احتفل العالم بأسره أخيرا بيوم المرأة العالمي، لينصب اهتمام كل وسائل الإعلام وحقوق النساء والنقابات والأحزاب والدول بهذا اليوم المشهود. إحقاقا للحق، لا تزال المرأة في بلادي تعاني كثيرا، لجملة من الأسباب أظنها لا تخفى على ذي بال، غير أن هذا لا يعني أن نمرّ عليها من دون تعليق مختصر.
دينيا، يعتقد رجال الدين أن المرأة لا تحتاج إلى أي شيء، فهي مصانة ومكرمة، ولا ينقصها إلا أن توضع في زجاجة ويقفل عليها كي لا يتم لمسها أو نهشها من الذئاب (الليبرالية)، الذين ينتهزون فرصة حتى لو كانت ضئيلة للانقضاض على فريستهم، ومن دون شك لا ألوم الجاهل على جهله، ولكن ألوم المثقفين وعلماء الاجتماع والتعليم والإعلام، الذين لم يشرحوا حتى الآن معنى الليبرالية الذي برع الكثير في تشويهه، سواء عن قصد أم بسبب أن بعضا ممن يدعون الليبرالية أعطاهم مبررا حقيقيا لكرهها.
اجتماعيا، يتحالف كثير من المحافظين مع رجال الدين بالتحفظ على طموحات المرأة، مشروعة كانت أم غير ذلك، ربما كانت الأسباب مختلفة أو حتى الأهداف، إلا أن هذا التحالف يمنح الطرفين قوة ضاربة تحاول الضغط على البقية المؤيدة لحقوق المرأة من جهة، وعلى المرأة نفسها من جهة أخرى.
على أية حال، يجب ألا ننسى أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام كانوا يتعاملون مع المرأة باحترام ونبل وقيم، مع أن الظروف كانت تختلف آنذاك، وسبق أن أشرت في مقالة قديمة إلى أسماء أولئك النساء العظيمات اللاتي كان لهن تأثير في التاريخ الإسلامي، ومنهن على سبيل المثال لا الحصر خديجة بنت خويلد، وعائشة بنت أبي بكر، وأختها أسماء بنت أبي بكر، وخولة بنت الأزور، وأم سلمة، وسمية أم عمار بن ياسر، وكذلك في عصور لاحقة شجرة الدر.
الاحتفال العالمي مفهوم، كونه يبين أن المرأة لا تزال لم تنل حقوقها الكاملة أسوة بالرجل، إلا أن الوضع عربيا فخليجيا أكثر حدة.
أتصور أن عملية التغيير بالنسبة إلى المرأة أصبحت حتمية، وحبذا لو أسهم بها الرجل بدلا من أن يمر الأمر من دون مشورته، فالأجيال الجديدة تعي أن لها حقوقا، ولسن كأسلافهن تطبعن على الخنوع والانصياع.
وإذا كانت المرأة في السابق تحكمها عوامل عدة ترغمها على التنازل للرجل، فقد اختفت هذه العوامل، فهي تجاريه في كل شيء تعليما وعملا وثقافة وإبداعا، بل تتفوق أحيانا.
ومن يقول إن المتاجرة بالدين لا تضطهد المرأة، فليقرأ هذا التقرير المنشور في موقع «العربية نت» في 8-3-2016، وعنوانه: «في يوم المرأة.. 31 ألف حامل في صفوف داعش»، بحيث تنوع استغلال المرأة المعاصرة، ولعل مناطق سيطرة تنظيم داعش الإرهابي تعد الأخطر عليها، إذ يعتمد داعش استغلالا ممنهجا للمرأة من أجل خدمة أهداف مستقبلية، إذ لاحظ التقرير الذي أعدته مؤسسة QUILLIAM البريطانية لمحاربة التطرف، أن أكثر من 31 ألف امرأة حامل يعشن في مناطق سيطرة تنظيم داعش حاليا. هذا الرقم الكبير ليس عشوائيا، وإنما مخطط له في إطار خطط داعش طويلة المدى، تهدف إلى تربية وإعداد هؤلاء الأطفال منذ الصغر على التطرف والإرهاب.
واليوم، الإيزيديات اللواتي تمكنّ من الهرب من أقفاص داعش، يسجلن أسماءهنّ في مكتب تأسس لمساعدة النساء اللواتي تعرضن للتعذيب يوميا؛ إذ تم خطف 6255 امرأة من قبل عناصر من تنظيم داعش في 2014، لم يعد منهن سوى 2.417 امرأة.
التقرير أعلاه مرعب ومخيف وبشع، إلا أننا في الوقت نفسه نحيي كل الجهود المبذولة، التي تهدف إلى وضع المرأة السعودية بمكانها الصحيح الذي تستحقه.
أهنّئ من القلب كل نساء العالم، وبالأخص العربيات، ومن ضمنهن طبعا السعوديات. متمنيا أعواما سعيدة ومزدهرة لهن جميعا.
نقلا عن الحياة اللندنية