تتجه العلاقة بين آلاف من "الأساتذة المتدربين" ووزارة التربية الوطنية إلى التصعيد، بعد اتهامات للوزارة بـ"ترسيب" أزيد من 150 أستاذا متدربا بسبب ميول أغلبهم السياسية، وانتمائهم لجماعة "
العدل والإحسان" إحدى أكبر الجماعات معارضة للنظام في
المغرب.
وأصدرت
وزارة التربية الوطنية من جانبها بلاغا دعت فيه الأساتذة الناجحين إلى الالتحاق بمقرات عملهم، في وقت يعقد فيه "المتدربون" مجلسا وطنيا استثنائيا، السبت، ويعدون لمسيرة وطنية احتجاجية يوم الأربعاء المقبل.
الشارع موعدنا
قال عبد الله الدرازي، منسق المركز الجهوي للتكوين بطنجة (شمال)، وعضو المجلس الوطني للتنسيقية، إن "قرار (الترسيب) طال حوالي 170 شخصا، من ضمنهم مسؤولون جهويون وقيادات في التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين، بسبب انتمائهم السياسي.
وأضاف عبد الله الدرازي في تصريح لـ"
عربي21"، إن "أغلب الذين تم ترسيبهم لهم علاقة مع العدل والإحسان، بل إن بعض هؤلاء المرسبين لا تربطهم صلة مع الجماعة اللهم ما كان من علاقة سابقة بها".
وأوضح أن "من بين المرسبين من لهم علاقة بحركة التوحيد والإصلاح، فهناك أحد أعضاء التجديد الطلابي، وآخرون لا انتماء سياسي لهم، غير أن أغلبية المرسبين تبين أن لهم علاقة سواء سابقة أو حالية مع العدل والإحسان".
وتابع: "الفضيحة أن جميع قيادات التنسيقية الوطنية المنتمية للجماعة تم ترسيبها، مثلا منسق مركز القنيطرة، ومنسق مركز الدار البيضاء، ومنسق مركز الناظور، ومنسق مركز فاس، ومنسق مركز مراكش".
وأفاد: "مثلا في مركز طنجة الذي أنتمي له، تم ترسيب 11 أستاذا، 8 منهم تربطهم علاقة بالجماعة سواء أعضاء أو متعاطفين أو آباؤهم أعضاء، يعني أننا أمام تصفية ممنهجة".
وزاد أن "الترسيب شمل حتى من كان له انتماء سابق للجماعة، فأحد الأساتذة وقع ورقة سنة 2011 لدى السلطة أعلن فيها تبرأه من الجماعة".
وسجل أن "الاتفاق بين الوزارة والتنسيقية قضى بإصدار النتائج 2 يناير/كانون الثاني 2017، غير أنه تم تأخيرها 18 يوما، وخلال هذه الفترة كنا نسمع أن وزارة الداخلية أجرت بحوثا عن انتماءات من تتم ترسيبهم قسرا".
وختم تصريحه بأن الخطوات التصعيدية "ستشمل مقاطعة الدروس، والامتناع عن تسليم النقط والإشراف على الامتحانات الإشهادية، وسننظم مسيرة وطنية، على ما أعتقد، وسنقاطع كل الأنشطة التعليمية والإدارية".
التحقوا بمقرات العمل
أصدرت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بلاغا أعلنت فيه أن "عدد الأساتذة المتدربين الناجحين في مباراة توظيف الأساتذة الحاصلين على شهادة التأهيل التربوي، التي جرت في كانون الأول/ديسمبر 2016، بلغ عددهم 9129 مترشحة ومترشحا من أصل 9279 حضروا هذه المباراة، فيما رسب 150".
وأضافت وزارة بلمختار في بلاغ لها الجمعة أن "نسبة النجاح في مباراة التوظيف بلغت %98.38"، داعية "جميع الناجحين إلى الإسراع إلى توقيع محاضر التحاقهم بمقرات عملهم بمؤسسات التعليم العمومي التي قضوا بها فترة التدريب من 2 أيلول/سبتمبر إلى 31 كانون الأول/ديسمبر 2016".
وأضاف البلاغ أن" فترة التدريب سيتم احتسابها ضمن أقدميتهم الإدارية، داعيا الناجحين إلى استكمال ملفاتهم الإدارية بالوثائق المطلوبة، وذلك حتى يتسنى للمصالح المختصة بمديرية الموارد البشرية وتكوين الأطر، في غضون الأيام القليلة القادمة، مُعالجة ملفات توظيفهم قصد تسميتهم في الدرجة الثانية، من إطار أساتذة التعليم الابتدائي، أو التعليم الثانوي الإعدادي، أو التعليم الثانوي التأهيلي".
وتابع البلاغ "أن المعنيين بالأمر ستتم تسميتهم، ابتداء من فاتح كانون الثاني/يناير 2017، كموظفين متدربين، الرتبة 1، الرقم الاستدلالي 275، خاضعين للنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية".
وفيما تجاهلت الوزارة الحديث عن خلفيات قرار ترسيب الأساتذة، قالت مصادر بوزارة التربية الوطنية، إن "المحضر لا ينص على توظيف الفوج كاملا، بل نتائج مباراة التوظيف هي التي تحدد الناجحين من الراسبين".
اعتداء على الدستور
واعتبر أستاذ العلوم السياسية عبد الرحيم العلام، ومنسق "المبادرة المدنية لحل مشكل الأساتذة المتدربين"، أن ترسيب مجموعة من الأساتذة المتدربين في مباراة التوظيف التي جرت نهاية كانون الأول/ديسمبر، هي "خطوة حمقاء غير مسبوقة، لن تزيد الوضع إلا استفحالا وتأزما".
وأضاف العلام في تصريح لـ"
عربي21"، أن "الوصف الدقيق الذي يمكن أن نصف به إعلان وزارة التربية عن نتائج توظيف الأساتذة المتدربين "كارثة"، وليس القول بأن الوزارة رسبت مجموعة من المترشحين".
وأوضح أن "الوزارة تريد أن تمنع مجموعة من المواطنين من حقهم الدستوري في الولوج إلى الوظيفة العمومية، لأن جميع المؤشرات والشهادات تفيد أن هؤلاء اجتازوا بنجاح مباراة التوظيف، وأنهم يتميزون بكفاءة علمية يشهد بها من عرفهم ودرسهم واحتك بهم".
ودعا أجهزة الدولة إلى التراجع عن هذه الخطوة التي وصفها بـ"الحمقاء"، مشيرا إلى أن الأساتذة اتخذوا قرار المقاطعة، وقرروا أن لا يتراجعوا عنه إلا إذا تم إنصاف زملائهم، واعتبروا أنفسهم كلهم "مرسبين" إلا إذا تم حل مشكلة الجميع".
وسجل: "الأكيد أن الهيئات النقابية والمدنية ستكون في صفهم، كما أن القضية مرشحة للمزيد من التمدد محليا وخارجيا، لأنها تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان، وإهدار حق المواطن الذي تضمنه له المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب".
وأفاد: "الغريب أن كل هذا يحدث في ظل استعادة النقاش حول توصيات الإنصاف والمصالحة، التي تفترض أن تكف الدولة عن تكرار ما حدث في الماضي لا أن تعيد ارتكاب نفس الانتهاكات".
وكان 10 آلاف من الأساتذة المتدربين قد خاضوا معركة مع
الحكومة، بسبب مرسومين أصدرتهما يحرمهم من التوظيف المباشر بعد التكوين، واستطاعوا الحفاظ على ربط التكوين بالتوظيف بعد مجموعة من الاحتجاجات، ووساطة قامت بها "المبادرة المدنية لحل مشكلة الأساتذة المتدربين".
وينذر قرار الوزارة بترسيب حوالي 170 أستاذا بسبب انتمائهم السياسي، بعودة الاحتجاجات إلى الشارع في وقت حساس بالنسبة للمغرب.