"ما أشبه الليلة بالبارحة.. تبرئة بعد الوفاة" مقولة كررها العديد من النشطاء في
مصر، عقب تداول نبأ تبرئة الطبيب طارق الغندور من قبل محكمة النقض، لكنه حكم جاء متأخرا عاما ونصف العام بعد وفاة صاحبه بنزيف حاد داخل المعتقل؛ استمر ست ساعات دون إسعاف.
طارق الغندور؛ طبيب الأمراض الجلدية بجامعة عين شمس، والقيادي بحزب الحرية والعدالة، اعتقل من منزله بتهمة رفع شعار رابعة العدوية وتكدير السلم العام والانضمام لجماعة محظورة، وأيدت محكمة أعلى الحكم عليه بالحبس لخمس سنوات في 14 كانون الأول/ ديسمبر 2014.
ويتهم النشطاء سلطات سجن طرة بتعمد "قتل" الغندور، حيث أصيب في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، بنزيف حاد بدوالي المريء استمر ست ساعات متواصلة دون أي محاولات من قبل إدارة السجن لإسعافه، حتى توفي، لتقوم بعدها سلطات السجن بتركيب أجهزة التنفس عليه والتقاط صورة له، وهو ما وصفه شقيقه أسعد بـ"عملية شرعنة الجريمة وكأنه توفي تحت الرعاية، رغم أنها ركبت بعد وفاته في مسرحية تهدف لتغطية ما حدث".
وبعد مرور عام ونصف على وفاته، ألغت محكمة النقض، في 21 أيار/ مايو الجاري، الحكم بالسجن لخمس سنوات وأمرت بإخلاء سبيله، ما أثار غضب النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استعادوا ذكريات تبرئة متهمي عرب شركس بعد إعدامهم!
وضمت قضية عرب شركس سبعة أشخاص تمت إحالة أوراقهم إلى المفتي في آب/ أغسطس 2015 لتأييد حكم الاعدام عليهم؛ بتهمة "استهداف حافلة جنود"، من بين تهم عدة أثبتت المستندات وشهادات الشهود أنها باطلة، لكن الجهات القضائية والأمنية لم تعر تلك الشهادات أي انتباه، لتنفذ الحكم في 17 أيار/ مايو 2015.
وأتت المفاجأة بعد ذلك، حيث قضت محكمة القضاء الإداري بعد يومين فقط من تنفيذ الحكم بالإعدام، بقرار إعادة المحاكمة ووقف قرار المدعي العام العسكري بالإعدام، وهو ما وصفه أهالي الضحايا بأنه "سخرية منهم ونكأ لجراحهم في فقدهم لأبنائهم ظلما".
تكرار الواقعة مع طارق الغندور دفع الناشط السياسي أحمد غانم للتعبير عن الحنق الذي شعر به العديد من النشطاء، فقال في منشور له على "فيسبوك": "اعتقلوه، سرق أمناء الشرطة سيارته ومبلغا ماليا كبيرا من بيته أثناء اعتقاله، حرموه من رؤية أهله، أغلقت عيادته وفقدت أسرته مصدر دخلهم، صادروا المستشفى التي وضع فيها "تحويشة" عمره بدعوى الإرهاب، ثم منعوا عنه العلاج في المعتقل ليظل ينزف بلا دواء ولا رعاية طبية حتى الموت".
وأردف غانم: "واليوم أخلت المحكمة سبيله وبرأته!! إنها قصة حقيقة بطلها أستاذ دكتور بكلية الطب، قصة حياة الشهيد طارق الغندور، الذي لولا أنه قريبي وأستاذي وأعرفه كما أعرف نفسي لقلت إنها قصة درامية غير واقعية".
وعلق الاقتصادي أحمد سعيد: "لم يعتقلوه لأنه دكتور ولكن اعتقلوه لأنه شريف، لم يعذبوه بدعوى أنه مجرم ولكن يعذبوه لأنه حافظ لكتاب الله، لم يصادروا أمواله بدعوى أنها من نصب أو سرقة، ولكن صادروا أمواله لأنه مجتهد، ولم يبرؤوه لأنه بريء ولكن برؤوه لأنهم قتلوه".
وأضافت مسؤولة الملف المصري في منظمة هيومن رايتس مونيتور سلمى أشرف: "د. طارق الغندور أخذ براءة، بعد ما سابوه يعاني لحد ما مات جوا السجن من سنة ونص".
وقال الإعلامي زين العابدين توفيق: "الدكتور طارق الغندور بعدما حبسوه ظلما عامين وتركوه ينزف حتى الموت قررت محكمة النقض إخلاء سبيله. لكن الله رفعه إليه وترك ذنبه في رقاب الظالمين يهوي بها في ظلمات بعضها فوق بعض إلى أن ينالوا الجزاء العادل في الدنيا والآخرة".
وقالت زوجة الغندور في مداخلة لها على قناة "الشرق" الفضائية: "احتسبنا طارق شهيدا عند الله لكن هذا القرار سخرية واستخفاف واستهتار".