دعا العاهل
المغربي محمد السادس، الجمعة، إلى التزام حزبي وسياسي "حقيقي" يضع المواطن فوق أي اعتبار، ويقتضي الوفاء بالوعود التي تقدم له، والتفاني في خدمته، فيما وجه انتقادت لاذعة للإدارة المغربية.
واعتبر محمد السادس في خطاب له بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة، أن المرحلة المقبلة "أكثر أهمية من سابقاتها، فهي تقتضي الانكباب الجاد على القضايا والانشغالات الحقيقية للمواطنين، والدفع قدما بعمل المرافق الإدارية، وتحسين الخدمات التي تقدمها".
وحث الإدارة على قضاء مصالح المواطنين في مدنهم قائلا: "إذا كان من الضروري معالجة كل الملفات على مستوى الإدارة المركزية بالرباط، فما جدوى اللامركزية والجهوية واللاتمركز الإداري الذي نعمل على ترسيخه، منذ ثمانينيات القرن الماضي؟".
وتابع: "مع كامل الأسف، يلاحظ أن البعض يستغلون التفويض، الذي يمنحه لهم المواطن، لتدبير الشأن العام في إعطاء الأسبقية لقضاء المصالح الشخصية والحزبية، بدل خدمة المصلحة العامة، وذلك لحسابات انتخابية.. وهم بذلك يتجاهلون بأن المواطن هو الأهم في الانتخابات، وليس المرشح أو الحزب، ويتنكرون لقيم العمل السياسي النبيل".
وأوضح العاهل المغربي أن "الالتزام الحزبي والسياسي الحقيقي، يجب أن يضع المواطن فوق أي اعتبار، ويقتضي الوفاء بالوعود التي تقدم له، والتفاني في خدمته، وجعلها فوق المصالح الحزبية والشخصية".
و"مادامت علاقة الإدارة بالمواطن لم تتحسن"، يقول محمد السادس: "فإن تصنيف المغرب في هذا الميدان، سيبقى ضمن دول العالم الثالث، إن لم أقل الرابع أو الخامس".
وفسر لجوء العديد من المواطنين إليه والتماس مساعدته في حل العديد من المشاكل والصعوبات، قائلا: "وإذا كان البعض لا يفهم توجه عدد من المواطنين إلى ملكهم من أجل حل مشاكل وقضايا بسيطة، فهذا يعني أن هناك خللا في مكان ما".
وتابع: "الأكيد أنهم يلجؤون إلى ذلك بسبب انغلاق الأبواب أمامهم، أو لتقصير الإدارة في خدمتهم، أو للتشكي من ظلم أصابهم"، مشددا على أن المرافق والإدارات العمومية تعاني من" الضعف في الأداء، وفي جودة الخدمات.. والتضخم.. وقلة الكفاءة، وغياب روح المسؤولية لدى العديد من الموظفين".
ودعا العاهل المغربي الحكومة إلى "حسن تفعيل الإصلاح المجتمعي"، الذي مرت 12 سنة على إطلاقه، "ومواصلة التوعية بمضامينه، ومواكبته بالإصلاح والتحيين، لتجاوز المشاكل التي أبانت عنها التجربة والممارسة".
وأشار إلى أن "المشاكل التي تواجه المواطن في الإدارة تتجسد بشكل واضح في العراقيل التي تعيق الاستثمار، رغم إحداث المراكز الجهوية واستعمال الشباك الوحيد لتبسيط المساطر وتسريع عملية اتخاذ القرار".
واستطردا منتقدا: "إن هذا الوضع غير مقبول، وينبغي ألان يستمر، فالمستثمر عندما لا يتلقى جوابا وإذا لم يتم حل المشكل الذي يواجهه، فإنه يرجع أمواله إلى البنك، إذا كان مقيما في المغرب.. أما إذا كان من أبناء الجالية، وفضل الاستثمار في وطنه، فإنه يكون مجبرا على العودة بأمواله إلى الخارج".
وطالب الملك محمد السادس بـ"تعميم الإدارة الإلكترونية بطريقة مندمجة، تتيح الولوج المشترك للمعلومات بين مختلف القطاعات والمراف"، موضحا أن "توظيف التكنولوجيات الحديثة، يساهم في تسهيل حصول المواطن، على الخدمات، في أقرب الآجال، دون الحاجة إلى كثرة التنقل والاحتكاك بالإدارة، الذي يعد السبب الرئيسي لانتشار ظاهرة الرشوة، واستغلال النفوذ".
وحث على أن ترتكز الإدارة المغربية على "الجهوية المتقدمة" حتى تمكن من "تقريب المواطن من الخدمات والمرافق، ومن مركز القرار"، ودعا إلى "ضرورة بلورة وإخراج ميثاق متقدم للاتمركز الإداري، يستجيب لمتطلبات المرحلة".