حرص رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، الثلاثاء، على أن يطل مجدَّدا على
المصريين بخطاب جاء بعد أربعة أيام فقط من إطلالته السابقة عليهم، عبر أكاديمية الشرطة، يوم الجمعة الماضي، لكن هذه المرة من خلال لقائه مع عدد من الشباب الذين تم انتقاؤهم بعناية من أنصاره، ضمن برنامج رئاسي قيل إنه لتأهيلهم للقيادة.
وفي هذا اللقاء تناول السيسي بشكل موسع الوضع الملتهب في
سيناء، وتقويمه للربيع العربي بعد مرور ست سنوات عليه، بجانب قضية غلاء الأسعار.
يستدل بالتهجير عقب عدوان 1967
وبدأ السسي كلمته للشباب بتناول الوضع في سيناء، قارئا سؤال أحد الحاضرين، عن "موقف الدولة تجاه أزمة أهلنا في العريش، ولماذا يتم نقلهم إلى مساكن أخرى؟".
فأجاب: "لدينا تجربة سابقة قبل أكثر من 50 سنة.. سنة 1967 كانت مدن القناة الثلاث تتعرض لتهديد، وكان الناس اللي موجودين فيها داخل هذا التهديد، وتم تحرك أهالينا في اتجاه الدلتا والقاهرة ومناطق أخرى علشان يبتعدوا عن التهديد".
ومنتقلا إلى الوضع تحت حكمه، وبعد الانقلاب الدموي الذي قاده، قال السيسي: "هناك أسر أخرى لمَّا وجدوا عدم اطمئنان في العريش ورفح والشيخ زويد خلال الكام سنة اللي فاتت اتحركوا، ومشيوا.. مِش كثير، لكن ممكن يكون فيه".
واستدرك، (قاصدا نزوح الأسر المسيحية): "الفرق: مين اتحرك دلوقتي؟ وتم تناوله إزاي؟".
ثم وجه خطابه للمصريين بحدة قائلا: "اسمعوا كلكم.. هو النهارده لمَّا يكون فيه قرية فيها ثلاثة أربعة.. هل يصعب أن تتم إزالة القرية دي من مكانها باللي فيه؟".
وأجاب: "ممكن.. بس إحنا عمرنا ما عملنا كده، وما نعملش كده في أهلنا".
ثم عاد إلى تناول نزوح الأسر المسيحية أخيرا من سيناء، مبررا له، دون أي وعد بإعادتهم في أي مدى زمني، فقال: "طب هم رُوعوا، وخافوا.. ما يجراش حاجة.. نوفر لهم المكان، ونحل كل المسألة ليهم.. الأسرة الل بتتروع عندي زي مليون أسرة".
وواصل تخفيفه من المسألة متسائلا: "لكن أنت تتكلم في 300، 400، 500 أسرة"، معقبا: "أنت بتتكلم عن مواجهة كبرى.. مصر بتخوضها".
وعائدا مرة أخرى إلى ذكر فترة ما بعد 1967، ومذكرا بالتهجير وقتها من مدن القناة، قال: "الدولة دي كانت بتعيش على صوت ومعاني ومناخ الحرب على مدى اليوم من 67 حتى 74.. يعني ما فيش كلام غير في الموضوع ده .. برامج زي السينما، والحرب.. كل الحشد اللي بيتم، وإلقاء الضوء.. كان عن دولة بتحارب".
وتابع، ممتنا: "إحنا ما عملناش كده.. لأسباب وظروف كتير تغيرت، لكن أنتم بالفعل: دولة بتحارب.. كثير مننا يدفع ثمنا، وما لهمش ذنب"، حسبما قال.
واستطرد، مبررا
النزوح: "على طول نحل المسألة، وعلى طول يتم تسكينهم، واللي في مدرسة يروح مدرسة.. نخفف عنهم ما أمكن لغاية لماَّ حد.. (لم يكمل الجملة).
وأضاف: "بقي لنا ثلاثة شهور بتتم اجتماعات من الجيش والشرطة معايا بشأن الموقف الأمني، مش في سيناء.. في كل مصر".
ودون أن يوضح ما يقصد، ومبرئا نفسه من أي مسؤولية، قال السيسي: "مصر ممكن يتعمل فيها كده.. لا أتكلم عن سيناء، وإنما عن مصر كلها.. لمَّا أنتم يا مصريين اللي هياخذ حاجة منكم مش هيأخذها مني أنا.. اللي هيأخذ حاجة منكم هيأخذها منكم أنتم.. بضعفكم.. بتمزقكم.. باختلافكم مع بعضكم البعض.. تقوم تضعف مصر.. يقوم يسهل النيل من مصر".
وواصل حديثه للمصريين: "خايفين على أي حتة في مصر خليكم كده"، ورفع عضدي يديه.
وتابع: "خايفين على أي حتة في مصر.. مش أنا اللي حامي لها.. اللي حامي لمصر شعب مصر.. بتماسكه، وبتحمله. وافتكروا كويس قوي في نوفمبر اللي فات شوفوا المصريين عملوا إيه، وده وعي وفهم للتحديات، وعلشان كده الناس مستحملة".
(يقصد ما سُمي بثورة الغلابة في 11 نوفمبر، التي قال مراقبون إنها تسمية أمنية، جاءت عقب قرارات تعويم الجنيه، ويزعم السيسي أن المصريين لم يعترضوا على قرار التعويم، ولم يخرجوا للتظاهر ضده، رضا به).
يدعو لفترة انتقالية للاقتصاد والأسعار
ولدى انتقاله للحديث عن غلاء الأسعار، لم يقدم السيسي أي تعهد بمواجهة ارتفاعها، كعادته سابقا، مشيرا إلى ما اعتبره "تشرذما في آليات السوق.. جزء منه حر على جزء منه اشتراكي".
واستطرد: "نحاول نعمل آليات موازية في السوق.. تخفف من عبء الضغط، وتمثل فترة انتقالية.. ونتحرك في توفير معروض أكبر، وتوفير آليات موازية داخل السوق للوصول لأسعار موازية، لا تخضع لآليات السوق الحر الصرف"، مشددا على أن "النمو السكاني الكبير عامل مؤثر"، وفق قوله.
يضحك من الربيع العربي
وعند تقويم
الربيع العربي بعد مرور ست سنوات عليه، حسبما سأله السائل، ضحك السيسي ضحكة هستيرية، وسأل: "مين سأل السؤال ده؟"، فلم يرفع أحد يده، ونظر الحاضرون بعضهم إلى بعض.
فقال: "المصريون سعوا للتغيير (يقصد في ثورة 25 يناير)، وحدث فراغ، والقوى اللي كانت جاهزة (يقصد الإسلاميين) أخذت الفرصة، المصريون قالوا مش هينفع نكمل كده".
وملمحا إلى حكم الرئيس محمد مرسي، قال: "لو كان الموجودين (وقتها) اتعاملوا مع المصريين على أنهم مصريون، وعلى أن تحديات مصر تحديات مشتركة لنا كلنا.. ما افتكرش الموضوع كان هيبقى كده". (ربما يقصد حدوث الانقلاب).
واستدرك: "لكن هم اتحركوا في اتجاه الاستحواذ على مؤسسات الدولة، والدخول في صراعات مع ده وده، فالناس قالت: "لا.. البلد كده هتخرب"، مشيرا إلى أن "النضج ما كانش كفاية"، بحسب قوله.
وأضاف: "طالما بيحصل فراغ.. لا تتوقع أن يتم ملؤه بالشكل اللي يرضيك، والنتيجة أمامكم مش في مصر بس.. بصوا (انظروا) حوالين منكم".
وحريصا على إعطاء انطباع بأنه يبث الأمل، اختتم السيسي كلمته بالقول: "على كل حال.. مصر بيكو يا مصريين هتبقى حاجة حلوة قوي، إن شاء الله، وبُكره تشوفوا".