فجرت تصريحات وزيرة الخارجية الليبية،
نجلاء المنقوش، عاصفة سياسية في
ليبيا سريعا ما وجدت طريقها نحو الشارع، الذي شهد
تظاهرات تطالب
الدبيبة بالرحيل.
ظهرت المنقوش في "بودكاست أثير" التابع لشبكة الجزيرة، متحدثة عن عدة قضايا، إلا أن القضية الأبرز كانت قصة لقائها مع وزير خارجية
الاحتلال السابق، إيلي كوهين، في آب/ أغسطس العام 2023.
وتناقضت تصريحات المنقوش مع حديث رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة على ذات المنصة في عدة جوانب، أبرزها هوية منسق اللقاء، وعلم الحكومة، فضلا عن قضية التحقيق بالحادثة.
جملة تناقضات
قالت الوزير الليبية الموقفة عن العمل، إن اللقاء بينها وبين وزير الخارجية الإسرائيلي السابق كان لقاء غير رسمي وغير معلن، وتم من أجل التحضير لمؤتمر الاستدامة، وتم التواصل والتنسيق مع حكومة الوحدة.
وأضافت أن "الاجتماع كان سريا للأغراض الأمنية واستراتيجية، وكان يناقش أمن البحر المتوسط والموارد المائية والطاقة"، موضحة: "لم أكن طرفا خلال التنسيق لعقد اللقاء مع الوزير الإسرائيلي، ودوري كوزيرة خارجية مكلفة بالحكومة، هو إيصال الرسالة من قبل الحكومة".
وأبدت المنقوش استغرابها من تسريب اللقاء مع الجانب الإسرائيلي، قائلة: "لا أعلم ما هو المبرر، والمشكلة لم تكن في التسريب بقدر ما كانت معالجة هذا الخبر".
وأشارت إلى أن "طبيعية عملي أن أقابل كل وزراء الخارجية، وأنا أقود الدبلوماسية الليبية، وجلوسي لا يعني الاتفاق مع أي طرف، وهذا واجبي كدبلوماسية تهتم لمصالح بلدها في الدور الأول".
تصريحات المنقوش تتناقض مع حديث الدبيبة مطلع العام الماضي، الذي أكد أن اللقاء كان عفويا، ولم يكن بتنسيق من أحد، كما أنه لم يوافق على الاجتماع، مشددا على أن ليبيا لم ولن تسمح بالتطبيع مع الاحتلال.
وأضاف على ذات المنصة، أن "حكومته شكلت لجنة تحقيق في الحادثة"، وكانت هذه الجزئية الثانية في التناقض، حيث نفت المنقوش استدعاءها لأي تحقيق.
وقالت نجلاء المنقوش، إنه "قد تمت إحالتي للتحقيق منذ آب/ أغسطس 2023، وحتى اليوم لم يستدعني أحد للتحقيق، والحكومة تقدم أعذارا دون إجابة".
وتابعت: "أحترم القانون، ومستعدة تمامًا للتحقيق لأثبت الحقيقة لليبيين الذين أحبهم؛ لأنه ليس لدي ما أخفيه عنهم".
وأشارت إلى أن "الحكومة اختارت أن أغادر إلى تركيا، ونسقت مع طائرة خاصة نقلتني إلى هناك، ووافقت لقرب المسافة من ليبيا، علهم يستدعوني للتحقيق".
وبعد تسريب اللقاء في ذلك الحين، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، إن وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش تحملت ضريبة المسؤولية ونتائج مخالفتها لموقف الحكومة الرافض للتطبيع.
كما أقال الدبيبة المنقوش من منصبها منذ ذلك الحين، حيث أثارت القضية غضبا شعبيا واسعا ترجم لمظاهرات في عدة مدن ليبية.
حكومة الشرق تدخل على الخط
قبيل عرض اللقاء، شن رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، هجوما على حكومة الوحدة الوطنية، قائلا إن "لقاء مسؤولين فيها مع العدو الصهيوني هو سقوط أخلاقي وقانوني، يجرمه القانون رقم 62 للعام 1957 بشأن مقاطعة الاحتلال".
وقال حماد إن "هذا اللقاء عمل مدان، ولا يمثل الشعب الليبي الذي نشأ على دعم القضية الفلسطينية، ولا يتوافق مع تشريعاتنا التي تجرم أي شكل من أشكال
التطبيع"، وفق قوله.
تصريح حماد تزامن مع إشادة من الوزيرة المقالة بحكومة الشرق الليبي واللواء المتقاعد خليفة حفتر، حيث قالت إنها " محظوظة باهتمام وتقدير من القيادة العامة ومجلس النواب والحكومة والمجلس الرئاسي، وحاولت أن تكون جسرا للتواصل بين الأطراف".
غضب عارم
وفجرت تصريحات المنقوش غضبا عارما في الأوساط السياسية والإعلامية الليبية وصل صداه إلى الشارع، حيث فور انتهاء عرض لقاء الوزير الليبية خرجت تظاهرات في عدة مدن تطالب بإقالة الدبيبة ومحاسبته، حتى وصل المحتجون قرب منزله في حي الأندلس غربي طرابلس.
كما شهدت مدن مصراتة وبني وليد والزاوية وصبراتة احتجاجات متفرقة على خلفية تصريحات وزيرة الخارجية السابقة بحكومة الوحدة، نجلاء المنقوش.
وقال مبعوث ليبيا الأسبق لدى الأمم المتحدة، إبراهيم الدباشي، إن "مقابلة نجلاء المنقوش تؤكد أنها قابلت وزير خارجية الكيان الصهيوني عن طيب خاطر، ودون أي تردد أو ممانعة".
وأضاف الدباشي في منشور على فيسبوك، أن "المنقوش التي لا علاقة لها بالدبلوماسية قالت إنها تؤمن أن الجلوس مع العدو من صلب العمل الدبلوماسي الحقيقي، لا يا سيدة الواقع يقول إن الجلوس مع العدو الصهيوني عمالة لدولة كبرى، ولا علاقة له بالعمل الدبلوماسي، إلا عندما يستهدف حل مشكلة قائمة لا سبيل آخر لحلها".
وهاجم الناشط الليبي أسامة شاهومي الوزيرة المنقوش، معتبرا حديثها "محاولة فاشلة لتبرير خيانة واضحة للشعب الليبي وقوانينه، وحديثك عن أغراض أمنية واستقرار ليبيا هو عذر واه لا يبرر خرق القانون الليبي رقم 62 لسنة 1957، الذي يجرّم التعامل مع إسرائيل".
وأضاف في منشور على منصة إكس، أن "النائب العام الصديق الصور، فلا نراه يتحرك إلا ضد الضعفاء، بينما تُترك الخيانات الكبرى دون عقاب. العدالة ليست استعراضا يا سيادة النائب العام، والشعب الليبي يطالب بمحاسبة كل المتورطين في هذه الجريمة".
كما طالب ناشطون ليبيون النائب العام، الصديق الصور، باستدعاء المنقوش للتحقيق عبر مذكرة قبض موجهة إلى الإنتربول.
واتهمه آخرون بالتقاعس عن أداء مهمته، حتى وضعته المنقوش في موقف محرج، عندما صرحت بأن سلطات التحقيق لم تستدعها للتحقيق في قضية التطبيع.