يشير الحديث عن تحرير مدينة
الموصل من سيطرة
تنظيم الدولة إلى قرب المعركة، ويصفها بأنها وشيكة، وفي حال خسارة التنظيم لثاني كبرى المدن
العراقية، فإنه يكون خسر معظم وجوده في العراق، وسيعود إلى ما كان عليه قبل صعوده الساحق في حزيران/ يونيو 2014، حركة ومنظمة حرب عصابات.
وترى الإدارة الأمريكية في استعادة الموصل إنجازا مهما، لو حصل، للرئيس الأمريكي باراك
أوباما، الذي سيغادر البيت الأبيض بعد أشهر، ويتفق معظم المحللين على أن تحرير الموصل لن ينهي المخاطر والأسباب التي أدت إلى صعود تنظيم الدولة والجماعات الجهادية الأخرى، وفي حال استمرت الحكومة العراقية، التي يسيطر عليها الشيعة في بغداد، على ضعفها، فإن فرص إقامة عراق موحد، يعيش فيه السنة والشيعة والكرد على قدم المساواة، تظل بعيدة، بالإضافة إلى أن دخول مليشيا الحشد الشعبي إلى مدينة الموصل السنية سيفاقم من التوتر الطائفي.
وترى صحيفة "التايمز" في افتتاحيتها لهذا اليوم، التي جاءت تحت عنوان "السيطرة على تنظيم الدولة: معركة الموصل وشيكة، لكن الحرب ستستمر"، أن الحرب على الموصل باتت قريبة.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21": "مر عامان على سيطرة ما يعرف بتنظيم الدولة على الموصل، ثاني مدن العراق، ويرى الجيش العراقي والقادة العسكريون الغربيون أن تحرير الموصل قد يكون وشيكا، ولا يبعد عنا سوى بضعة أسابيع".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "هذا الكلام لو كان صحيحا، فسيكون خطوة كبيرة على طريقة هزيمة التنظيم الإرهابي"، وتحذر قائلة: "على قوات التحالف، وحكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر
العبادي، أن يكونوا على وعي بأمرين مهمين؛ الأول أن المعركة لاستعادة الموصل ستكون شرسة وصعبة، والثاني هو أن استعادتها من أتباع أبي بكر
البغدادي ربما تكون أسهل من تحقيق الاستقرار في البلاد بعد ذلك".
وتشير الافتتاحية إلى أن عدد سكان الموصل كان قبل سيطرة الجهاديين عليها يصل إلى حوالي مليوني شخص، ويعتقد أن نصفهم ما زال يعيش فيها، فيما يتراوح عدد مقاتلي تنظيم الدولة، الذين سيواجهون القوات العراقية، والكردية، وطيران التحالف، ما بين 2500 و3000 مقاتل، لافتة إلى أن هذا العدد هو أقل من عدد القوات التي ستشارك في عملية تحرير الموصل، الذي يتفوق بكثير على عدد مسلحي التنظيم في المدينة.
وتلفت الصحيفة إلى أن هذه القوات ستلقى دعما من سبعة آلاف "مستشار" عسكري أمريكي وبريطاني، منوهة إلى أن هذا العدد لا يشمل عدد القوات الخاصة والدعم الجوي.
وتبين الافتتاحية أن القوات تقوم بالتجمع في جنوب المدنية وشرقها وشمالها، حيث يتم التخطيط لمحاصرتها من هذه الجهات، مشيرة إلى أن وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون قال إنه تم رمي سبعة ملايين ملصق على المدينة والمناطق المحيطة بها، التي حذرت المواطنين من اقتراب "ساعة الصفر".
وتذكر الصحيفة أن بلدة الشرقات، التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة، سقطت هذا الأسبوع، الأمر الذي أدى إلى تشجع القوى المحتشدة حول المدينة، و"تتوقع مصادر في التحالف أن المعركة لاستعادة الموصل باتت قريبة، وأن النصر لم يعد سوى مسألة وقت".
وتستدرك الافتتاحية بأن "هناك غموضا يلف الموقف داخل المدينة، التي كانت أول المدن التي بدأ فيها البغدادي بتعبئة السنة حول العالم، لتقديم البيعة لـ(خلافته)، فلا أحد يعرف حقيقة الموقف في الموصل، ولا أحد يعرف العدد الحقيقي لمسلحي التنظيم فيها، كما لا يعرف مدى جاهزيتهم للقتال، وتوجد معلومات بأن التنظيم لديه مخزون من الأسلحة الكيمياوية داخل المدينة، ومن المرجح أن يستخدم المدنيين دروعا بشرية لحمايته، خاصة أن المدينة تحمل صفة رمزية للبغدادي، فمنها بدأ بتحشيد المتطرفين السنة لقضيته".
وتجد الصحيفة أنه "لهذا السبب، فإنه يجب على القوات العراقية أن تتوقع مقاومة شرسة من التنظيم، كما حدث في الفلوجة، حيث ظلت تحاصرها لمدة ثلاثة أسابيع، ولم يغادرها التنظيم إلا بعد مساعدة مليشيات شيعية مدعومة من إيران، التي تم تحميلها مسؤولية اختفاء 900 سني شاب بعد ذلك".
وتنوه الافتتاحية إلى أن "هذه المليشيات الشيعية تسعى إلى أداء دور كبير في معركة الموصل، والحصول على مكانة تشابه مكانة الحرس الثوري في إيران، وفي الوقت ذاته فإن قوات البيشمركة، التي أدت دورا فاعلا في مواجهة الجهاديين، تسعى للسيطرة على المناطق التي استعادتها من تنظيم الدولة، رغم عدم الاعتراف بها بصفتها جزءا من كردستان العراق".
وتذهب الصحيفة إلى أن "المهمة الملحة أمام العبادي هي الحفاظ على وحدة العراق، ولهذا السبب فلا يمكنه الاستمرار في السماح للمليشيات بأن تكتب قواعدها الخاصة للقتال، أو لتسيير الأمور في العراق، ولا السماح للبيشمركة بتغيير خريطة البلاد".
وترى الافتتاحية أن "معركة الموصل تمثل فرصة للحفاظ على العراق موحدا، فالتخطيط الدقيق لما بعد المعركة، وكسب عقول وثقة أهل الموصل، ضروريان، وركزت بريطانيا جهودها على إسكان ومساعدة ملايين اللاجئين لما بعد المعركة، لكن التحدي الأكبر هو منع تنظيم الدولة من إعادة تنظيم نفسه، والانتظار لليوم التالي".
وتختم "التايمز" افتتاحيتها بالقول: "كما تشير دروس العراق القريبة، فإن الانتصارات العسكرية هي مجرد بداية".