حذر تقرير في صحيفة "أوبزيرفر" من الآثار الإنسانية لاستعادة مدينة
الموصل، وموجات اللاجئين، التي قد تتدفق من المدينة بعد هزيمة
تنظيم الدولة.
وتقول معدة التقرير إيما غراهام هاريسون، إن الحملة قد تؤدي إلى رحيل جماعي، يصل إلى مليون نازح إلى مناطق
كردستان العراق، ما يزيد من أعباء حكومة إقليم كردستان، التي تعاني من خطر الانهيار؛ بسبب الأزمات المتعددة، وذلك بحسب وثائق اطلعت عليها الصحيفة.
وتكشف الصحيفة عن خطة حكومية لمواجهة تدفق النازحين، ودعوة عاجلة للمساعدة من المجتمع الدولي، خاصة أن الحكومة تواجه مشكلات لتقديم المساعدة لـ1.5 مليون لاجئ وصلوا إلى أراضيهم منذ دخول مقاتلي تنظيم الدولة شمال العراق.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الوثائق تقول إنه دون تمويل مناسب لمواجهة أزمة اللاجئين فإن المنطقة "تواجه انهيارا كاملا"، لافتا إلى أن المسؤولين يقولون إن أمن المنطقة عرضة للخطر، حيث سيحاول مقاتلو التنظيم اختراق جماعات النازحين.
وتورد الكاتبة أنه بحسب خطة طارئة أعدتها وزارة داخلية الإقليم، فإن قدرة حكومة إقليم كردستان لاستيعاب الموجات الجديدة من النازحين معدومة تقريبا، فهي تعاني من أزمة مالية، ووصول 1.5 مليون نازح، بالإضافة إلى الحرب المكلفة مع تنظيم الدولة.
وتلفت الصحيفة إلى الخطط الجارية لاستعادة مدينة الموصل، التي تم تأجيلها أكثر من مرة، وسط تفاؤل داخل حكومة حيدر العبادي، الذي قال الأسبوع الماضي إن المدينة "ستحرر في عام 2016"، مشيرة إلى أن القوات العراقية تتقدم على طول نهر دجلة، فيما تقترب قوات
البيشمركة من الشرق، وسيطرت القوات العراقية على بلدة القيارة، التي تبعد 70 كيلومترا عن الموصل، وأصبحت البيشمركة على مسافة أقرب.
ويذكر التقرير أن الموصل تمثل أهمية استراتيجية للطرفين، وهي عاصمة عمليات تنظيم الدولة، وآخر معاقله القوية بعد خسارته الرمادي والفلوجة، وكانت المعارك لإخراجه منهما مقدمة لاستعادة الموصل، لافتا إلى أن هناك توقعات باندلاع حروب شوارع، واستخدام أساليب وحشية لتنظيم الدولة، بما في ذلك استخدام السكان دروعا بشرية، وتفخيخ البنايات والشوارع بالمتفجرات.
وتفيد هاريسون بأن المدنيين في الموصل يواجهون مخاطر عالية، حيث إن هناك 800 ألف يعيشون في ريف المدينة، و1.2 مليون نسمة داخلها، لافتة إلى أنه في حالة مدينة الرمادي، فإنها كانت خالية من السكان بعد إجبار المقاتلين على ترك المدينة، ولم يتبق من سكان الفلوجة سوى 40 ألفا عندما أجبر التنظيم على مغادرتها.
وتنوه الصحيفة إلى أن وثائق حكومة كردستان تتحدث عن ثلاثة سيناريوهات للحرب، حيث يتوقع السيناريو الأكثر تفاؤلا تدفق 100 ألف من اللاجئين في حالة عملية عسكرية سريعة، أما السيناريو الأكثر قتامة فيتوقع عملية عسكرية طويلة، وحرب شوارع تؤدي إلى خروج أكثر من مليون مواطن باتجاه كردستان، لافتة إلى أن الحكومة تتوقع خيارا وسطا بين المتفائل والمتشائم، من استمرار الحرب لمدة أسابيع أو أشهر، بالإضافة إلى حصار كامل للمدينة، يقطع طرق الإمداد إليها، ما يؤدي إلى نقص المواد الغذائية، وقتال كثيف، وغارات جوية، وقد يؤدي هذا إلى خلق أزمة نزوح.
وبحسب التقرير، فإن الحكومة تتوقع خروج أكثر من 400 ألف نازح، حيث سيصل معظم هؤلاء مع تكثف القتال والغارات الجوية، ويحتاج استيعاب هؤلاء إلى 275 مليون دولار في الشهر، خاصة أن معظمهم سيصل إلى المخيمات لا يملك إلا الملابس التي يرتديها.
وتنقل الكاتبة عن وثيقة تلخص الوضع، قولها: "من المرجح أن يتم تشريد مئات الآلاف، ويحاصرون ويجرحون ويقتلون، ومن سينجح بالخروج فإنه سيترك وراءه ممتلكاته كلها، وسيعتمد بشكل مطلق على المساعدة الإنسانية"، وتضيف وثائق حكومة كردستان أن مواجهة أزمة النزوح من الموصل بحاجة إلى مساعدة أكثر من بغداد والمجتمع الدولي، وتقول: "نتوقع مساعدة أكثر، ومساهمة من الحكومة العراقية والمجتمع الدولي، وإلا واجهت المنطقة كارثة إنسانية خطيرة لا يمكن وقفها".
وتذكر هاريسون أن منظمة الأمم المتحدة حذرت من أن تؤدي المعركة إلى خلق كارثة إنسانية، وناشدت الدول للتبرع، مشيرة إلى أن إقليم كردستان لم يحصل في الوقت الحالي إلا على نسبة 20% من الدعم المطلوب للوفاء باحتياجات النازحين.
وتلفت الصحيفة إلى أن منطقة كردستان تواجه أزمات حادة بسبب انهيار أسعار النفط، وغياب الدعم من الحكومة المركزية، مشيرة إلى أن بغداد قررت تخفيض الدعم بعدما قررت حكومة كردستان تصدير النفط بطريقة مستقلة، ووصلت الأزمة المالية مداها لدرجة عدم تلقي البيشمركة رواتبهم لمدة سبعة أشهر، بالإضافة إلى قطاع الخدمة المدنية، حيث بقي الموظفون المدنيون دون رواتب لأشهر.
ويبين التقرير أن المنطقة تحاول الحفاظ على وضعها منطقة آمنة، وتمنع تعرضها لهجمات، كتلك التي ضربت تركيا وسوريا والعراق، فبدأت بإجراءت أمنية جديدة، مثل إقامة حواجز تفتيش على نقاط العبور؛ لفحص الداخلين للإقليم، وجاء في وثائق الحكومة أن "الإجراءات جاهزة، وسيتم تطبيقها على طول الجبهة ونقاط الدخول في حالة حدوث خروج جماعي للسكان".
وتورد الكاتبة أن المحللين يحذرون من عدم قدرة أي خطة على مواجهة موجات جماعية، مستدركة بأنه حتى لو استطاعت حكومة كردستان منع دخول المليشيات، إلا أن وصول موجات جديدة قد تؤدي إلى توترات إثنية وطائفية، ونزاعات على المناطق، حيث أثار تقدم الأكراد في العراق وسوريا شكوكا حول طموحاتهم بين حكومات المنطقة والسكان العرب، الذين يخشون من تغيير خريطة المنطقة في وقت يستمر فيه الأكراد في السيطرة على مناطق جديدة.
وتنقل الصحيفة عن مدير دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان فلاح مصطفى، قوله: "كل المناطق التي حررتها قوات البيشمركة ستظل في يدنا".
ويبين التقرير أنه "لولا الدعم الجوي الأمريكي لما استطاعت هذه القوات السيطرة على هذه المناطق، التي تعادل مساحتها نصف مساحة إقليم كردستان، ومن أهمها السيطرة على مدينة كركوك التي دخلتها البيشمركة في صيف 2014، ومنذ ذلك الوقت تعالت أصوات النازحين، الذين قالوا إن البيشمركة منعتهم من العودة إلى قراهم، التي خرج منها تنظيم الدولة، ومعظم هؤلاء من العرب والأيزيديين، الذين عبروا عن مخاوفهم من تذرع البيشمركة بذريعة الأمن للسيطرة على مناطقهم، والوضع ذاته في سوريا، حيث عزز تقدم الأكراد بدعم أمريكي مخاوف العرب هناك، وهو ما دفع تركيا للتدخل مباشرة في الحرب، في محاولة منها لمنع الأكراد من تحقيق مكاسب جديدة".
وتقول هاريسون إن مشاركة الأكراد في الحرب ضد تنظيم الدولة أدى إلى تدفق الدعم الغربي المالي والعسكري، بحيث عزز من الآمال في منطقة حكم ذاتي في سوريا، ودولة مستقلة في العراق.
وتختم "أوبزيرفر" تقريرها بالقول إن "الإنجازات متوازية، وتعكس زيادة في ثقة الأكراد وقوتهم، ولا تعبر عن خطوات لإنشاء كردستان المستقلة، فلا يوجد ذلك الود الكبير بين الأكراد العراقيين والجماعة التي تقود قوات الأكراد في سوريا. وحتى في داخل كردستان العراق تظل الوحدة بين الحزبين الرئيسين هشة، فالحزب الحاكم والمعارضة يخوضان حربا أهلية منذ عقود، وقد تؤدي الأزمة الاقتصادية إلى إشعال العداوات القديمة".