات حول العالم، وإن كان هجوم يوم الأربعاء في كابل يعد مؤشرا على ذلك، فإن تشويه المنظمات المتطرفة لمعنى رمضان سيلاحقنا لسنوات كثيرة قادمة".