استبعد سياسيون ومحللون سعوديون ومصريون، أن تتراجع سلطات الانقلاب في
مصر عن قرار ترسيم الحدود بينها وبين
السعودية، الذي أقر بتبعية جزيرتي
تيران وصنافير بالبحر الأحمر للرياض، مشيرين إلى أنه لا يزال أمام حكومة الانقلاب "متسع للسير في إجراءات بطلان قرار محكمة القضاء الإداري بمصرية الجزيرتين".
وعقب قرار القضاء الإداري؛ قال مصدر قضائي بهيئة قضايا الدولة (الممثلة للحكومة) إن الهيئة ستطعن على حكم بطلان اتفاقية تيران وصنافير، ولكن عقب الاطلاع على حيثيات الحكم.
وتوقع رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي السابق، الدكتور صدقة يحيى فاضل، أن "تتأثر العلاقات بين مصر والسعودية سلبا، في حال قررت الحكومة المصرية التراجع".
الرأي النهائي للسلطة التنفيذية
وقال فاضل لـ"
عربي21": "لا أعتقد أن السلطة التنفيذية في مصر ستلغي هذه الاتفاقية، وهي بانتظار مصادقة مجلس الشعب عليها"، مشيرا إلى أن "الرأي النهائي يجب أن يكون للحكومة ممثلة في السلطتين التنفيذية والتشريعية".
وحذر من أن التراجع "يُعد نقضا للعهود، وهو أمر سلبي سيكون له تداعياته، وسيؤدي إلى بعض الآثار على العلاقات السعودية-المصرية"، مستدركا بالقول: "لكن العلاقات بين البلدين هي علاقات استراتيجية، وأبدية، لا تتأثر كثيرا بالأحداث مهما كانت".
واعتبر فاضل أن رأي القضاء المصري ببطلان الاتفاقية "إجراء قضائي، في حين أن السلطة التنفيذية تؤيد الاتفاق، ووقعت عليه، ونحن هنا في السعودية ننظر إلى الجزيرتين باعتبارهما سعوديتين، بغض النظر عن الحكم القضائي الأخير".
الحكم لن ينفذ
على الجانب الآخر؛ توقع السفير إبراهيم يسري، مدير إدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية الأسبق، ومنسق حملة "لا لبيع الغاز للكيان الصهيوني"، أن تضرب حكومة الانقلاب بمصر قرار محكمة القضاء الإداري بـ"عرض الحائط".
وقال لـ"
عربي21": "سبق وأن حصلت على حكم بات ونهائي من المحكمة الإدارية العليا بوقف تصدير الغاز لإسرائيل، وألقته الحكومة في الزبالة"، على حد تعبيره.
وأكد يسري أن "الحكم القضائي نافذ، وعلى الحكومة تنفيذه، إلا إذا أوقفته المحكمة الإدارية العليا"، مضيفا أنه "على جميع الأحوال؛ لن يكون له تأثير في العلاقات المصرية-السعودية، فالنظام لا يحترم قانونا ولا دستورا ولا حكما، وسيمرر الاتفاقية، ولا يوجد لدى السعودية أي قلق بشأن هذا الحكم؛ لأنه لن يتم تنفيذه".
مأزق للنظام
بدوره؛ رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، أن السلطات المصرية تعاني من حالة تأزم حقيقي في العديد من الملفات التي فشلت في التعامل معها، مؤكدة أنها "في موقف لا تحسد عليه".
وقال لـ"
عربي21" إن "السلطة التنفيذية إذا وافقت على الترسيم؛ فهذا يعني تحديا للسلطة القضائية، وأنها منفصلة عن رأي الشعب"، داعيا إلى "بناء العلاقات الاستراتيجية بين السعودية ومصر على أساس المصالح المتبادلة على الناحيتين".
وأكد أن النظام في مصر "لا يستطيع أن يستمر في الدفاع عن سعودية الجزيرتين، والحكمة تفرض على السعودية أن تقبل هذا الأمر وتتعامل معه بصدر رحب"، مضيفا أن "السعودية ليست في حاجة للجزيرتين، وأرى أنهما لن تزيداها إلا متاعب، وستورطاها في علاقة مع إسرائيل هي في غنى عنها".
موقف حاسم
أما مجدي حمدان، القيادي السابق بجبهة الإنقاذ المعارضة للرئيس محمد مرسي؛ فذهب إلى القول بأن السعودية "سيكون لها موقف حاسم، في حال عدم التزام النظام في مصر بقرار ترسيم الحدود بين البلدين".
وقال لـ"
عربي21": "ستسحب السعودية يدها من الدعم الكامل لمصر، فالرياض تضع مصالحها في المقام الأول، وهناك شواهد في خلافات سابقة على بعض الجزر في الخليج العربي".
وأكد حمدان أن "النظام في مصر سيفعل ما بوسعه من أجل إثبات سعودية الجزيريتن، وربما يلجأ إلى حل وسط بقبول التخلي عن جزيرة واحدة من الجزيريتن، لأن هناك انقساما شديدا في المجتمع، وهناك دوائر انتخابية هددت نوابها بالضرب بالحذاء، في حال صوتوا لصالح سعودية الجزيرتين".