نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا، تقول فيه إن التفجير الانتحاري الأخير في مدينة
مانشستر ليلة الاثنين، يكشف عن المخاطر التي يمثلها
تنظيم الدولة في
ليبيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن تنظيم الدولة، وإن كان في تراجع منذ العام الماضي في ليبيا، وهي البلد الذي يعاني من فوضى وحرب أهلية، إلا أنه لم ينته، كما هو الحال الآن في كل من العراق وسوريا، ففي كانون الأول/ ديسمبر 2016، خسر معقله القوي في مدينة سرت، وضربته المقاتلات الأمريكية بداية العام الحالي، إلا أنه لم يخرج من المعادلة بعد.
وتقول المجلة إنه كان ينظر للفرع الليبي من تنظيم الدولة على أنه الأقوى والأكثر شراسة خارج منطقة "الخلافة" في المشرق، واعتقد الكثيرون أن ليبيا ستكون الساحة التي يلجأ إليها المقاتلون المنهزمون في العراق وسوريا لمواصلة المعركة، إلا أن الغارات الجوية وخسارة سرت أنهتا هذا السيناريو.
ويجد التقرير أن المشكلة تتمثل في أن الفرع الليبي للتنظيم أصبح له بعد دولي، حيث تجمع الكثير من المقاتلين التابعين له في وديان صخرية، في شرق العاصمة طرابلس.
وتلفت المجلة إلى أن الشرطة البريطانية تحقق فيما إن كانت هناك روابط بين الهجوم الذي نفذه سلمان
العبيدي (22 عاما)، الذي قتل 22 شخصا كانوا خارجين من حفلة موسيقية في مانشستر أرينا، وتنظيم الدولة، الذي سارع إلى الإعلان عن مسؤوليته عن العملية، مشيرة إلى أن العبيدي زار بلده الأصلي ليبيا، حيث تعيش عائلته، واعتقل والده رمضان وشقيقه هشام في طرابلس يوم 24 أيار/ مايو.
وبحسب التقرير، فإن "الفوضى في ليبيا ظلت أمرا عاديا منذ الثورة التي أطاحت بنظام معمر القذافي، ومنذ ذلك الوقت تحكم البلاد ثلاث حكومات ومليشيات مسلحة موالية لهذه الحكومة أو تلك، وفشلت خطة لتوحيد البلاد تحت قيادة حكومة واحدة وقعت برعاية من الأمم المتحدة في عام 2015، بل زادت الحكومة، التي تعرف بحكومة الوحدة الوطنية، من الفوضى العامة في البلاد".
وتفيد المجلة بأن عدد المقاتلين المنضوين تحت لواء تنظيم الدولة يقدر بحوالي 500 مقاتل، حيث تقلّص العدد الذي كان يُقدّر بالآلاف بعد النكسات التي تعرض لها التنظيم، مستدركة بأنه مع ذلك، فإن هناك أكثر من 3 آلاف جهادي من شتى الأطياف في ليبيا.
ويذهب التقرير إلى أن هذا العدد يعطي صورة هلامية عن الوضع في ليبيا، لافتا إلى أنه للمفارقة، فإن الجهاديين من تنظيم الدولة باتوا يحصلون على دعم من المقاتلين الموالين لتنظيم
القاعدة، رغم ما بين الطرفين من تناحر وعداء، حيث يقاتلون في المناطق ذاتها، ويتحرك المقاتلون منها وإليها.
وتنقل المجلة عن الملحق العسكري النمساوي السابق في ليبيا ولفانغ بوستزاي، قوله: "أتخيل أنهم ينسقون لوجيستيا معا، ويتشاركون في المعلومات"، ويقول مسؤولو حكومة الوفاق الوطني إن الطبيعة الجغرافية الصعبة في الجنوب تجعل من الصعوبة بمكان مهاجمة تنظيم الدولة من خلال قوات برية، بالإضافة إلى أن هناك مشكلات في استهداف مقاتليه من الجو، خاصة أنهم توقفوا عن التنقل بأعداد كبيرة، بعدما قتلت المقاتلات الأمريكية 80 عنصرا من عناصرهم في غارة شنتها في بداية كانون الثاني/ يناير، ويتحركون الآن بأعداد صغيرة في طرق جانبية.
ويورد التقرير نقلا عن حكومة الوفاق الوطني، قولها إنها تراقبهم من إحدى قواعدها، وهي قرب بني وليد، فيما تقوم أمريكا بمراقبتهم من الجو، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تقوم منذ الصيف الماضي بإرسال طائرات تجسس دون طيار من قواعدها في تونس، وتقوم الآن ببناء قاعدة للدرون في النيجر.
وتبين المجلة أن الدول المجاورة تخشى من تحول ليبيا إلى قاعدة تدريب للمتشددين، حيث يعودون بعد التدريب لمواصلة نشاطاتهم ضدها، لافتة إلى أن تشاد قررت إغلاق الحدود بينها وبين ليبيا؛ خشية من تدفق الجهاديين إلى أراضيها، وافتتحت الجزائر قاعدة عسكرية قرب الحدود الليبية لحماية حدودها، أما تونس، التي عانت من عدة هجمات، فإنها أقامت جدارا على طول حدودها مع ليبيا، ومع ذلك يحتفظ تنظيم الدولة بخلايا في صبراتة في الغرب من أجل مساعدة المقاتلين على الدخول والخروج.
وينوه التقرير إلى أن أوروبا، التي تبعد 400 كليومتر عن الساحل الليبي، تراقب الوضع، حيث حولت الفوضى البلاد إلى معبر رئيسي للمهاجرين الأفارقة، مستدركا بأنه رغم المراقبة البحرية للشواطئ، فإن 50 ألف مهاجر استطاعوا الوصول إلى إيطاليا قادمين من ليبيا هذا العام، حيث أن هناك مخاوف من اختلاط عناصر تنظيم الدولة بالمهاجرين.
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول إن "تنظيم الدولة وحلفاءه في ليبيا يقومون في الوقت الحالي بمراقبة الوضع والتحرك بهدوء، حيث يحاولون بناء قواهم ببطء، أما عن تسوية الوضع في البلاد فإنها لا تزال بعيدة المنال، ويعني استمرار الفوضى إتاحة مساحة جديدة للجهاديين ليعيدوا ترتيب صفوفهم من جديد، وبالتالي استمرار المخاوف والعمليات القادمة باتجاه أوروبا".