الرسالة الرئيسية السلبية التي خلفها حادث انفجار الكنيسة البطرسية بمصر تتمثل في أن هناك تراجعا للحالة الأمنية، وعزز من ذلك حادث كفر الشيخ وكمين الشرطة بالجيزة، الذي قتل فيه ستة من جنود وضباط الشرطة قبلها مباشرة، إلى جانب الحوادث المتكررة في شمال سيناء، رغم الحملات العسكرية والشرطية المستمرة هناك منذ سنوات.
ولأن الأمن هو عماد الاقتصاد والاستثمار، فمن المتوقع أن يلقي الحادث بنتائجه السلبية على معدلات التدفق السياحي لمصر، خاصة القادمة من منطقة غرب أوروبا صاحبة النصيب الأكبر من السياحة الواردة لمصر وذات العلاقات القوية بالكنيسة
المصرية.
وهو ما توقعه كثير من العاملين بالمجال السياحي بضعف إقبال السياح الأجانب خلال أعياد الكريسماس ورأس السنة وأعياد الميلاد، وتأخير تغيير موقف كل من روسيا وإنجلترا في السماح لسياحهما بالسفر إلى شرم الشيخ، وتراجع سياحة العرب في ضوء حالة التراجع بالعلاقات المصرية السعودية والقطرية.
وعزز ذلك ما تم إعلانه من قبل جهات مصرية عن وجود آثار متفجرات بأجسام ضحايا طائرة شركة مصر للطيران، التي كانت عائدة من فرنسا إلى القاهرة وسقطت بالبحر المتوسط في شهر أيار/ مايو الماضي، لتستمر المعدلات المنخفضة للسياحة المصرية نتيجة عدة حوادث رئيسية منها حادث محاولة قتل سياح بمعبد الأقصر ومقتل سياح مكسيكيين بمنطقة الواحات غرب مصر بطائرات الجيش، وسقوط الطائرة الروسية بكل من عليها من سياح روس بعد رحلة لهم إلى شرم الشيخ.
أيضا التأثير السلبي على قدوم الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر، ودفعه لمزيد من التريث حتى تتضح ملامح صورة قانون الاستثمار الجديد والمزايا التي سيجيء بها، وقرب ذكرى الخامس والعشرين من يناير، التي تأتي وسط غليان شعبي مكتوم بسبب الزيادات الكبيرة في أسعار غالبية السلع والخدمات وبعض المرافق، مما ينعكس على أسعار منتجات تلك الشركات، وبالتالي زيادة معدلات التضخم.
وسيكون هناك إنفاق بالعملات الأجنبية لشراء معدات ومركبات وأجهزة للمراقبة واستشارات أمنية، وهو ما يضيف أعباء على القدر المحدود من العملات الأجنبية، مما يدفع لمزيد من الاقتراض الخارجي لمقابلة تلك النفقات وغيرها، من تكلفة استيراد السلع الأساسية الرئيسية.
وهو أمر يزيد من أعباء مصروفات الموازنة سواء لزيادة نفقات الحراسات والدوريات الشرطية، وما يخصها من مكافآت وحوافز، والتعويضات التي تقدمها وزارة التضامن للمتضررين من الحوادث، ونفقات التوسع في بناء سجون جديدة والإنفاق على الأعداد المتزايدة من المقبوض عليهم خلال تكرار الحوادث.
كما يؤثر ذلك على التصنيف الائتماني للبلاد والدرجة الاستثمارية لها، وعلى زيادة الطلب على القروض الخارجية والداخلية بما يزيد من عجز الموازنة، كما يؤثر على سعر صرف الدولار نتيجة تراجع بعض الموارد الدولارية الرئيسية.
وستكون هناك نفقات إضافية للأمن والحراسة بالشركات والهيئات والجامعات، في وقت تعاني فيه كثير من الشركات من الأثر السلبي لتعويم الجنيه عليها، ورفع أسعار الوقود والكهرباء وضريبة القيمة المضافة، وزيادة الإنفاق على تهريب السلاح كرادع للطرف الآخر خلال النزاعات الثأرية خاصة بمناطق صعيد مصر أو لحماية الممتلكات الخاصة، في ضوء تراجع الثقة في قدرة أجهزة الأمن على القيام بذلك أو بسبب انشغالها بالأمن السياسي على حساب الأمن الجنائي.
وكان محافظ القاهرة قد جدد تعليمات مسبقة، بإلزام أصحاب المحلات التجارية بتركيب كاميرت مراقبة داخل المحال وخارجها للاستعانة بها عند حدوث بعض الحوادث، وهو أمر تكرر في محافظات أخرى ويجيء ذلك في وقت تعاني فيه كثير من المحلات من الركود التجاري.
وعلى الجانب الآخر يمكن أن تؤدي تلك الحوادث إلى اتجاه البعض إلى الهجرة من البلاد خاصة من الأقباط، كما تزيد نفقات المحلات التجارية والشركات على الأمن والتأمين التجاري ضد نوعيات من الحوادث، بما يضيف تكاليف جديدة.
ويمكن أن تؤثر الحالة المزاجية لبعض أقباط الخارج في انخفاض جزئي لما يقوم، ومن به من تحويلات مالية لذويهم بمصر، أو في تأجيل برامج السياحة التي كانوا يودون أن يقوموا بها بمصر.
ومن الآثار السلبية أيضا تراجع الثقة في وعود الجنرال بتحقيق الأمن والاستقرار، بعد حوالي ثلاثة أعوام ونصف العام من أحداث الثالث من يوليو 2013.