مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر، ارتفعت الأصوات المنتقدة لمزاحمة الجيش للقطاع الخاص في المجال الاقتصادي، واحتكاره لعدد من السلع والخدمات.
وأجبرت هذه الانتقادات العلنية قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزرائه شريف إسماعيل على الدفاع عن الجيش ومشاركته الواسعة في الاقتصاد، في وقت يترقب فيه المصريون بقلق دعوات التظاهر يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
ومنذ استيلائه على السلطة في تموز/يوليو 2013 يعتمد السيسي بشكل شبه كامل على الجيش لتنفيذ مشروعات البنية التحتية، والمساعدة في حل الأزمات وبيع سلع أساسية بأسعارها مخفضة، ما أدى إلى اتساع نشاطه الاقتصادي وتنامي دوره السياسي.
اقتصاد الجيش 1.5% من اقتصاد مصر
وقلل السيسي يوم الثلاثاء الماضي، من حجم النشاط الاقتصادي للقوات المسلحة، قائلا_خلال الجلسة الاقتصادية بالمؤتمر الوطني للشباب المنعقد بمدينة شرم الشيخ_ إنه يشكل من 1 إلى 1.5% فقط من اقتصاد مصر، كما نفى ما يتردد عن أن حجم ميزانية الجيش تبلغ 20 أو 25% من موازنة الدولة.
وأكد أن القوات المسلحة تمثل ذراعا إضافيا للدولة لتنفيذ المشروعات، وأنها عندما تنفذ أي مشروع لا تسعى للتكسب أو سحب الاستثمارات من القطاع الخاص، موضحا أن تدخل القوات المسلحة كان ضروريا لأن حجم المشروعات كان ضخما، ولا يمكن تنفيذه بواسطة الجهاز الإداري للدولة الذي يعاني من البيروقراطية والفساد.
وردا على الاتهامات بعدم خضوع موازنة الجيش للرقابة، أكد السيسي أن الجهاز المركزي للمحاسبات يراقب على ميزانية القوات المسلحة، مضيفا أن القوات المسلحة تدفع ضرائب للدولة مثل أي مؤسسة أخرى".
وأوضح أن صفقات التسليح الضخمة التي أبرمتها القوات المسلحة خلال الشهور الأخيرة، يتم تمويلها من خارج الموازنة العامة للدولة عبر موازنة القوات المسلحة، عن طريق عوائد المشروعات الاقتصادية للجيش، مشيرا إلى أن الجيش اعتمد سياسة ترشيد الإنفاق على مدى 25 عاما مضت، من أجل توفير احتياجاته من التسليح دون الضغط علي الموازنة العامة للدولة.
السيسي : الجيش ذراع للدولة ويخضع لمراقبة المركزي للمحاسبات
الجيش سينسحب بعد ثلاث سنوات
وجاءت تصريحات السيسي، بعد يوم واحد فقط من تصريح مشابه لرئيس الوزراء شريف إسماعيل، أدلى به في مقابلة مع قناة "سي بي سي" مساء الاثنين، دافع فيه عن دور القوات المسلحة في الاقتصاد المصري.
وأكد إسماعيل، أن القوات المسلحة لا تزاحم القطاع الخاص، مشيرا إلى أن الجيش يقوم بإدارة المشروعات، وأن شركات القطاع الخاص هي المنفذة لها.
وفي محاولة لتهدئة الغضب الشعبي الساخط على المؤسسة العسكرية، بحسب مراقبين، قال رئيس الوزراء إنه يتوقع أن يتقلص الدور الاقتصادي للجيش في فترة تتراوح بين عامين وثلاثة، بعد الانتهاء من البنية التحتية التي يحتاج إليها لجذب الاستثمارات للبلاد".
وأوضح أن الدولة لا يمكنها الاستغناء عن قدرة القوات المسلحة التنظيمية العالية، خاصة في توفير السلع التموينية وتنفيذ مشروعات البنية الأساسية، في ظل المشاكل التي يعاني منها الجهاز الحكومي.
رئيس الوزراء: القوات المسلحة ستنسحب من بعض المشروعات بعد 3 سنوات
وبرر شريف إسماعيل وجود عدد كبير من الوزراء ذوي الخلفية العسكرية في حكومته، باعتذار 90% من المدنيين الذين تم ترشيحهم لتولي حقائب وزارية.
وكان أحدث العسكريين الذين تولوا حقائب وزارية اللواء "علي مصيلحي" وزير التموين الجديد، الذي كان قائدا لهيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة.
وعلى الرغم من أن النظام روج لـ"مصيلحي" على أنه قادر على القضاء على مشكلات البلاد في مجال السلع الغذائية، إلا أن
المصريين عانوا من أزمة طاحنة بسبب نقص السكر بعد أسبوعين فقط من توليه منصبه، الأمر الذي أثبت فشله الذريع في أول اختبار له، بحسب مراقبين.
ضغوط خارجية لانسحاب الجيش
إلى ذلك، كشف الصحفي عبد الله السناوي، المقرب من النظام، عن وجود ضغوط سياسية غربية في الأيام الأخيرة على السيسي، تطالبه بتراجع القوات المسلحة عن أية مشروعات اقتصادية.
وألمح السناوي، في مقال له بصحيفة الشروق يوم الأربعاء، إلى استجابة النظام لهذه الضغوط، وهو ما كشفت عنه تصريحات
السيسي ورئيس الوزراء، عن تراجع الجيش بعد انتهائه من مشروعات البنية الأساسية".
ويقول مراقبون، إن كثير من رجال الأعمال يوظفون السخط الشعبي المتزايد على النظام، لإظهار تذمرهم من مزاحمة الجيش لهم في الأنشطة الاقتصادية دون وجود عدالة في المنافسة، حيث يحصل الجيش على أيدي عاملة رخيصة مستغلا آلاف المجندين، كما تتمتع القوات المسلحة بإعفاء ضريبي في مشروعاتها وإعفاء وإرداتها من الجمارك.
وتوحشت الامبراطورية الاقتصادية للجيش بشكل هائل في السنوات القليلة الأخيرة، بحسب مراقبين، حيث امتدت من إنتاج السيارات الفارهة، لصالونات التجميل، مرورا بمشروعات صناعية وزراعية كبيرة تنتشر في جميع أنحاء البلاد.