القاهرة - عربي21 - إحسان عبدالعظيم27-Oct-1606:44 AM
شارك
عبدالفتاح السيسي
على الرغم من خضوع الإعلام المصري، بقطاعيه الحكومي والخاص، لسلطات رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، إلا أن الأخير شن عليه أعنف هجوم، واتهمه بالإضرار بمصر، والإساءة إلى علاقتها بدول أخرى، والتسبب في أزمة الدولار، في وقت واجهه فيه الكاتب الصحفي الموالي له، إبراهيم عيسى، بالمحبوسين في عهده من الإعلاميين والمفكرين، داعيا إياه إلى التوقف عن حبسهم في قضايا النشر.
وواجه السيسي هجوم عيسى على نظامه بالقهقهة لفترة طويلة، تعليقا على ما قاله، دون أن يصدر أي وعود بإطلاق سراح هؤلاء المحبوسين، فيما تعرض عيسى نفسه للانتقاد، والمطالبة بأن يحضر دورة تدريبية في الأخلاق، الأمر الذي أثار حفيظته، وجعله يتبارى مع السيسي في تعديد مناقب ذاته، والقول بأنه فاز عالميا بجائزة أفضل صحفي، بينما وصف السيسي نفسه بأنه صادق، وأمين، ومتجرد.
جاء ذلك لدى مشاركتهما في جلسة نقاشية، شهدها اليوم الثاني لـ"المؤتمر الوطني للشباب"، بمدينة شرم الشيخ، الأربعاء، تحت عنوان: "تأثير وسائل الإعلام على صناعة الرأي العام الشبابي"، التي أدارها الإعلامي أسامة كمال.
يستشهد بالنبي ويزكي نفسه ويتهم إعلامه
وكان للسيسي كلمة الختام في نهاية الجلسة؛ إذ قال: "النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، قال إن المرء يصدق، ويتحرى الصدق، حتى يكتب عند الله صديقا".
وأضاف: "عمري ما تحدثت معكم بأي شكل من الأشكال إلا الصدق.. كل الصدق.. لم أجد إشكالية في أن أكون صادقا، وأمينا، ومتجردا"، وفق زعمه.
ودعا إلى أن تأخذ التجربة مداها منذ عام 2011، مردفا: "أنا بتابع وبقرأ الكلام المكتوب؛ عشان أشوف شايفين مصر إزاي، وبتقدموها إزاي".
واستدرك: "انتوا بتضرَّوا مصر جامد جدا من غير ما تقصدوا.. والله العظيم بكلمكم كمسؤولين عن بلد، ووجهت رسائل كثيرة جدا عن مسؤوليتكم.. أنا معاكم، وأنتم معانا.. بس هناك جرائد بتقول وبتكتب، وكانت أحد أسباب ازدياد سعر الصرف؛ لأنها اتكلمت على أخبار لا تمت للواقع بصلة، والناس أخذتها على أنها مؤشر".
وأضاف: "فيه دول فقدنا حميمية العلاقة السياسية معاها؛ نتيجة أخبار طلعت من عندنا".
وادعى أنه لم يتم توجيه أي إعلامي أو مذيع أو قلنا له: "هاجموا فلانا أو الدولة الفلانية"، متسائلا: "هل ده حصل؟".
وتابع: "أقسم بالله العظيم.. أتمنى ألا يصدر لفظ مسيء واحد أو حركة إساءة واحدة داخل المجتمع المصري لأي حد في العالم، حتى لو أساء إلينا". وأردف: "محدش يطول لسانه، لكن يصبر ويشتغل ويعمر، علشان اللي بيستقلنا ما يستقلناش، واللي مستضعفنا ما يستضعفناش، واللي شايفنا ظروفنا صعبة ما يشفناش". (لا يرانا).
السيسي يقهقه: تتكلمون عن الرأي وتوعية الناس؟
وخلال الجلسة، قال الإعلامي إبراهيم الجارحي إن قانون العقوبات سقطت منه بنود، من ضمنها البنود المتعلقة بالسب والقذف والإساءة للأشخاص، مطالبا بفرض القانون، مع وجود ضوابط ذاتية للإعلامي والصحفي.
وأضاف أن الساحة الإعلامية تشهد تجبرا للإعلاميين؛ إذ ظنوا بأنهم قادة سياسيون، وحتى المؤيد للدولة يتحول إلى نيران صديقة، ويعتقد بأنه يرى مصلحة الدولة أكثر من الدولة، مستشهدا بتصريحات إبراهيم عيسى.
لكن الأخير ردَّ بحدة: "مين قال الكلام ده"، ليرد الجارحي: "أنا باكمل كلامي"، وهنا دخل السيسي، بشكل مفاجئ، في نوبة ضحك هستيرية، ضاربا كفا بكف، مرات عدة، متحدثا وسط قهقهاته المرتفعة: "يا أستاذ إبراهيم (دون أن يحدد: أي إبراهيم فيهما؟).. ليكم كلكم.. أنتم تتكلمون عن الرأي، وتوعية الناس.. هأ هأ هأ"، وحرك يديه تلقاء صدره، أماما وخلفا، دون أن يُتم العبارة، أو يحدد ماذا يقصد؟.
وعيسى يهاجم السيسي: لا تحبسونا بجرائم النشر
وهنا التقط عيسى حبل الحديث، فقال: "يا سيادة الرئيس.. هذا هو التعدد والاختلاف المشروع والمطلوب والمفروض، مع الود والمحبة والإيمان الحقيقي بوطنية كل الأطراف.. ده اللي يخلينا نتقدم".
وتابع: "هناك كتاب وصحفيون مسجونون حاليا في مصر، بقانون العقوبات الذي تطالبون بتفعيله، وليس هناك دولة في الدنيا تسجن في جرائم النشر غير ثلاث أو أربع دول، وللأسف كلها دول مستبدة وديكتاتورية، ويجب ألّا تكون مصر، التي نحلم بأن تكون دولة دستورية ديمقراطية، من هذه الدول التي تسجن في جرائم النشر".
واستطرد عيسى: "عاقبوا كما يعاقب العالم المتحضر.. افرضوا عليهم غرامات مليون جنيه.. اقفلوا وسائلهم، لكن لا توجد عقوبات سالبة للحرية في أي دولة متقدمة في العالم.. والمفروض أن نطلب العفو عن إسلام بحيري وأحمد خالد، وعن كل هؤلاء.. لا أن نقول مزيدا من التقييد"، حسبما قال.
وشدَّد على أن الضابط هو مزيد من الحرية لا المنع، متسائلا: "المشهد الحالي عمل فيه إيه المنع وحالة المصادرة على أي رأي أو موقف؟ وماذا أنتجت للمجتمع؟".
وأضاف: "عندنا قوانين معوقة للحرية، ومش ناقصين.. والحل في مزيد من الحرية، وحصول المواطن على الحرية".
مكرم محمد أحمد.. ودورة أخلاقيات الصحافة
من جهته، قال نقيب الصحفيين الأسبق، مكرم محمد أحمد، إنه "ما من صحفي في العالم العربي يستطيع أن ينقد نظامه أو يتحاور مع رئيسه بهذا المستوى النِدِّي.. إلا في مصر"، وكررها أربع مرات، مشددا على أنها ليست منحة من أحد، بل ألقي العشرات من الصحفيين في السجون من أجل الوصول إليها.
وفي الختام، قال خبير التدريب محمد سعيد إنه يتوجه بسؤال صعب، وهو: "كم من الإعلاميين الكبار لديه الجرأة والاستعداد لأن يلتحق بدورة تدريبية في أخلاقيات الصحافة؟".
وعلق إبراهيم عيسى بالقول إنها دعوة رائعة، لكنه استدرك بأنه بالنسبة إليه، فإن الاتحاد الدولي للصحفيين عمل معه دورة تدريبية في لندن لمدة عشرة أيام، كما حصل على جائزة أفضل صحفي في العالم عام 2011، علاوة على جائزة جبران تويني".
ويُذكر أن السيسي استهل فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر بالمشاركة في "ماراثون السلام"، بشرم الشيخ، بمشاركة بعض الوزراء، وعدد من شباب المؤتمر.