كشفت الحكومة
المصرية عن مخطط لنقل 21 منطقة تجارية، يعمل بها عشرات الآلاف من البسطاء (الغلابة)، إلى خارج محيط وسط القاهرة، في استغلال واضح لموجة الحرائق التي اندلعت في الآونة الأخيرة، بعدد من تلك المناطق، بدعوى أنها تفتقر لوسائل الأمان الصناعي، وأنها باتت تسبب خطرا بالغا على حياة قاطنيها.
وأبدى نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي دهشتهم من أن محافظة القاهرة لم تنتظر حتى إطفاء الحرائق، سواء في سوق الرويعي بالعتبة، أكبر أسواق الجملة بالقاهرة، وما تلاه من حريق بمنطقة الغورية بحي الأزهر، الأربعاء، ثم حريق "الدرب الأحمر"، الخميس؛ إذ أعلنت مخططها لنقل تلك المناطق.
واتهم محافظ القاهرة، جلال السعيد، أصحاب العقارات في العتبة بأنهم ارتكبوا مخالفات جسيمة، وأكد أنه قد تتم محاسبتهم جنائيا.
ولاحظ النشطاء أن محافظة القاهرة أعلنت قائمة بأسماء تلك المناطق، شملت "الغورية"، قبل أن يندلع فيها الحريق صباح الأربعاء، ما جعل نشطاء يحذرون من أن الدور قادم على بقية المناطق التي أعلنت الحكومة نيتها في نقلها.
ومن جهتهم، أكد عدد من الباعة والتجار صحة الحديث بأن تلك الحرائق متعمدة، وأن الحكومة متورطة فيها، كي يسارع الباعة بالانتقال منها، وكي يتم بيعها بمليارات الجنيهات إلى رجال أعمال، ومستثمرين نافذين.
وكان قد اندلع حريق بمنطقة الرويعي بحي العتبة، الأحد، وهو يوم الإجازة لعمال المنطقة، ومحالها، ما أسفر عن مصرع ثلاثة أشخاص، وإصابة العشرات، فضلا عن الخسائر المادية الفادحة التي قاربت المليار جنيه.
وأرجعت مصادر حكومية سبب الحريق إلى وجود مئات من المحلات والمخازن غير المُرخصة في المنطقة، وأنه غاب عنها جميع العناصر التي تم اشتراطها لاستخراج التراخيص، علاوة على وجود تجمعات لبضائع الباعة الجائلين، ما ساعد في زيادة اشتعال النيران بالمنطقة.
محافظة القاهرة تتحرك لتنفيذ خطتها
وبحسب تقارير إعلامية أعادت محافظة القاهرة النظر من جديد في وضع المحلات والمخازن غير المرخصة والباعة الجائلين بمنطقة العتبة بعدما التهمت النيران شارع يوسف نجيب، والشوارع المؤدية إليه.
وصرح نائب محافظ القاهرة للمنطقتين الشمالية والغربية، اللواء محمد أيمن عبد التواب، بأن حي وسط القاهرة يضم العديد من المهن التي لها علاقة بالأقمشة والأخشاب، التي تكون أكثر عُرضة لحدوث حوادث شبيهة لما حدث بمنطقة الرويعي بالعتبة بحي الموسكي، مشيرا إلى أن المحافظة تدرس نقل مثل هذه المناطق التجارية إلى أماكن بديلة أكثر أمنا، منعا لحدوث كارثة جديدة، وفق قوله.
وأضاف أن حي وسط القاهرة يضم 31 شياخة، وأن كل شياخة تمثل مهنة وبضائع مشهورة ببيعها، مشيرا إلى أن هذه الأماكن التي تُباع بها تلك السلع شوارعها ضيقة للغاية، ولا توجد بها عناصر الأمن والسلامة، التي تُشدد الدولة على توافرها، على حد قوله.
وتابع عبد التواب أن من أهم هذه الأماكن: شارع الأزهر وخان الخليلي والنحاسين والقماشين، والسروجية والخيامية والبطانية، ودرب السعادة والمناصرة ودرب البرابرة، والحمزاوي الصغير والكبير والغورية، بالإضافة إلى شوارع عبدالعزيز والبياضية والعشماوي.
وقال إنها جميعا محلات تجارية لبيع الذهب ومستلزمات الستائر والخشب والمفروشات والأختام والكروت، وغيرها، فضلا عن البازارات، وأنه سيتم نقل مغالق وورش الخشب، من وسط العاصمة للمكان الذي يتم تجهيزه بالقاهرة الجديدة.
دهشة النشطاء.. وحريق الدرب الأحمر
وأبدت الناشطة هدى حامد اندهاشها على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" من أن هذا الخبر (نقل 21 منطقة تجارية، بينها الغورية) قد نشر بصحيفة "اليوم السابع" قبل اندلاع حريق "الغورية" بساعات.
وسخر أحدهم قائلا: "مستنين دورهم".. فيما تساءل ناشط ثالث: "الدور على مين؟".
ويبدو أن الدور كان على "الدرب الأحمر" هذه المرة، إذ اندلع حريق في الساعات الأولى من صباح الخميس بالمنطقة، واحتل هاشتاج "الدرب الأحمر" قائمة الأكثر تداولا على موقع التدوين العالمي "تويتر"، بعد دقائق من اشتعال النيران في أحد مبانيه، واُعتبر الحريق الثالث في القاهرة خلال أقل من أسبوع، إذ كانت البداية مع حريق العتبة الذي استمر لأكثر من 20 ساعة، ثم حريق "الغورية" في الأزهر.
وقالت "جنة الرحمن" ساخرة: "توقع معنا الحريقة الجاي فين، واكسب طفاية حريق هدية"، في حين قال أحمد الصياد: "تشتهر مصر بالحرائق صيفا.. وبالغرق والتفجيرات شتاء.. مع انتشار الحالات الفردية في معظم أيام السنة".
وحذر جمال أحمد من أن "الدور جاي ع الكنائس، وافتكروا كلامي كويس عشان تكمل اللعبة القذرة من نظام الانقلاب"، على حد قوله.
وقال آخر: "أنا مع الرأي اللي بيقول.. إن الناس اللي في الوكالة والأزهر وخان الخليلي والمناطق التجارية، في وسط البلد.. يعملوا لجانا شعبية علي مداخل الشوارع.. بدل ما تصبحوا تلاقوا النار آكلة رأس مالكم، وبضائعكم..
السيسي بيحرق محلاتكم عشان تمشوا".
وقالت ناشطة: "تحترق الغورية، وقبلها بـ24 ساعة احترقت العتبة، ويبدو أن شيطان الحرائق لا يعمل إلا في منطقة معينة بوسط القاهرة".
وأضافت: "إلى السادة الباعة الجائلين في العتبة والرويعي: احمدوا ربنا أنه حرق المحلات، وإنتو مش فيها، زي ما حرق "رابعة" بالناس اللي فيها".
شهادات الباعة: عدالة الله
وفي هذا السياق، تناقل نشطاء شهادة أحد البائعين بالعتبة، التي قال فيها: "أقسم بالله يا جماعة دي عدالة ربنا، مش إحنا أيدنا السيسي اللي عمل كل البلاوي دي في البلد، وخلى مصر كلها في الأرض".
وأضاف: "فاكرين لما كنا بنمسك الإخوان اللي كانوا بيهربوا من الرصاص والغاز من رمسيس، ويدخلوا جري على هنا.. كنا بنضربهم ونقول لهم إنتوا اللي ضيعتوا البلد.. دي عدالة ربنا في الناس اللي اتقتلوا، وفي الرئيس الطيب اللي دخل السجن عشان الغلابة (يقصد الرئيس محمد مرسي)، عشان كان عايز مصلحة البلد".
واعترف باعة آخرون بضرب الثوار في "25 يناير"، وقالوا: "هي دي آخرتها.. يحرقونا؟"، واتهموا حكومة الانقلاب بحريق العتبة، وبقية المناطق، تنفيذا للمخطط الكبير.
واتهم حسن عبد المنعم، وهو أحد المتضررين من حريق الرويعي، الحكومة علنا بالتسبب في حريق العتبة، رغبة منها في إخلاء المنطقة من الباعة الجائلين قائلا: "الحكومة هي اللي حرقت علشان نمشي".
وقال في حواره لبرنامج "الحياة اليوم"، عبر فضائية "الحياة"، الأربعاء، إن السيناريو الواضح والبارز لدى جميع المتضررين هو أن الحكومة تسعى لهدم منطقة الرويعي، وإعادة بنائها، وتنظيمها من جديد لتوزيعها على عدد من رجال الأعمال والمستثمرين بتلك المنطقة، مع استبعاد الباعة "الغلابة".