في الوقت الذي كانت فيه عدد من المؤشرات تقول بأن الأزمة الحكومية في طريقها إلى الانفراج، جددت الخرجات الإعلامية للأحزاب المعنية بتشكيل
الحكومة تحميل رئيس الحكومة المسؤولية، فيما أعلن الأخير أنه ينتظر حزبي الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار على عرضه.
وتزامنت خرجات الأحزاب السياسية الأربعة، الاتحاد الدستوري (يمين ليبرالي)، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (يساري)، الحركة الشعبية (يمين أمازيغي) والتجمع الوطني للأحرار (يمين
ليبرالي) التشكيك في قرب نهاية "
البلوكاج" التي وصلت شهرها الخامس مع توقع عودة العاهل
المغربي إلى البلاد بعد جولة أفريقية طويلة.
ابن كيران هو السبب
لم يجد أمين عام حزب الحركة الشعبية، (27 مقعدا)، امحند العنصر، حرجا في الدعوة إلى تغيير عبد الإله
ابن كيران بشخص آخر من حزب العدالة والتنمية.
ودعا امحند العنصر، الخميس، إلى تأويل الدستور و"تكليف شخص آخر من الحزب الفائز وهو أمر يبقى واردا لأنه لا يوجد في الدستور ما يمنع ذلك".
وقال "إذا وصلنا إلى هذه المرحلة، هنا يبقى تأويل الدستور، لأنه لا توجد به أي مسطرة معينة توضح كيفية التعامل مع هذا الأمر، غير أن الدستور أعطى للملك بصفته ضامنا لعمل المؤسسات حق التدخل، وهنا سنكون أمام عدة سيناريوهات، من بينها تكليف شخص آخر من الحزب الفائز وهو أمر يبقى واردا لأنه لا يوجد في الدستور ما يمنع ذلك".
وأعلن أن "المواقف الحالية المتباينة مع رئيس الحكومة وغياب التواصل من طرفه يكشف أن مفاوضات تشكيل الحكومة وصلت للباب المسدود".
من جهته اعتبر حزب الاتحاد الدستوري (19 مقعد) أن "تعثر تشكيل الحكومة ناتج بالدرجة الأولى عن طبيعة تعامله مع هذه المهمة الدستورية، الموسومة بغياب عناصر المنهجية التفاوضية العقلانية".
وأضاف الاتحاد الدستوري في بلاغ له، أنه بعد "مرور خمسة أشهر كاملة على تكليفه بتشكيل الحكومة وفق ما يقتضيه دستور المملكة لا توجد بوادر تؤشر على قرب ميلاد هذه الحكومة، بالرغم من توفر الإمكانيات لذلك، على اعتبار الأحزاب التي أعلنت استعدادها لذلك".
وسجل أن "ما يقلق أكثر، هو أننا لا نلمس من رئيس الحكومة المكلف ما يشير إلى أنه يسعى إلى حلحلة الوضع بتشكيل أغلبية حكومية".
في ذات الاتجاه لم يتوان الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي (20 مقعدا)، إدريس لشكر، في الهجوم على ابن كيران، واتهمه بالتسبب بالإخلال بالمسؤولية الملقاة على عاتق على رئيس الحكومة".
وتابع لشكر في ندوة صحافية أن "منطق الصدارة الذي وقع فيه بنكيران، ظل حبيس رقم أدى وظيفته الدستورية بالتعيين
الملكي، وأدى في المقابل إلى تعثر المشاورات وإيجاد الحلول للمشاكل، وعوض ذلك تم اللجوء إلى استعمال قاموس من قبيل الشياطين وإهانة الفرقاء والانقلاب".
وأضاف ذات المتحدث أن "رئيس الحكومة لم يستثمر العامل الزمني، ولم يتعامل إيجابيا مع الفرصة السانحة لتشكيل الأغلبية، لذلك فمسار تشكيل الحكومة بلغ حدا لا يطاق".
وعلى خلاف النبرة التصعيدية للأحزاب الثلاثة، اختار الشريك الأكبر لها في التحالف الرباعي، التجمع الوطني للأحرار (37 مقعدا) الذي يقوده عزيز أخنوش، تجاهل بلاغ لقاء المكتب السياسي للحزب بعد أن عقد لقاء امتد إلى 8 من ليل الخميس، الزمة السياسية في البلاد وفضل الحديث عن أمور تنظيمية خاصة بالحزب.
غير أن زعيم الحزب عزيز أخنوش الأحد الماضي حمل مسؤولية الأزمة الحكومية إلى رئيس الحكومة معلنا تشبثه بحزب الاتحاد الاشتراكي.
استباق لقاء الملك
هذا التصعيد في التصريحات، اعتبره أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، عبد الرحيم العلام، "عاديا ولا يكتسي طابعا جديدا، لأن تحالف هذه الأحزاب تريد القول بأنها في موقع قوة وليست في موقف ضعف في هذه المرحلة".
وتابع عبد الرحيم العلام، في تصريح "
عربي21"، أن تحالف الأحزاب الراغبة في دخول الحكومة، تعلن أنها من جهة موحدة في موقفها، وهذا يؤشر على أنها تحاول الضغط من الحصول على نتائج معينة مستقبلا".
وأضاف العلام "هذه الأحزاب وجدت نفسها محاصرة ببلاغ حزب العدالة والتنمية الذي صدر الأسبوع الماضي والذي حصر المشاركة في الحكومة أحزاب الأغلبية السابقة بما يعني قطع الطريق على حزب الاتحاد الاشتراكي".
وأوضح أن "تحرك هذه الأحزاب يظل متفهما بالنظر لرغبتها في الضغط على رئيس الحكومة، ورغبتها في إمالة ميزان القوى لصالحها في هذه المفاوضات".
احترام الٍارادة الشعبية
وأمام هذا التصعيد خرجت الأمانة العامة لحزب التقدم والاشتراكية، (شيوعي 13مقعدا وحليف العدالة والتنمية) تدعو إلى "تجاوز وضع الانسداد الحالي الذي طال أكثر من اللازم، وتجنب التصعيد، وإعمال أقصى درجة الحكمة والرصانة والهدوء، وتفادي التعبير المتشنج عن المواقف، بما يحفظ المستقبل".
ودعت كل "الأطراف المعنية للإسهام في توفير الحل المتقدم الذي يتأسس على الدستور، نصا وروحا، وإعمال المنهجية الديمقراطية وما تقتضيه من احترام للإرادة الشعبية، وبناء توافق إيجابي متين يمكن من التفاف الجميع حول جلالة الملك لتكريس الديمقراطية ومواصلة مسار الإصلاح".
من جهته اعتبر عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية (125 مقعدا) عبد العال حامي الدين، أن "رئيس الحكومة هو المكلف بإجراء المشاورات مع الأحزاب التي يرى أن تشارك معه في الحكومة وليس من حق الأحزاب الأخرى أن تشترط دخول أحزاب أخرى إلى الحكومة ضدا على رغبة رئيسها".
وقال حامي الدين في تدوينة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن "المطلوب من حزب التجمع الوطني للأحرار، وحزب الحركة الشعبية أن يعبرا عن رغبتهما من عدمها في المشاركة في الحكومة".
وتابع "أما مسألة اشتراط دخول أحزاب أخرى فهذا ليس من صلاحيتهما من الناحية الدستورية، وإلا إذا كان من حق كل حزب أن يختار الأحزاب الذي يريد أن تشاركه الحكومة، فأي امتياز سيبقى لرئيس الحكومة وأي موقع سيبقى لرئاسة الحكومة، وهو ما يعني أن رئيس الحزب الذي يستطيع أن يدخل أحزاب ويخرج أحزاب، أنه هو رئيس الحكومة الفعلي ولا قيمة لأصوات الناخبين ولا قيمة للتعيين الملكي بناء على نتائج الانتخابات".
ورغم هذه اللغة التصعيدية من طرف الأحزاب، فإن اعتقادا واسعا يسود الشارع المغربي من أن البلوكاج الحكومي في مراحله النهائية، خاصة وان رئيس الحكومة قرر رفع ملف المشاورات إلى الملك، فيما ينظر أن يحسم الملك هذا الخلاف.