روى عنصر في
تنظيم الدولة لصحيفة بريطانية، خطط التنظيم للمستقبل بعدما مني بهزائم متكررة في سوريا والعراق، زاعما تغاضي
تركيا عن إدخال شحنات الأسلحة إليهم عبر الحدود، مقدما تفاصيل جديدة لما حدث في
جرابلس السورية.
ونقل معد التقرير في صحيفة "
إندبندنت" باتريك كوكبرن، من دمشق عن العنصر في تنظيم الدولة عبر تطبيق "واتس أب" من خارج سوريا، أنه يدعى "فراج"، موضحا أنه مقاتل قديم في تنظيم الدولة من شمال شرق سوريا، يبلغ من العمر 30 عاما.
وقال فراج وفق تقرير الصحيفة الذي ترجمته "
عربي21"، إن تنظيم الدولة ينوي إعادة بناء قوته في السعودية ومصر وليبيا، وإن التنظيم "لديه عملاء كامنون في كل أرجاء العالم، وإن عددهم آخذ في الازدياد".
وأضاف أنه منذ إعلان تنظيم "دولة الخلافة" في الموصل عام 2014، فقد كان التنظيم يعلم أنه يمكن هزيمته عسكريا.
ونقل كوكبرن عن العنصر في تنظيم الدولة قوله: "عندما سمعت من أمراء التنظيم أن التنظيم سيفوز حتى لو هُزم عسكريا في العراق وسوريا، ظننت أنهم يقولون ذلك لشحننا وتشجيعنا. لكننا سرعان ما عرفنا أن زعماء التنظيم كانوا يتخذون إجراءات عملية لإقامة قواعد للتنظيم حول العالم، وأن أحد القادة الليبيين أخبره منذ أكثر من عام أنه ذاهب إلى ليبيا لمهمة بعينها وسيعود بعد شهرين".
وقال فراج إن القوى العالمية لا تقدر صلابة وتحمل التنظيم، ولا تفهم جاذبية أيديولوجية التنظيم بالنسبة لهؤلاء الذين يرفضون الأمر الواقع.
ولفت فراج للصحيفة، إلى أنه مسلم سني من إحدى القرى بين الحسكة والقامشلي شرق سوريا، وأنه على درجة جيدة من التعليم، إذ إنه حصل على درجة في التربية من جامعة الحسكة، وانضم مع أسرته عام 2012 إلى جبهة النصرة، التي كانت امتدادا لتنظيم القاعدة وتحولت مؤخرا إلى جبهة فتح الشام. وأوضح أنه عندما دخل عناصر تنظيم الدولة إلى قريته، خيروه بين أن يغادر القرية أو أن ينضم إليهم، فقرر الانضمام.
الانسحاب من جرابلس
ولفت فراج في معرض حديثه إلى أنه لم يعد مقاتلا بسبب خلافات لم يشرحها، مع التنظيم، لكنه لا يزال يؤيد التنظيم. وقدم سردا لما يقول إنه شاهده بنفسه للتطور داخل التنظيم، خاصة علاقته بتركيا، وفق زعمه.
ونقل كوكبرن عن فراج أنه لا يرى جاذبية تنظيم الدولة في تطرف فكره الديني، ولكن في كونه وسيلة منظمة فعالة للاحتجاج. وقال فراج إن "تنظيم الدولة هو الحل الأفضل لتصحيح مظالم النظم القمعية في المنطقة".
وقدم فراج تفسيرا مختلفا لما حدث في جرابلس السورية، إذ إنه قال: "عندما دخل الجيش التركي إلى جرابلس، تحدثت إلى أصدقائي الذين كانوا هناك. في الواقع، لم يغادر رجال التنظيم جرابلس، ولكنهم فقط حلقوا لحاهم"، وفق قوله.
وقال: "عندما جاء التنظيم كان السكان المحليون سعيدين بهم ورحبوا بقدومهم. فالناس كانت تعتقد أن التنظيم سيكون المنقذ، ولكن هذا القبول لم يجد ترحيبا نفسيا واجتماعيا، فلا يمكن للناس أن تقبل القادة الأجانب".
ودلل على ذلك بأنه "على سبيل المثال، اشتكى الناس في الرقة عندما استخدم أمير سعودي القوة البدنية لإجبار امرأة على ارتداء النقاب. السكان المحليون سيكونون منزعجين عندما يتدخل شخص غريب في حياتهم، ليس باعتباره ضيفا، بل بوصفه حاكما يجب على الناس أن يطيعوا أوامره". وقال: "كنت غاضبا عندما أمرني الرجل التونسي بأن أذهب إلى المسجد، وضربني على الظهر بعصا".
وأوضح أن "هذا هو النمط في جميع أنحاء سوريا والعراق"، مضيفا أن "الأنصار قد لا يحبون الطرف الذي ينتمون إليه، ولكن على الأقل فإن هذا الطرف يمكنهم من محاربة عدوهم الذي كانوا يخشونه ويكرهونه".
واستشهد بمثال على ذلك، بالقول إن واحدا من قادته في وقت سابق، يدعى أمير الكردي أبو العباس-الكردستاني، قال إن تنظيم الدولة كان مثاليا بالنسبة له، لأنه كان "الخيار الأفضل للناس المظلومين"، وقدم له "الفرصة للانتقام".
تعاون التنظيم مع تركيا
وزعم فراج وجود تعاون بين تنظيم الدولة وتركيا، ودلل على ذلك مستخدما معارك الدفاع عن تل أبيض، التي وقعت قبل ذلك بعام، وهي معبر مهم بين تركيا وسوريا كان التنظيم يسيطر عليه.
وقال فراج إنه في صيف 2015، تقدمت وحدات حماية الشعب الكردي من الشرق والغرب، وتمكنت بدعم جوي أمريكي من السيطرة على تل أبيض في حركة التفاف جعلت من الصعب على مسلحي التنظيم الدفاع عن البلدة.
وكان فراج أحد أفراد القوة التابعة للتنظيم المشكلة من 150 رجلا لمقاومة هجوم الوحدات الكردية.
وقال إن "تركيا كثيرا ما ساعدت التنظيم.. عندما كنت في تل أبيض في أيار/ مايو 2015، تسلمنا الكثير من الأسلحة والذخائر، دون أي صعوبات، من حرس الحدود".
ولفت كوكبرن إلى أن الأكراد كثيرا ما وجهوا ذلك الاتهام لتركيا، لكن هذه هي المرة الأولى التي يؤكد فيها مقاتل من التنظيم المزاعم حول مشاركة تركيا للتنظيم في المعركة.
وقال الكاتب في صحيفة "الإندبندنت"، إن المسؤولين الأتراك كانوا دائما ينفون أي اتهامات بالتواطؤ في أي عمل مع تنظيم الدولة، أو حصول التنظيم على أي أسلحة عبر تركيا.
وأضاف الكاتب أن المدافعين عن سلوك تركيا، في ما يتعلق بتسامحها مع تنظيم الدولة، يقولون إنه كائنا ما كان الذي حدث بين تركيا والتنظيم، فإن العام الماضي شهد حربا بين الطرفين بعد الهجمات المتكررة للتنظيم داخل تركيا، بما في ذلك الهجوم على مطار إسطنبول الدولي الذي أدى إلى مقتل 42 شخصا، ثم الهجوم الانتحاري على حفل زفاف كردي في غازي عنتاب، الذي أسفر عن مقتل 54 شخصا بينهم 21 طفلا.
وختم الكاتب بالقول إنه على الرغم من الخطابة التي يتبعها الرئيس التركي أردوغان، فإن الرد المنضبط للتنظيم على التدخل التركي، يوحي بأن التفاهم بين تركيا والتنظيم، الذي كان واضحا للغاية في الماضي، لم يمت بالكامل، وفق قوله.