اختتمت لجنة الحوار السياسي الليبي، الثلاثاء، اجتماعها التشاوري في
تونس، بطرح تعديلات مقترحة على الاتفاق السياسي.
وتمثلت هذه التعديلات في إعادة تشكيل
المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق من ثلاثة أعضاء فقط، واختيار رئيس حكومة من خارج المجلس، وتولي منصب القائد الأعلى للجيش من قبل مجلس مشكل من رئيس مجلس النواب، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، وعضو من المجلس الرئاسي، وتفعيل المادة 52 من الاتفاق، والتي نصت على انتهاء دور هيئة صياغة الدستور الليبي، بحسب بيان ختامي صادر عن اللجنة.
وأثارت التعديلات المقترحة ردود فعل متضاربة، ففي حين اعتبرها البعض سلسلة من التنازلات بهدف إرضاء أطراف "متعنتة" متمثلة في برلمان طبرق واللواء المتقاعد
خليفة حفتر؛ رأى آخرون أنها "مرونة" من أجل إنهاء الأزمة الراهنة، وكسر الجمود حول مواد مختلف عليها.
وتساءل مراقبون ونشطاء حول مدى إمكانية تطبيق هذه التعديلات في ظل غياب ممثلين عن مجلس النواب، وماذا عن تولي مجلس مدني منصب القائد الأعلى للجيش؟ وهل يعد هذا البند -حال الموافقة عليه- إبعادا قانونيا لخليفة حفتر؟ وماذا سيكون رد الأخير على هذا البند؟
تعديلات إجرائية
ورأى أمين عام حزب الجبهة الوطنية الليبي، عبدالله الرفادي، أن "هذه التعديلات قضايا إجرائية، ويمكن تطبيقها إذا تم التوافق عليها والقبول بها رسميا في جلسة الحوار القادمة، وخاصة من قبَل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة".
وقال الرفادي لـ"
عربي21" إنه بحسب معلوماته الموثقة؛ فإن "مجلس النواب لم يكن مستعدا لحضور هذه الجلسة، كونه بصدد تغيير ممثليه في لجنة الحوار، وكثير مما تم إقراره في الاجتماع التشاوري كانت هي مطالب مجلس النواب نفسه".
أما الأكاديمي الليبي رمضان بن طاهر؛ فاعتبر أن "مقترحات التعديل هي محاولة لإرضاء جميع الأطراف من خلال عملية توزيع للحصص في النظام الجديد الذي سيتشكل".
وحول عدم حضور ممثلين عن البرلمان؛ قال لـ"
عربي21" إن ذلك "قد يكون سببه رفض المحاصصة التي تؤثر على موقع حفتر، ولا تحقق له الدور المطلوب أو المتوقع".
مساران
من جهته؛ قال الباحث في مجمع
ليبيا للدراسات المتقدمة، علي حمودة، إن "لدى جميع الأطراف قناعة تامة بأن المجلس الرئاسي بتشكيلته الحالية غير فعال، لوجود جناحين داخله، أحدهما يصارع من أجل السلطة، وآخر لديه مخاوف ووجهة نظر أمنية أثرت بدورها على الأداء التنفيذي، ولهذا جاء التعديل بفصل مهام الرئاسي عن مهام الحكومة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن التعديلات المقترحة "ليست ملزمة؛ طالما لم يحضر البرلمان"، مؤكدا أن غياب هذا الأخير عن الاجتماع التشاوري "سببه عدم تشكيل لجنة منتخبة منه لحضور الاجتماع، بالإضافة إلى وجود كتلة داخل البرلمان ترى أن الحوار ينبغي أن يكون مباشرا مع المؤتمر الوطني".
واستدرك بالقول إن "هناك مسارين يتم الحديث عنهما حاليا، الأول؛ حوار مباشر بين المجلس الأعلى للدولة أو المؤتمر الوطني العام، وبين البرلمان؛ حول التعديلات وتضمينها في الإعلان الدستوري. والثاني؛ ذهاب وفد البرلمان إلى اجتماع لجنة الحوار لمناقشة التعديلات".
وتابع حمودة: "السيناريو الأنجع هو أن يخرج البرلمان برؤية متكاملة، وتعديلات نهائية، ويناقشها مع المؤتمر الوطني، ويعود ليقرها في جلساته".
من جانبه؛ رأى المحلل السياسي الليبي، أحمد الروياتي، أن "ما تم في تونس هو تنازلات جديدة من الطرف الباحث عن توافق ووطن، لصالح طرف من متشددي البرلمان الذين ما انفكوا يبررون رفضهم التوافق بخلوه من تنازلات، وجاءت التعديلات المقترحة لتلقي الكرة في ملعب البرلمان".
مدى نجاحها
وقال عضو المجلس الأعلى للدولة، موسى فرج، إن "إمكانية تطبيق هذه التعديلات سيكون رهن توفر إرادة حقيقية لدى أطراف النزاع؛ لتجاوز الأزمة التي تمر بها البلاد".
وحول مدى نجاح هذه التعديلات في إنهاء الصراع؛ قال فرج لـ"
عربي21": "أعتقد أن هناك فرصة سانحة لنجاحها في إنهاء الصراع القائم؛ في حال توفرت مصداقية لدى الأطراف المختلفة، وإرادة لإعلاء شأن الوطن".
إلا أن المحلل السياسي أسامة كعبار؛ أكد أن "هذه التعديلات حتى لو أقرت؛ فلن تنجح في إنهاء الصراع العسكري أو السياسي، لعدم وجود النوايا الصادقة من جماعة البرلمان؛ للمضي قدما في طريق حل الوضع سياسيا".
وقال كعبار لـ"
عربي21": "لم يثمر مشروع
اتفاق الصخيرات الموقع في كانون الأول/ ديسمبر 2015 أي استقرار، ومن ثم فلن تؤدي أية تعديلات لمواده إلى الهدوء والاستقرار".