تشكل المعارك الدائرة في
مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، المحاذي لمدينة صيدا جنوب
لبنان، نقطة تحول في تاريخ المخيم المثقل بالمعاناة والمعارك المتعددة الاتجاهات والغايات.
وشهد المخيم منذ سنتين سلسلة معارك واغتيالات؛ كان محورها الأساس
مجموعة بلال بدر التي يُنسب لها الانتماء إلى الفكر السلفي، في الوقت الذي يبدو فيه التوافق الفصائلي الفلسطيني حاضرا بقوة حول إطلاق اليد للقوة الأمنية الفلسطينية لبسط سلطتها على أرجاء المخيم كافة، ومنع أية خروقات أمنية جديدة، ووقف سياسة الاغتيالات واستهداف الأمن في المخيم، ولكن ماذا عن سيناريوهات هذا التوافق؟
تباينات حول إنهاء الأزمة
وفق مصادر خاصة لـ"
عربي21" فإن هناك تباينات بين الفصائل الفلسطينية حول إنهاء ملف بلال بدر من خارطة عين الحلوة، فبينما تؤكد
حركة فتح بتنوعاتها المختلفة على ضرورة الحسم الميداني، وتسليم بلال بدر نفسه إلى القوة الأمنية، وفق ما جاء في بيان الفصائل الفلسطينية التي اجتمعت الأحد في مدينة صيدا؛ تذهب فصائل إسلامية، من بينها
عصبة الأنصار والحركة الإسلامية المجاهدة، نحو حل آخر يحافظ على دور القوة الأمنية، من دون أن يكون الثمن رأس بلال بدر ومن بقي معه من مجموعته.
وتحدث القيادي في حركة فتح وقائد القوات الأمنية الفلسطينية السابق في المخيمات منير المقدح، عن إحراز تقدم ميداني ناجم عن معارك الأيام الثلاثة الماضية، مؤكدا أن المعارك محصورة في حي الطيري، وتحديدا في مقرات بلال بدر المحصنة.
وشدد على أن "الاتجاه ما زال يسير نحو إنهاء هذه الحالة، مهما كان الثمن لإعادة الأمن والاستقرار نهائيا الى المخيم".
وقال لـ"
عربي21" إن "التنسيق مستمر بين الفصائل الفلسطينية والجهات الللبنانية الرسمية الأمنية والسياسية، حيث يلقى التوافق الفلسطيني على إطلاق يد الفصائل ترحيبا ودعما لبنانيا".
وشدد المقدح على أن "المدنيين لهم الاعتبار الأول لدى الفصائل الفلسطينية، وهو ما دفع بالعملية العسكرية إلى أن تكون حذرة للغاية حماية لأهالي المخيم"، مشيرا إلى أن "حي الطيري قد أخلي من سكانه، ولا يتواجد فيه حاليا سوى مقاتلي مجموعة بلال بدر".
هل الحسم هو الأرجح؟
أما القيادي في منظمة التحرير الفلسطينية، صلاح اليوسف؛ فقد صرح بأن "قرار إنهاء حالة بلال بدر قد اتخذ، والجهود ترتكز حاليا على إقفال ملف الحالة الخارجة عن الإجماع الفلسطيني، على قاعدة بسط القوة الأمنية سلطتها على حي الطيري وجميع مناطق المخيم".
وتتشكل القوة الأمنية من مختلف الفصائل الفلسطينية والقوى الإسلامية، في الوقت الذي ترفض فيه مجموعة بلال بدر وجود عناصر تابعة لحركة فتح بالقرب من مقراتها، وتدعو إلى الاستعاضة عنهم بعناصر من عصبة الأنصار، وهي فصيل إسلامي قوي في المخيم، وفصائل إسلامية أخرى.
وقال يوسف لـ"
عربي21" إن "مجموعة بلال بدر أساءت للمخيم، وخرقت الإجماع الفلسطيني بخصوص دعم القوة الأمنية الفلسطينية"، مؤكدا أنه "لم يعد مسموحا أن تبقى في المخيم مربعات أمنية، ولذلك نعمل على إنهاء الأزمة عبر تفكيك المربع الأمني التابع لبلال بدر".
وحذر من أن "مأساة مخيم نهر البادر ما زالت حاضرة"، لافتا إلى أن "جميع أبناء المخيم هم في مركب واحد، والاستمرار في دائرة الخروقات يهدد وجود المخيم الأكبر للاجئين الفلسطينيين في لبنان".
وتقول القوة الأمنية الفلسطينية إنها خلال انتشارها قبل ثلاثة أيام في مواقع محاذية لحي الطيري؛ تعرضت لإطلاق نار من قبل عناصر تابعين لمجموعة بلال بدر، ما أدى الى مقتل أحد عناصرها.
وأقر يوسف بوجود "خسائر مادية فادحة، وبشرية كبيرة"، قائلا: "هناك بالتأكيد شهداء وعشرات الجرحى، لكننا ندرك في الوقت عينه أنه لا سبيل لدينا سوى التخلص من هذه المجموعات، والحسم سيتحقق خلال الأيام القادمة".
جهود الساعات الأخيرة
وأفادت مصادر خاصة لـ"
عربي21" بأن الجهود متواصلة في جامع النور داخل المخيم، في إطار اجتماعات مفتوحة للقوى الإسلامية، وتم طرح العديد من المخارج، ومنها تواري بلال بدر عن الأنظار مقابل انتشار القوة الأمنية في الحي، لكن هذه الطروحات رفضت تحديدا من قبل حركة فتح، إلى جانب وجود تحفظات من بلال بدر على كيفية تأمين الضمانات له ولمجموعته.
وتناقلت مواقع تواصل اجتماعي عن بلال بدر تحذيره من أنه قادر على نقل المعركة خارج المخيم، في الوقت الذي يكثف فيه الجيش اللبناني إجراءاته في محيط عين الحلوة.
ويبقى الغموض حاضرا بانتظار انجلاء الصورة بشكلها القاطع، بناء على معطييين أساسيين، الأول مرتكز على المجريات الميدانية، والآخر مبني على محصلة وساطات
القوى الإسلامية، بحسب مراقبين.