يرى كثير من المراقبين أن جماعة الإخوان المسلمين تواجه تحولات مهمة في سياق النظرة الدولية لها، التي تباينت بين اعتبارها جماعة إرهابية، وأن عندها قابلية لتفريخ "
الإرهاب"، أو أنها حاجز مهم ضد التطرف، ما أثار تساؤلات حول مستقبل الجماعة ورهاناتها القادمة.
وقال أستاذ الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان في جامعة حمد بن خليفة بقطر، محمد بن مختار الشنقيطي، إن جماعة الإخوان المسلمين "ظاهرة عابرة للحدود، وتمثل الخيار الأكثر ملاءمة للمجتمعات والشعوب حاليا، باعتبارها حركة ديمقراطية معتدلة".
وقال الشنقيطي لـ"
عربي21" إنه "لا يوجد أمر تتمسك به الشعوب اليوم أكثر من الإسلام والحرية السياسية"، مؤكدا أن "الإخوان جمعت الاثنين معا، باعتبارها حركة تتمسك بهذين المبدأين اللذين يعبران عن وجدان الشعوب في هذه اللحظة بالذات".
الرهان على الزمن
ورأى الشنقيطي أن جماعة الإخوان "سيكون لها مستقبل سياسي بارز، مؤكدا أن "من المستحيل تجاوزها، بوصفها البديل عن جماعات التطرف والعنف التي تتجاوز الخروج على الاستبداد؛ إلى الخروج على المجتمعات ذاتها".
وتابع: "مهما كانت المواقف الدولية تجاه الإخوان متباينة وحادة؛ فإن المستقبل سيكون لصالحها، ما دامت تتمسك بالهوية الإسلامية والحرية، وتصالح بين هذين المبدأين".
وبيّن أن "المجتمع الدولي والإقليمي سيدرك في نهاية المطاف أنه بتوريطه القوى الإسلامية المعتدلة، وأهمها الإخوان المسلمون؛ يفتح الباب للفوضى التي ستبتلع الجميع، بما في ذلك أنصار ومؤيدو وداعمو الثورة المضادة".
ولفت الشنقيطي إلى أن "البشر أحيانا لا يتبنون الخيار الصحيح إلا بعد أن يجربوا كل الخيارات الخاطئة، وهذا هو حال مجتمعاتنا مع الإخوان ومع الثورات"، مضيفا أنه "ما على الإخوان سوى المراهنة على الزمن، حتى تستنزف المجتمعات العربية خياراتها الخاطئة".
مستقبل الجماعة
واعتبر البرلماني السابق والقيادي الإخواني في الأردن، محمد عقل، أن "الجماعة تمثل الامتداد الطبيعي لروح الإسلام الإيجابية"، مؤكدا أنها "لم يخالطها التطرف يوما، وبقيت تمثل جوهر حركة إطارها الشعبي، وإن ما يحدث لها هو من جملة ما تتعرض له الشعوب من ظلم واستبداد".
وقال لـ"
عربي21" إن "منهج الجماعة سلمي وتفاعلي، يسير مع حركة الشعوب باتجاه حالة التوافق المجتمعي، ووفقا لإطار العقد الاجتماعي، بعيدا عن محاولات إقحامها في سياقات عنفية بهدف استبعادها من المشهد العمومي".
وأضاف أن "المخاض الذي تتعرض له الجماعة إيجابي ومثمر على مستوى ثباتها وقدرتها على تجاوز الأزمات والتحديات"، مؤكدا أنها "استطاعت برسوخها أن توصل رسالتها لحلفاء الاستبداد".
ورأى عقل أن الجماعة ما زالت وستبقى تعول على "الوعي الجمعي"، كما أن "مستقبلها مرتبط بمستقبل هذه الشعوب التي ستنتصر حتما".
الفكرة مستمرة والتنظيم قد يندثر
من جانب آخر؛ اعتبر أمين عام
حزب المؤتمر الوطني الأردني، رحيل غرايبة، أن "الإخوان المسلمين جزء من الحركة الإسلامية، وليسوا الحركة كلها".
وحول ديمومة "التنظيم" قال القيادي السابق في جماعة الإخوان لـ"
عربي21" إن "التنظيم -أي تنظيم- له عمر، ويصلح لوقت دون وقت، ولزمان دون زمان، لكن الفكرة تبقى قادرة على الاستمرار والثبات".
ورفض غرايبة "حصر آفاق الفكرة ضمن تنظيم صارم، وتحزيب فكرة إحياء الأمة، وتأطيرها في كيان سياسي أو تنظيمي أو حزبي"، مؤكدا أن الخلط بين "الفكرة والجوهر والتنظيم غير سليم، ويُدخل الفكرة في أتون معارك ربما تكون خاسرة".
وأضاف أن "الإخوان المسلمين" كتنظيم "قد يتعرض لثنائية البقاء والزوال، وإذا لم يستطع التنظيم أن يغير من أشكاله، ويمتهن المرونة؛ فإنه سوف يندثر".
إعادة إنتاج العلاقات
وحول مستقبل "الإخوان المسلمين" رأى غرايبة أن "المسألة متفاوتة بين قطر وآخر"، لافتا إلى أن "ثمة تجارب إخوانية تماهت مع واقعها، واستطاعت أن تطور ديناميكيتها لتعزيز حضورها".
أما الأكاديمي والباحث الدكتور توفيق شومر؛ فقال إن جماعة الإخوان "حركة براغماتية كما علمتنا تجاربها السابقة، وبالتالي فهي ستفتح حوارا مع القوى المسيطرة، كي تعيد إنتاج علاقاتها مع بعض الدوائر السياسية بما يخدم استمراريتها بوصفها إسلاما معتدلا يقف حاجزا ضد التطرف".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "طالما ليس هناك برنامج وطني للجماعة يعيد تعريف منظومة أفكارها باتجاه تأويل عقلاني للدين، وباتجاه إعادة ربط الإسلام بالعروبة؛ فإنها ستجد صعوبة في خدمة حضورها الجماهيري والشعبي".