أشاد ملك
المغرب بالسياسات
الاقتصادية التي تقوم بها
الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، ويرأسها عبد الإله بن كيران، معتبرا أن إجراءاتها "صححت وضعية المالية العمومية"، و"عززت الحماية الاجتماعية لفائدة الفئات الأكثر هشاشة".
أهمية الرسالة تكمن في السياق الذي جاءت فيه، والذي يتسم باستغلال "اسم
الملك" من طرف المعارضين في الصراع السياسي والانتخابي، الذي بلغ حد توظيف بعض مؤسسات الدولة وممثليها في التضييق على حزب العدالة والتنمية تحت هذا المبرر.
الملك: سياساتنا حمت الدولة والمجتمع
وقال الملك محمد السادس في رسالة قرأها الخميس، عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب (لبنك المركزي المغربي)، في افتتاح أشغال الدورة الأربعين لاجتماع محافظي البنوك المركزية ومؤسسات النقد في الدول العربية، إن "الاقتصاد المغربي أبان عن قدرة واضحة على الصمود بالرغم من الظرفية الدولية الصعبة على العموم".
وأوضح الملك: "تم اعتماد قانون تنظيمي جديد للمالية دخل حيز التنفيذ ابتداء من سنة 2016، كما واصلت السلطات الوصية على الصعيدين النقدي والمالي، جهودها الرامية إلى تحديث النظام المالي الوطني وتعميقه، لجعل السياسة النقدية للمملكة تتماشى مع أفضل الممارسات المعمول بها دوليا مع مواصلة نهج سياسة تيسيرية لدعم تمويل النسيج الاقتصادي، خاصة المقاولات الصغيرة جدا والمتوسطة".
وأضاف الملك أن "الإصلاحات التي تم القيام بها في السنوات الأخيرة والتي همت على الخصوص الإطار المؤسساتي، إضافـة إلى ميادين أخرى كنظام التربية والتكوين ومنظومة العدالة والجهوية المتقدمة ومناخ الأعمال، فضلا عن المبادرة إلى إصلاح نظام دعم أسعار الاستهلاك، مكنت من تصحيح وضعية المالية العمومية وتوفير حيز مالي للاستثمار الاقتصادي وتعزيز شبكات الحماية الاجتماعية لفائدة الفئات الأكثر هشاشة".
ومضت الرسالة الملكية تقول: "بالرغم من الظرفية الدولية الصعبة، على العموم، أبان الاقتصاد المغربي عن قدرة واضحة على الصمود، وذلك بفضل الأوراش الكبرى التي أطلقناها منذ بداية هذا القرن، والمجهودات التي ما فتئنا نبذلها دون كلل أو ملل من أجل صيانة المكتسبات وتحقيق المزيد من المنجزات".
وتابع: "لقد وضع بنك المغرب بتنسيق مع باقي السلطات الرقابية، إطارا قانونيا وآلية لحل الأزمات، حيث يواصل ملاءمة منظومة الرقابة المصرفية مع المعايير الدولية ومواكبة التوسع الخارجي للبنوك المغربية المتواجدة حاليا في 30 بلدا أجنبيا".
وأبرز الملك أنه "بفضل كل هذه الجهود، تمكن النظام المالي الوطني من تحقيق نتائج إيجابية في التقييم المشترك الذي أنجزه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في نيسان/أبريل 2015، والذي أكد بشكل خاص على تماسك النظام البنكي المغربي".
وأكد الملك أن "الإصلاحات التي تم القيام بها، وما ينعم به المغرب من استقرار سياسي وأمني، مكنت المملكة من تعزيز مكانتها لدى شركائها الدوليين ووكالات التصنيف والمستثمرين الأجانب"، مبرزا جلالته أن "اتفاق خط الوقاية والسيولة الذي تم تجديده مؤخرا للمرة الثالثة مع صندوق النقد الدولي واستمرار التدفقات الهامة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، المتأتية في جزء كبير منها من أشقائنا في مجلس التعاون الخليجي، انعكاس لهذه الصورة الإيجابية التي يحظى بها المغرب".
وسجل الملك أن ما حققه المغرب من منجزات هامة يبعث على الاطمئنان فيما يتعلق بالخيارات التي اعتمدت في سياسة المملكة الخارجية، ودعم توجه المغرب في مواصلة سياسة الانفتاح على منطقته وعلى العالم، مشيرا إلى أن عدد البلدان التي تربطنا بها اتفاقيات للتبادل الحر بلغ 56 بلدا وعلى رأسها العديد من البلدان العربية الشقيقة.
وقال الملك: "تم إطلاق مشروع طموح لجعل الدار البيضاء قطبا ماليا إقليميا يربط إفريقيا بباقي بلدان العالم. وقد تحول هذا الطموح الآن إلى واقع ملموس، حيث يشير آخر تصنيف عالمي للمراكز المالية إلى أن القطب المالي للدار البيضاء يتبوأ المركز الثالث والثلاثين عالميا، والأول إفريقيا"، قبل أن يردف: "تأكيدا لخيار الانفتاح الذي اعتمدناه، قررنا مؤخرا الانتقال تدريجيا نحو نظام صرف أكثر مرونة، من أجل تعزيز تنافسية اقتصادنا وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية".
رحموني: الرسالة جواب على الاستدراج إلى الوقيعة
وقال خالد رحموني عضو الأمانة العالمة لحزب العدالة والتنمية، إن "الرسالة الملكية دليل إضافي على نجاعة الإجراءات الحكومية المتوافقة مع السياسات العامة للدولة المغربية في الميدان المالي والاقتصادي".
وتابع رحموني في تصريح لـ"
عربي21" أن "سياق الرسالة الملكية مهم فيما يخص طمأنة الفاعلين الاقتصاديين المحليين والدوليين على أن الإجراءات التي يتخذها المغرب اقتصاديا في الفترة الأخيرة تهدف إلى حماية المالية العمومية كما تحمي الفئات الهشة اجتماعيا".
وأفاد خالد بأن "أهمية الرسالة تكمن في أن العلاقة بين مؤسسة رئيس الحكومة ومؤسسة الملك تشتغلان في انسجام بعيدا عن (الاستدراج) إلى الوقيعة التي يحاول البعض جر الطرفين إليها أو حتى الإيحاء بوجودها عبر وسائل الإعلام المأجورة".
وخلص إلى أن الرسالة "تدل على صوابية الاختيار الديمقراطي الذي التزم به المغرب دستوريا. اختيار مكن المغرب من الصمود في محيط مضطرب وفق نموذج في التدبير والتسيير مؤسس على أطروحة الإصلاح في إطار الاستقرار، وأن رجال الدولة الكبار- النابعين من الإرادة الشعبية- هم وحدهم من لهم القدرة على اتخاذ الإجراءات الحاسمة لصالح البلد والشعب".
يايموت: رضى ملكي على مجهودات الحكومة
وسجل الباحث في العلوم السياسية، خالد يايموت، أن "سياق هذه الرسالة جاءت للتعبير عن رضى الملك بالمجهود الكبير في المجال الاقتصادي لحكومة
ابن كيران، سواء تعلق الأمر بصندوق المقاصة أم إجراءات تحسين الاستثمار وغيرها".
وتابع في تصريح لـ"
عربي21"، أن "ما عبر عنه الملك محمد السادس في رسالته اليوم هو تكريس لهذا الاتجاه الذي يجعل من الاقتصاد مسؤولية الحكومة، ولأن الملك له صلاحيات دستورية تخول له مراقبة الحكومة، فإنه يعبر عن هذه المراقبة، عبر المجلس الوزاري أو في الخطب، والرسائل".
وأضاف: "الأمر يتعلق بمنظور ملكي لممارسة السلطة، والذي يقوم على أولوية الجانب الاقتصاد وتغليبه على الجوانب الأخرى".
وأفاد الباحث: "عندما كان الحسن الثاني يتشاور مع أطراف الكتلة للدخول في التناوب وجعل عبد الرحمن اليوسفي على رأس الحكومة، وضع الملك شرطين ملحين الأول ضرورة تحسين الاقتصاد والثاني تخفيض حجم التضخم آنذاك".
وكانت حكومة عبد الإله بن كيران قد أقرت سلسلة إجراءات اقتصادية وصفت بأنها قاسية، مثل إصلاح "
صندوق المقاصة" واجهت معارضة شرسة بين مراكز النفوذ والنقابات التي تظاهرت في الشوارع احتجاجا على هذه الإصلاحات قبل أن تتراجع عن ذلك.