رد زعيم حركة
النهضة راشد
الغنوشي، على ما ذكره حمودة
بن سلامة، الوزير السابق في نظام المخلوع زين العابدين
بن علي، الذي قال إن "الرئيس كان اقترح على حركة النهضة، قبل انتخابات 1989، أربعة أو خمسة مقاعد في مجلس النواب"، مؤكدا أن إجابة الغنوشي كانت آنذاك: "اللي يعطينا مبروك"، في إشارة إلى مبدأ القبول، بحسب بن سلامة.
ونفى الغنوشي، في تصريح لصحيفة "الصريح" اليومية، الأربعاء، ما قاله بن سلامة، قائلا إنه "ادعاء باطل، ومع احترامي للصديق بن سلامة؛ فإن ما قاله غير دقيق، مع تقديرنا لحسن نيته".
وتمسك الطبيب والحقوقي ووزير الشباب والرياضة الأسبق بن سلامة، في مقابلة له على إذاعة "موزاييك"، الأربعاء، بتصريحه، مؤكدا أنه كان "شاهدا على وجود تجاوب إيجابي من القيادة الإسلامية على هذا العرض حينها".
إقصاء ومحاكمات وسجون
واعتبر بن سلامة أن كلامه "يصب في مصلحة الإسلاميين؛ لأنهم أظهروا استعدادهم للعبة الديمقراطية منذ البداية"، لافتا إلى أن تصريحه سيساهم في دحض إشاعة "ولائهم للخارج"، بحسب تعبيره.
وأضاف أن "بن علي أراد حينها تطعيم مجلس النواب بنسبة 25 بالمئة من الأعضاء، من غير حزب التجمع الحاكم"، مؤكدا وقوع عملية تزوير للانتخابات سنة 1989، "بعدما نزل الإسلاميون بثقلهم، فكانت المفاجأة لبن علي بقدرة هؤلاء على التعبئة في الانتخابات".
ولفت إلى أنه "لو لم يتدخل بن علي لتزوير نتائج الانتخابات؛ لحصلوا على نسبة تتراوح بين 30 و40 بالمئة من مقاعد البرلمان حينها، وهي نفس تقديراتي الشخصية للنتائج قبل الانتخابات".
وعن سؤال "هل يتحمل الاسلاميون مسؤولية ما حصل لهم من بن علي؟"؛ أجاب بن سلامة بأن الإسلاميين "كانوا على مدى نظامي بورقيبة وبن علي عرضة للإقصاء وعدم الاعتراف بهم، إضافة إلى المحاكمات والسجون التي زج بهم فيها"، وفق تعبيره.
استدراج الإسلاميين
وأضاف الوزير السابق: "شهادة أمام الله والتاريخ.. الإسلاميون أظهروا في بداية نظام بن علي تجاوبا كبيرا، وتفاعلوا مع الوقائع بصفة إيجابية، وهذا في اعتقادي نتيجة طبيعية لتجربة العمل السياسي طيلة 10 سنوات، لكنني لو كنت مكانهم لما سمحت بالنزول بذلك الثقل والحجم في انتخابات 1989".
وقال: "كان لا بد من التعامل بقليل من التكتيك السياسي لتحقيق نسبة 10 بالمئة على أقصى تقدير في الانتخابات، فربما كان رد فعل نظام بن علي مختلفا عن نسبة 30 بالمئة".
واستدرك بن سلامة بقوله: "لكن ربما كانت نية بن علي أيضا خداع النهضة، واستدرج الإسلاميين للمشاركة في الانتخابات، لكشف جزء مهم من خلال الحصول على قاعدة بيانات المترشحين والمراقبين وغيرهم، لملاحقتهم فيما بعد، وهو ما حصل فعلا".
لقاءات متكررة
وفي سياق متصل؛ كشف بن سلامة، الذي أقاله بن علي في شباط/ فبراير 1991، في مقابلة له مع صحيفة "آخر خبر" الأسبوعية، أن بن علي كلفه في مناسبات كثيرة بتنظيم لقاءات متكررة، قال إن بعضها كان يتواصل إلى الفجر، بين قيادات الإسلاميين، على غرار راشد الغنوشي وعلي العريض وحمادي الجبالي، وقيادات من النظام، وذلك في مكتبه بالعاصمة.
وأكد بن سلامة أن "هذه الاجتماعات كانت تغضب وزير الداخلية آنذاك، الحبيب عمار، رغم علمه أنها كانت تتم بتعليمات من بن علي، مما يبرز التجاذب بين قيادات النظام السابق، ومحاولة عمار تعطيل مسار المفاوضات، وكذلك الهادي البكوش الوزير الأول" وفق قوله.
واعتبر أن الشخص الوحيد الذي كان يريد حلحلة ملف الإسلاميين، ودفع توجه الحوار بينهم وبين النظام؛ هو قريب بن علي، كمال اللطيف، الذي لم يكن له أي منصب في الدولة أو الحكومة، "لكنه كان بمثابة نائب الرئيس".
لقاء بين الغنوشي وبن علي
من جانبه؛ نفى الهادي البكوش، الوزير الأول الأسبق، ما جاء على لسان بن سلامة بأنه كان معارضا للمفاوضات بين نظام بن علي والإسلاميين بعد عام 1987، مؤكدا في تصريح لإذاعة "موزاييك" الأربعاء، أن لقاء ثلاثيا جمعه مع الغنوشي وبن علي.
وقال إن بن علي "أبدى خلال اللقاء موافقته المبدئية على الاعتراف بحركة النهضة بعد التوقيع على الميثاق الوطني، لكنه تراجع بعد ذلك ليدخل النظام في مواجهة مع الإسلاميين بعد شباط/ فبراير 1991"، على حد تعبيره.
وأضاف البكوش أن القيادي النهضوي نورالدين البحيري، وقع على الميثاق الوطني كقاعدة لتنظيم العمل السياسي في البلاد في تشرين الثاني/ نوفمبر 1988، بعدما شارك في كل الأشغال التمهيدية، إلى جانب ممثلين عن الأحزاب السياسية، ومكونات المجتمع المدني.