قال نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين،
أحمد الريسوني إن "
ابن كيران لا ينتهي"، رافضا ما وصفه الجزم بنهاية رئيس
الحكومة السابق وأمين عام حزب العدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران، كما ذهب إلى ذلك من وصفهم بـ"المحللين الجسورين".
وقال أحمد الريسوني في مقال نشره "العمق
المغربي" الجمعة، "منذ الإعفاء الملكي لعبد الإله بن كيران من التكليف بتشكيل الحكومة الجديدة، تكاثرت التخمينات والتساؤلات: هل انتهى ابن كيران؟ هل انتهى عهد ابن كيران، هل انتهت مرحلة ابن كيران؟".
وتابع الريسوني، "بعض المحللين الجسورين لم يقفوا عند حد التساؤل والتخمين وطرح الاحتمالات والتمنيات، بل جزموا بأن ابن كيران قد انتهى، وبعضهم رأى أنه قد أحيل على التقاعد السياسي، وأنه قد ألقى خطبة الوداع ...".
وزاد "لقد اعتاد هؤلاء المحللون والمتكهنون، على أن بعض كبار السياسيين - من مغاربة وعرب وفرنسيين... - حين يُزاحون من المنصب الشريف الرفيع، ويبقَون دون جاه ولا سلطة ولا هيبة، ينكمشون ويختفون، ويبتعدون عن الساحة السياسية وأضوائها ومتاعبها، وربما يتركون أحزابهم وما عُرف من أنشطتهم، وربما يغادرون أوطانهم أيضا...".
وتابع "يبدو لي أن هؤلاء السادة المحللين، يقيسون حالة ابن كيران على تلك الحالات المعهودة والماثلة في أذهانهم، ثم يستنتجون ويتوقعون... أقول لهؤلاء السادة: لا قياس مع الفارق. وكلكم تعرفون الفارق، بل الفوارق الكثيرة...".
وسجل "عبد الإله بن كيران أدخل إلى الميدان السياسي والحزبي والحكومي، عنصرا جديدا أزعج السياسيين الكلاسيكيين وأحرجهم، وهو عنصر الصدق والصراحة والوضوح. ولقد كان هذا العنصر من أسباب النجاح الشعبي لابن كيران، وكان أيضا من أسباب (فشله) الرسمي".
وأضاف: "لقد اعتدنا أن السياسيين من أصحاب المناصب العليا إذا تكلموا، فلا بد لهم أن يغلِّـفوا كلامهم بكثير من الالتواء والنفاق، ومن والتزويق والتزييف، أو أن يقولوا - في أحسن الحالات - كلاما لا معنى له ولا طعم له...".
وأوضح "واعتدنا - بالمقابل - أن السياسيين المعارضين والمناهضين، إذا تكلموا، فلا بد لهم من تحلية خُطبهم وبياناته وتصريحاتهم بالمبالغة والمزايدة والتهويل وقلب الأمور".
واستدرك قائلا: "لكن ابن كيران جاءهم وفاجأهم بأسلوب جديد بسيط، يعتمد الصدق والصراحة والوضوح، حتى إنك لا تدري - حين يتكلم - هل هو رئيس الحكومة أو هو أكبر معارض للحكومة؟! فهو يتكلم بصدق وصراحة، ويعمل بصدق ونزاهة. وفي جميع الأحوال لا يدلس ولا يُلَبس على أحد. فلذلك نجح فيما نجح فيه، وفُـشِّـل فيما لم يفشل فيه".
وزاد الريسوني "عبد الإله بن كيران في أصله وحقيقته ليس سياسيا (عتيقا)؛ فهو لم يتخرج من مدرسة الساسة والسياسة، ولم تصنعه الحكومة ولا رئاسة الحكومة، ولم يلده حزبُ العدالة والتنمية، ولا رئاستُه وقيادته له".
وشدد أن "ابن كيران هو أولا وأخيرا صاحب دعوة، ومن أبناء الدعوة، ولد فيها، وترعرع في مساجدها ومنابرها، وفي جلساتها ومنصاتها، وتشبع بهمومها وتطلعاتها، وتقلب في جنباتها وجبهاتها، وبعد ذلك ومن خلاله، جاءت السياسة والحزب والحكومة... فابن كيران داعية إسلامي، وداعية إصلاحي".
ومضى يقول: "كذلك كان في البدء، وكذلك سيبقى في الختام. كذلك كان قبل الحزب والحكومة، وكذلك سيبقى ولو لم يبق حزب ولا حكومة. فلذلك لن ينتهي".
وزاد "من الأفكار الجيدة للملك الراحل الحسن الثاني، يحضرني قولُه ذات يوم: (العلماء لا يتقاعدون). وللأسف، فهذه القولة الممتازة فسرها المعنيون بها تفسيرا نقابيا ضيقا، فمُددت بها رواتبهم وتعويضاتهم إلى الموت، وإلى ما بعد الموت...".
وشرح المقولة قائلا: "أما معناها الحقيقي النبيل، فهو أن العلماء أصحابُ دعوة وأصحاب رسالة، يتفانون فيها ويبقون عليها مدى حياتهم، ولا يعرفون شيئا اسمه التقاعد، ولا شيئا اسمه التقاعس. وهكذا الدعاة وحمَلة الرسالات وأصحاب المبادئ...".
وختم مقاله بالقول: "أحسب أن عبد الإله بن كيران واحدا منهم، بل من أعيانهم، ولذلك فهو لا يتقاعد، ولا ينتهي".